17 ابريل 2022م
مع تزايد مُعدّلات الفقر، يبدو التمويل الأصغر نهر أحلام الفئات الأقل دخلاً في صحراء المُعاناة اليومية المستعرة بلهيب الأسعار كلما اتّسعت الفجوة التضخمية، ولكنه في الواقع ليس سوى سراب لا يروي ظمأ، ولا يسد رمقاً، نتيجة خلل بنيوي مزمن في جهاز مصرفي معطوب سواء كان خاصاً أو حكومياً، فكلاهما يتنصل عن المسؤولية الاجتماعية ويتعاطيان مع موجهات البنك المركزي في الإطار الرسمي اليومي الشكلي في حدود النصوص بدون اجتهادات وبدون روح، لأن رأس المال لا يعرف المشاعر كما قال كارل ماركس، واذا تجاوزنا العقبات والمتاريس التي تُوضع في وجه العميل منذ الخطوة الأولى التي تطأ فيها قدماه سيراميك أفرعها شديدة اللمعان كإجراءات فتح الحساب وغيرها، فإن شروط التمويل والضمانات التي تبدو ميسرة ليست سوى فخ، لأنها لا تعتبر مؤشر نجاح وحدها، لذا يشدد البنك المركزي على أهمية دراسة الجدوى، ولكن البنوك التي تلهث خلف الأرباح لا يهمها نجاح المشروع بقدر ما يهمها استرداد رأس مالها، لذا غالباً إجراءات التمويل شكلية وصورية تعتمد على العلاقات الشخصية ولا تركز على جوهر العملية من حيث الدراسات والمؤشرات والتنبؤات، ولم تقم على أي اجتهاد فكري أو نظري كتجربة دكتور محمد يونس في بنغلاديش، تجربة بنك قرامين الرائدة والباذخة التي استحق بموجبها جائزة نوبل، لأن الموضوع ليس تمويلاً وأخذ ضمانات على وحدة التمويل الأصغر في البنك المركزي والبنوك الأخرى والجامعات، تصميم مشروعات اقتصادية حقيقية ذات جدوى حقيقيّة تستوعب جهد الفقراء والناشطين اقتصادياً لتتكامل الجهود، مشروع من شأنه حماية صغار المُنتجين من أول مرحلة إلى آخر حلقة بدلاً من تمويل بدون أسس سليمة أصبح يهدد بقاء الأسر وتماسكها وبدل أن يكون حلاً يصبح مُشكلة.