10 ابريل 2022م
وخد بالك..
إياك تنطق عنواننا هذا ملتحما؛ فيصير عرعر..
فعرعر هذه مدينة سعودية..
أما عر… عر – بالتفكيك – فهي لفظة مركبة تعني: أرح يا حمار..
وإن قلت عر فقط فالحمار يفهم أيضاً..
يفهم أن راكبه يستحثه على الانطلاق… ولكنا نصر على تكرارها..
كإصرارنا على تكرار أخطائنا السياسية..
فالحمار ليس غبياً كما يُشاع عنه؛ أو هكذا – على الأقل – يجزم الحكيم..
وكان بالحمير – توفيق الحكيم هذا – مغرماً..
أما نحن فلا نجزم – ولا نقسم – ولكنا نتوسم في الحمار بعضاً من ذكاء..
وربما يكون البعض هذا أكبر من ذكاء عديد البشر..
ويكفي أن تعمل بائعاً للبن؛ ثم تقود حمارك هذا إلى زبائنك في اليوم الأول..
وفي اليوم الثاني تُفاجأ به قد حفظ الدروب..
ولم أجرب امتطاء ظهر حمارٍ في حياتي سوى مرة؛ وكانت آخر مرة..
فقد ألقى بي من على ظهره..
فكدت أجد نفسي بين ظهراني أهل عرعر..
وبالمناسبة؛ ماذا يقول أهل عرعر هؤلاء حثاً للحمار على التحرك؟..
أو كانوا؛ من قبل إبدال الحمير بالفارهات؟..
أم أن اللفظة – ذات التكرار – هذه خاصة بالسودانيين فقط؟..
بمعنى أن حمير مصر – مثلاً – لا تفهمها..
وكل حمار – من ثم – يفهم لغة أهل بلده فيما يليه هو؛ عند مخاطبته هو..
ويُقال إن المك نمر استنجد بأهل قبيلةٍ ما ذات يوم..
أو – تحديداً – اليوم الذي علم فيه بزحف الدفتردار نحوه بغرض الانتقام..
وقد كان قتل صهره إسماعيل باشا..
فاعتذر له أهل القبيلة تلك بقولهم: معليش؛ اليوم عندنا سبق حمير مهم..
وإن صحت الرواية فلنحاول معرفة السبب..
فربما أخطأ الملك نمر في حقهم؛ كما أخطأ الخليفة في حق قبائل كثيرة..
فكيف تستغيث بمن أخطأت في حقه؟..
وحين احتاج المك نمر لفرسان تلكم القبيلة كان سباق الحمير أهم..
وكذا الأمر مع الخليفة عبد الله؛ من بعد..
فعندما احتاج لسيوف قبائل كان يسومها سوء العذاب تحججوا بما هو أهم..
حتى وإن لم يكن لديهم شيءٌ مهمٌ أصلاً..
فالمهم – عندهم – أن لا ينصروه على من قد يكون أرأف بهم منه..
وبالفعل كان المستعمر أشد رأفة… ورحمة..
وليس بالضرورة أن يكون عذبهم؛ فالتجاهل فقط يكفي للشعور بالغبن..
سيما إن كان معه تفضيلٌ لآخرين عليهم..
والخليفة فضَّل أبناء قبيلته على العالمين… وعلى السودانيين..
ويوم كرري كان طبيعياً أن لا يجدهم..
حتى وإن حضروا بأجسادهم – أو أُحضروا قسراً – فما وجد سيوفهم..
وعنترة كان قد رفض – قديماً – أن يكر مع قومه..
فهم يذكرونه – فقط – عند الشدائد؛ ويستحقرونه عند زوال الخطر..
فراجعوا أنفسهم؛ وأقروا بأخطائهم… وخطيئاتهم..
وإلى ذلك يشير في معلقته الشهيرة:
أثني علي بما علمت فإنني… سمح مخالطتي إذا لم أظلمِ
فإذا ظُلمت فإن ظلـمي باسل… مـر مذاقته كطعم العـلقمِ
والمهم؛ أن لا شيء يهمنا الآن..
أنا – ومن لم يكن مهموماً بشيء مثلي – من فرسان الكلمة أيام الإنقاذ..
فقد كانوا يتداولون – فيما بينهم – حكاية سبق الحمير..
فالسبق هذا أضحى سبةً تُلقى في وجه – وقلم – من لا يخوض معهم معاركهم..
أو بالأحرى؛ من لا يحارب لهم معاركهم..
فطوال ثلاثين عاماً – قال قائلٌ منهم – كنا نحارب بالنيابة عنهم..
وهم؛ إما وراء البحار… وإما وراء الستار..
وعندما سقط البشير – ونظامه – إذا بهم من كل حدبٍ ينسلون..
ثم يتجاهلونا – يقول آخر – كما تجاهل عنترةَ قومُهُ..
ثم – يقول ثالث – ليتهم بعد ذلك كله نجحوا في إدارة شؤون الدولة..
إذن – يمضي قائلاً – لكنا عوناً لهم..
ورابع يقول: أتارينا كنا حميراً في نظرهم؛ والآن يتهموننا بسباق الحمير..
أما أنا فقلت: ليتني أجد حتى ولو مثل حماري ذاك..
حماري الذي قذف بي من على ظهره… في زمنٍ بعيدٍ مضى..
ثم كدت أجد نفسي بين ظهراني أهل عرعر..
فأشارك به في أي سباقٍ للحمير..
بعد أن أصيح فيه: أرح يا حمار..
عر…عر!!.