تشكيل حكومة بمَن حضر.. سيناريو قادم
الخرطوم: آثار كامل 15 ابريل 2022م
في ظل التصعيد الذي تشهده البلاد، واستمرار خروج المُحتجين في مليونيات ما زالت الأزمة السياسية في السودان، تتصاعد وتسير بخُطىً متسارعة وتشهد كل يوم تطورات جديدة، فيما تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في ضغوطها بكل الاتجاهات من أجل ضمان استمرار العملية السياسية في السودان والحفاظ على الديمقراطية.
بينما تمضي المبادرة التي يقودها رئيس البعثة المتكاملة الأمم المتحدة (يونيتامس) فولكر بيرتس في السعي لإيجاد حلٍّ بجانب المُبادرة الوطنية التي تقودها أحزاب سياسية، بجانب تحرك الحزبين الكبيرين الأمة والاتحادي لإيجاد حلٍّ للأزمة وسط أجواء مشحونة بالشكوك والتوجس ما بين الرفض والقبول من قبل القوى السياسية، كل ذلك مقروناً مع سعي رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لاستكمال مؤسسات الفترة الانتقالية وتعيين رئيس وزراء مدني، وتشكيل حكومة مدنية بمن حضر تتوافق مع رؤية الجيش لاستكمال هياكل الفترة الانتقالية، خاصة وان البرهان أكد أكثر من مرة، حرصه على التوصل لتوافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم بإشراك كل القوى الثورية والوطنية، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.
القوى الطائفية على الخط
إنّ الفراغ السياسي العريض خلال المرحلة الماضية وبعد إقصاء مجموعة الأربعة قحت، وجد حزبا الأمة والاتحادي الديمقراطي سانحة لطرح مبادرة لإيجاد توافق على الحد الأدنى من الاتفاق، حيث نفضت القوى التقليدية الطائفية عن نفسها الغبار، وخرجت من تحت الرماد من خلال الخط الذي تقوده بالتسوية والتوافق والحوار، وذلك من خلال الطرح الذي قدمه زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد عثمان الميرغني المتمثل في مبادرة لحل الأزمة السياسية في البلاد وتحقيق الوفاق الوطني الشامل بإجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية بالتأكيد على قومية القوات المُسلّحة وكفالة الحريات العامة وتهيئة المناخ بالبلاد وإعادة الثقة بين المكونات من خلال إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، فيما يسعى حزب الامة بقيادة اللواء فضل الله برمه ناصر عبر طرح أفكار ومبادرات لإيجاد حل للأزمة، وسبق أن طرح برمة خلال حوارات وتصريحات خصّ بها (الصيحة)، حلولاً للأزمة الراهنة، وقال إن الحل يبدأ بتحديد الأطراف وهي معروفة القوى العسكرية والقوى المدنية والجلوس مع بعضها البعض بالمنطق والعودة للمسار الديمقراطي وتكوين حكومة مدنية ديمقراطية، وأضاف بأن القضايا العالقة الآن تحل بالتوافق أولاً والخروج بميثاق وطني تحدد فيه الرؤى لحل المشاكل والمضي في الترتيب لحل القضايا عبر ميثاق يوقع عليه الجميع بالتراضي.
ويرى مراقبون بأن الحكومات المتعاقبة في السودان حافظت على التركيبة السياسية والاجتماعية والطائفية دون المساس بها أو تحديثها وفقاً لمتطلبات الواقع السياسي المُتغيِّر، وربما سعوا إلى الإبقاء على عناصر هذه التركيبة وامتنعوا عن عصرنة المجتمع من أجل إعادة إنتاج سلطتهم من خلال تماهي الشعب مع الأحزاب العقائدية التي تلبس جلباب الدين وتستجدي التعاطف والتأييد السياسي.
إعلان حكومة مُقبلة
وفي خضم الضبابية التي تسود، تُجرى الترتيبات والمشاورات بين العسكر ومجموعة من القوى السياسية للوصول الى حكومة جديدة بعيداً عن الأحزاب الرافضة، فيما تتسارع الأخبار بقرارات مُرتقبة لرئيس مجلس السيادة بشأن ما تبقى من الفترة الانتقالية. وتشكيل التشريعي ومفوضية الانتخابات والترتيبات الأمنية ومفوضية مكافحة الفساد للخروج من حالة التوهان السياسي إلى بر الأمان والاستقرار.
حيث أكد ذلك العميد الدكتور الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة، حينما تحدّث عن تشكيل واقع سياسي جديد خلال الفترة القادمة بالاستفادة من كل المُبادرات الوطنية الخالصة التي تقودها الكيانات والجهات السودانية الحادبة على مصلحة السودان واستقراره والعاملة على إنجاح الفترة الانتقالية، وأضاف أنّ تشكيل الحكومة القادمة بكوادر خلاقة همّها السودان أمرٌ يمثل رغبة وخيارات الأغلبية الصامتة التي تأذّت من الفوضى والهمجية السياسية.
وحسب محللين سياسيين، فان المشكلة ليست في تشكيل الحكومة، وإنما في قبول التكليف وقبول الطرف الآخر في الشارع الذي يرفض التعامُل أو الحوار مع المكون العسكري وما زال يرفع اللاءات الثلاثة في ظل الانقسام الكبير والتباين في وجهات النظر وغياب الرؤية الموحدة بين المكونات السياسية.
إيجاد صيغة جديدة
ويرى المحلل السياسي أحمد الشيخ في حديثه لـ(الصيحة) بأن القوى التقليدية الطائفية التي تسعى لإيجاد حل للأزمة الراهنة لا تستطيع أن تقدم شيئاً، ولفت الشيخ بأنّ دورها سينحصر في إطار توطيد الشراكة مع المكون العسكري، ونوه بأنها عبارة عن احزاب تسعى لإيجاد صيغة لما حدث في (25) أكتوبر، ووصفه بأنه ليس انقلابا، ونوه بأن القوالب المجتمعية التي تداخلت مع السياسة وشكّلت نمطاً من الممارسة الحزبية أثّرت على مسيرة الديمقراطية من حيث ان قيادات هذه الأحزاب العقائدية تمارس دورها دون أي مؤسسية، بل تعتمد على ولاء طائفي وان ذلك يحسب على جدوى الممارسة السياسية التي تستند على الديمقراطية الحرة.
وفي ذات السياق، أكد أحمد ان البرهان يواجه ضغوطاً داخلية وخارجية في تشكيل حكومة مدنية ومازال حتى اليوم عاجزاً عن تشكيلها، خاصةً وان البلاد تعاني فراغاً دستورياً وتنفيذياً، ووصف أحمد فكرة الحوار السوداني – السوداني التي أطلقها (فولكر) سابقاً تأتي للإجماع والوصول والخروج من الأزمة السياسية الحالية والتوافق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام.