الخرطوم: جمعة عبد الله 17 ابريل 2022م
تواصلت مُعاناة قطاعات واسعة من المواطنين بقطوعات الإمداد الكهربائي وشح المياه بعدد من احياء العاصمة، وهي معاناة وقطوعات باتت ثابتة وتكرّر كل عام في مثل هذه الاوقات التي تصادف بدء موسم الصيف، وشهر رمضان التي تشهد اعلى معدلات استهلاك، إلا ان استقرار التيار الكهربائي لا يزال حلماً بعيد المنال، وتزامن ذلك مع شُح الإمداد المائي بفعل أسباب متباينة ومنها العجز في اداء بعض المحطات النيلية ومطلوبات الصيانة الدورية وغيرها.
قطوعات يومية للكهرباء
وطوال الأشهر الماضية من هذا العام، ظلت قطوعات الكهرباء ثابتة عبر برمجة هي الأطول من نوعها، حيث كانت في السّابق تستمر لأقل من 4 اشهر، لكنها هذه المرة مُستمرّة بلا أفق للحل، ورغم تضرُّر القطاع السكني من القطوعات المبرمجة التي تستمر يومياً لفترة تتراوح بين “4 – 6” ساعات، إلا ان الخسائر كانت اكثر في القطاعين التجاري والصناعي، والأخير مُعَرّضٌ لخسائر باهظة بسبب غياب وعدم استقرار الخدمة، فيما لا تدّخر الوزارة وسعاً في بث التطمينات وتجديد التزامها بتوفير إمداد مستقر لكل القطاعات وتعزو التذبذب في الامداد لاعطال طارئة مع التعهد بمعالجتها بأسرع وقت لإعادة الخدمة.
وبحسب متابعات “الصيحة”، يعاني القطاع التجاري من قطوعات متطاولة تمتد يومياً لعدة ساعات مما يعيق استمرار العمل خاصة في الأعمال التي تعتمد على الكهرباء في تشغيل آلياتها ويضطر عدد من المتاجر لإغلاق أبوابها بسبب غياب التيار الكهربائي، فيما يعمل بعضها عبر تشغيل مولدات خاصّة لتوفير الكهرباء مؤقتاً لحين عودة التيار، أما القطاع الصناعي، فهو المُتضرِّر الأكبر نظراً لاعتماده على الإنتاج وأي توقف يؤثر سلباً على المصنع كما يؤدي غياب الكهرباء لتسديد أجور العمالة دون إنتاج فعلي، ما يعد “خسارة” لصاحب المصنع.
وقال إداري يعمل بأحد مصانع الزيوت لـ”الصيحة” مشترطاً حجب هويته، إن الكهرباء هي عصب العمل الصناعي وغيابها يمثل “خسارة مُؤكّدة”، موضحاً أن تكلفة تشغيل المولدات أيضاً عالية بسبب ارتفاع اسعار الجازولين، علاوة على أن بعض الآليات تحتاج لتيار منتظم وقوي وهو ما لا يتوفّر دوماً في المولدات.
شُحٌ في المياه
وبشأن قطوعات المياه، فحسب البيانات الصادرة من هيئة مياه ولاية الخرطوم، فقد أكدت أن هناك بعض المحطات تعرّضت للتخريب مؤخراً مما نتج عنه تراجع في الأداء.
وأكدت هيئة مياه ولاية الخرطوم على استمرار جهودها في معالجة نقص الإمداد المائي في عدد من مناطق الولاية.
وقال مدير عام الهيئة مهندس محمد علي العجب في تعميم صحفي، ان ارتفاع معدل درجات الحرارة يُضاعف من استهلاك المياه في فصل الصيف، موضحاً أن جهوداً تُبذل لمُضاعفة إنتاج المياه في المحطات النيلية والآبار الجوفية لسد النقص الحالي، وأشار العجب إلى دخول عدد من الآبار الجوفية لسد النقص في منطقة أمبدة بمربعات الثامنة والسادسة والرابعة، دار السلام مربع 5 ودار السلام مربع 29 ومربع 33، كاشفاً عن اعتداءات متكررة تتعرّض لها الخطوط الناقلة للمياه والشبكات من وقتٍ لآخر، مِمّا يؤثر بشكل كبير في الإمداد المائي، وأشار إلى الاعتداء على محبس (بلف) الخط الناقل للمياه بمنطقه الفطيماب والاعتداء على شبكات في محلية شرق النيل، وقال إن الاعتداء على خطوط المياه غير مبرر وسنواجهه بالقانون، ودعا المُواطنين في المناطق الطرفية الكف عن مثل هذه الممارسات التي تحرم قطاعاً عريضاً من المُواطنين من خدمة المياه، مُطالباً في ذات الوقت الأجهزة الشرطية والأمنية واللجان المجتمعية بالمراقبة واتخاذ ما يلزم من إجراءات للحيلولة دون تكرار مثل هذه الاعتداءات.
دعوة للإصلاح
ودعا خبراء اقتصاديون الحكومة لاتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية لمعالجة الوضع المعيشي المتدهور، ووقف نزيف العملة المحلية وتحسين معاش الناس، مشيرين إلى أن خروج الجماهير للشوارع في تظاهرات مستمرة كان بسبب مطالب اقتصادية بالدرجة الأولى، وحذّروا من مغبة تجاهل الإصلاحات المطلوبة لأنها ستزيد الوضع تعقيداً فوق ما هو معقد بالأصل، ونوهوا إلى أن السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة خلال العامين الأخيرين كان السبب المباشر في تفاقم حِدّة الوضع المعيشي، ومن الضروري مراجعتها.
وتشير المصادر ان شركات الكهرباء تعاني من قلة المورد البشري بنوعيه من المهندسين والفنيين بما لا يتناسب مع حجم الأعطال في الشبكة، ونقص الآليات مثل “الكرينات والبطاحات وعربات الطوارئ”، ونقص مواد العمل مثل الأعمدة والأسلاك والكوابل والفيوزات والعدّادات، وعدم تنفيذ خُطط التحسين المرفوعة في السنوات السابقة لفك اختناقات الشبكة.
وتقول المصادر إنّ أزمة الإمداد الكهربائي هي مظهر من مظاهر العجز الإداري عبر إفراغ الشركات من الكفاءات وتسخير قدرات قطاع الكهرباء لصالح أفراد كانوا خصماً على استقرار مؤشرات الإمداد وانسياب الخدمة، فأدى الأمر لفقدان الثقة بشكل شبه كامل في الخدمة المقدمة للمواطن.
ويتخوّف عبد اللطيف يوسف – مواطن – من تسبب الإشكالات التي تعاني منها المحطات الإنتاجية في استمرار القطوعات خلال الصيف الحالي، وقال لـ “الصيحة” ان التجارب علّمتهم أن استقرار التيار الكهربائي صيفاً يبدو حلماً “بعيد المنال” وفق ما اعتادوا عليه سنوياً، وقال إن المواطن لا يهمه سوى توفر الخدمة وعلى الجهات المختصة معالجة الإخفاقات السابقة لضمان عدم الاضطرار لوضع برمجة للقطوعات.
ويرجّح مُختصون أسباب الفجوة في إنتاج الكهرباء بحسب مُختصين لعدم كفاية مصادر التوليد القائمة وعجزها عن توفير الكميات المطلوبة من الكهرباء، بالإضافة لقلة اهتمام الوزارة ببقية مصادر التوليد الأخرى مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة التي يُمكن أن تسهم في سد فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء، وتعمد الوزارة لتلافي هذا النقص باتباع نهج “الترشيد الإجباري” أو ما يُسمى بالبرمجة.