عفواً السادة القراء لاختيار عنوان هذه الزاوية عبارة “جيفة ومتعفنة”، وردت أمس في مقال لأحد كتاب تحالف قوى الحرية والتغيير (قحت)، في وصف المجلس العسكري بهذه العبارات السوقية، التي تنم عن ضيق في الأفق.. وولوغ في العنف اللفظي والأذى الجسيم واللعب الخشن في مواجهة رجال شرفاء شجعان أنجبتهم المؤسسة العسكرية وأحسنت تأديبهم..
*وصف المجلس العسكري (بالجيفة المتعفنة) لا يليق بهؤلاء الرجال الأفذاذ، ولكنه يليق بمن يكتب من قاع الشارع، بعد أن أضحت الكتابة جفر موجع في بلد تنتاشه الصراعات والمؤامرات.. وتتسلل لصفحات صحفه السفارات عشية وضحى.. وسقطت كل القيم والأخلاق من أجل مغانم السلطة وتمت استباحة الحرمات في رابعة النهار الأغر.. إذا كان أداء المجلس العسكري دون الطموح والآمال والتطلعات ومهما ارتكب من أخطاء، فإن وصفه بالجيفة المتعفنة انحطاط في الخطاب العام، ومثل هذه العبارات تمثل العنف في أبهى تجلياته والعنف منبوذ ومرفوض.. لأنه يمثل بداية النهاية لوطن نصيبه من الاستقرار جد ضئيل..
*أعضاء المجلس العسكري لم تأت بهم رياح الهبباي من المجهول.. وهم من خيرة أبناء هذا الوطن.. عرفت بعضهم في مسيرة الحياة الطويلة ودروب الحرب في دارفور وجنوب السودان.. الفريق أول عبد الفتاح البرهان كان قائداً لمنطقة جبل مرة.. عرف بالشجاعة والإقدام وحب الناس ارتبط به كل من عرفه حتى طالب أهلنا الفور بتعيينه معتمداً لجبل مرة.. خاض الحرب ولم يفزع أو يولي الأدبار أيام الكريهة.. أما نائبه الفريق محمد حمدان حميدتي فشهادة أهل السودان في شجاعته وكرمه وحسن خلقه.. وعندما واجه الرئيس السابق عمر البشير ورفض ضرب المتظاهرين وقتل المعتصمين كان أغلب قادة النظام السابق لا يملكون شجاعة ابن بادية الرزيقات.. ولو كان حميدتي قاتلاً وسفاحاً للدماء لقتل المعتصمين إرضاءً للبشير وحمى سلطته من التصدع والانهيار..
*عرفت الفريق ياسر عبد الرحمن العطا أحد أكثر ضباط القوات المسلحة إقداماً في القتال.. وصبراً على دوي الذخائر.. يعرف قدر ياسر العطا من خاض غمار الحرب في فرجوك.. وخور انجليز.. وطروجي والريكة وحصار كادقلي.. كان ياسر العطا من الضباط المبعدين من الجيش ضمن خمسة كشوفات إحالة، لكن أداء الرجل وتمسك هيئات قيادة الجيش المتعاقبة بوجوده في الجيش قد عصمته من (مجازر) سيف الإحالة.. ارتبط ياسر العطا بالناس حيث أقام فكيف يصبح أمثاله (جيفة متعفنة)..!!
*منذ الحادي عشر من أبريل الماضي عرف الرأي العام ذلك الضابط النحيف الذي يتحدث بطلاقة ورؤية عميقة وفكر سياسي أنه الفريق شمس الدين كباشي حفيد الفكي علي الميراوي والسلطان عجبنا.. والمك أم دبالو وحامد الكلة وفضل هبيلا والبشرى سومي ابن جبال النوبة وقرية الكرقل.. كباشي الأكاديمي والمثقف والمؤدب والخلوق لا يصفه بالجيفة إلا من في نفسه غل ومرض لا شفاء منه.. وحسد وعدم احترام واحتقار للسلطة.. وتسفيه للرجال.. وتعدٍّ على الآخرين وازدراء كل القيم المتعارف عليها باحترام المؤسسات وتوقير الجيش مؤسسة وأفراداً.. لأنهم أهل تضحيات ومبادئ وقيم.. مالكم كيف تكتبون..!!