عبد الله مسار يكتب: بر الوالدين
16 أبريل 2022م
دخل رجلٌ عجوزٌ إلى المحكمة ليقدم شكواه، فقال القاضي شكواك ضد مَن؟؟ فقال العجوز ضد ابني فلان، فنظر القاضي إلى مَن معه مِن القضاة مُستغرباً كلام العجوز، وسأله ماهية شكواه بالضبط؟؟
قال العجوز إني أطلب من ولدي مصروفاً شهرياً حسب استطاعته، قال القاضي هذا من حقك على ابنك دُون نقاشٍ أو جدالٍ، فقال العجوز يا حضرة القاضي رغم إنّي غنيٌّ وغير مُحتاجٍ إلى المال إطلاقاً، إلا أنّي أريد أن آخذ مصروفاً شهرياً من ابني.
فاستغرب القاضي مع الموقف وأخذ بيانات الابن واسمه وعنوان سكنه وأمر بإحضاره على الفور، واجتمع الابن وأبيه أمام القاضي وفي المحكمة.
عندها توجّه القاضي للابن سائلاً هل هذا أبيك؟؟ قال نعم سيدي القاضي إنه والدي، فقال القاضي هل تعلم أنّ أبيك تقدّم بشكوى ضدك يُطالبك بمرتب شهري وبمبلغ زهيد حسب قُدرتك، فقال الابن مُستغرباً كيف يطلب مني مصروفاً وهو يملك الكثير من المال ولا يحتاج لنقود أحدٍ، فقال القاضي هذا طلب أبيك وهو حُرٌ فيما يطلب، فقال العجوز يا سيادة القاضي لو حكمتم لي بدينارٍ واحدٍ في كل شهر سأكون سعيداً، بشرط أن أقبضه من يده دون تأخير، فقال القاضي، نعم سيكون لك ذلك بكل تأكيد فدعا الأب للقاضي بالصحة والتوفيق.
وأصدر القاضي حكمه على الابن وحكمت المحكمة بمصروف شهري واحد دينار فقط حسب رغبة الأب دون انقطاع، على أن يكون مدى الحياة، على أن يُسلّم من يد الابن للأب مباشرة دون وجود وسيط بينهما.
وقبل أن يترك الابن والأب القاعة، قال القاضي للأب لماذا فعلت ذلك، قال العجوز وهو يبكي اشتاق لرؤية ابني، هذا وقد أخذته مشاغله الكثيرة مني ولا أراه أبداً رغم أن قلبي مُتعلِّقٌ به شديداً، فهو لا يكلمني حتى على الهاتف، لأجل ذلك تقدّمت بالشكوى مُكتفياً بلقاء واحد كل شهر، فانهار القاضي ومن معه بالبكاء.
وقال القاضي للأب والله لو تكلمت بالسبب الحقيقي لأمرت بحبسه وجلده، فقال العجوز وهو يبتسم هذا الحكم سيؤلم قلبي.
هذه القصة توضح شفقة وحب الآباء لأبنائهم وحجم معزتهم في قلوبهم.
أيها الأبناء أن بر الوالدين يدخل الجنة وأن الجنة تحت أقدام الأمهات.
ولا يعلم الابن قيمة الوالدين إلا عندما يولد أنها الفطرة البشرية.
أيها الأبناء على والديكم فإنهم مفارقوكم دُون أن تعرفوا قيمتهم الحقيقية.
إنهم بيعكم الرابح اليوم وغداً وبعد غدٍ حتى قيام الساعة، بل عند الساعة.