الخرطوم: مريم أبشر 8 ابريل 2022م
رهنت الولايات المتحدة مجدداً استئناف مساعداتها للسودان بعودة الحكم المدني. وقالت في بيان أصدرته الخارجية الأمريكية قبيل انطلاقة تظاهرة السادس من أبريل التي تتزامن مع الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر المجيدة، انها تُدين كل أشكال العُنف التي تستخدمها السُّلطات والأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين السلميين، الذين يشكلون كل أطياف الشعب السوداني القبلية والعمرية والمطالبين بالسلام والحرية والعدالة.
وقالت واشنطن وفق بيان وزارة خارجيتها، إنها تساند تحركات العملية السياسية التي تقف خلفها البعثة الأممية الخاصة بدعم السلام ويدعمها أصدقاء السودان، ورأت واشنطن أن مبادرة فولكر تمثل أفضل فرصة لاستعادة المسار الديمقراطي وإن الشعب السوداني هو الذي يقرر شكل الديمقراطية، مشيرًا إلى أن مبادئها الأساسية تتمثل في أن تكون بقيادة مدنية وأن توفر العدالة والازدهار والسلام وجدّدت دعوتها للأجهزة الأمنية بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في الاحتجاجات المُناهضة للحكم العسكري في السودان، والتي راح ضحيتها العشرات من المواطنين، بحسب لجان طبية معنية برصد الانتهاكات.
تعليقٌ
كما هو معلومٌ، فقد علقت الولايات المتحدة مساعداتها للسودان، عقب إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر العام الماضي والتي بموجبها تم اعتقال عدد من المسؤولين المدنيين في الحكومة الانتقالية.
واعتبرت واشنطن حينها أن اعتقال مسؤولين مدنيين في الحكومة السودانية يقوض انتقال البلاد إلى الحكم المدني الديمقراطي، وأنها تأخذ بعين الاعتبار “المخاوف المشروعة” بشأن عملية الانتقال في السودان، وقرّرت بناءً على ذلك حينها، تعليق تقديم المساعدات من المُخصّصات الطارئة بقيمة 700 مليون دولار تشكل المبلغ المُخصّص بكامله، حيث لم تسعف إجراءات البرهان الحكومة الانتقالية من تلقي اي دفعة من المبلغ الأمريكي المخصص للمساعدات الإنسانية وشهد يوم الأربعاء ترقباً حذراً، باعتبار ان السادس من ابريل يشكل نقطة فارقة، وأحد أيام السودان التاريخية التي سجلت البداية العملية لمقاومة الشعب لحكم الإنقاذ والانتصار عليه كما أسقط في السابق المشير جعفر محمد نميري، وانطلقت في الخرطوم تظاهرات حاشدة تحت شعار (الزلزال) رغم إغلاق الكباري ووضع المتاريس وإعلان الحكومة، السادس من أبريل عطلة رسمية.. خرج الملايين في أكثر من عشرين مدينة وحدثت مُواجهات شرسة بين المُحتجين والقوات العسكرية. وكان نتيجة ذلك ارتقاء روح شهيد حسبما أعلنته لجنة الأطباء المركزية بمنطقة شرق النيل بعد أن تلقى رصاصة في ظهره.
استئناف بشروط
الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من أصدقاء السودان المانحين ربطوا أي استئناف للمُساعدات للسودان بالعودة للحكم المدني واستعادة المسار الديمقراطي.
ويرى الدكتور والباحث الأكاديمي صلاح الدومة في حديث لـ(الصيحة)، روسيا التي يسعى إليها رئيس المجلس السيادي ونائبه لفتح قنوات تعاون معها لا يمكن التوصل معها لاتفاق دون قيام سلطة تشريعية، ولفت الى أن الحالة في السودان تسير الآن وفق ثلاثة اتجاهات متوازية ، اتجاه يمضي بذات خطى النظام البائد و اتجاه يمضي نحو التعاون مع المجتمع الدولي بما فيهم الولايات المتحدة ، غير ان الاخيرة رهنت منذ اجراءات الخامس و العشرين من اكتوبر اي تعاون لها باستعادة الحكم المدني، اما الاتجاه الثالث وفقاً للدومة فهو الشارع واستمرار التظاهرات و التصعيد، و يرى أنه برغم الأوضاع الاقتصادية القاسية و عمليات التتريس و الإغلاق التي تنفذها السلطات ، الا أن المتظاهرين و المطالبين بعودة الحكم المدني و تنفيذ المطالب التي قامت الثورة من أجلها لم تتناقص ، بل ان إصرارهم يزداد يوماً بعد يوم لتحقيق الهدف الذي من أجله قامت ثورة ديسمبر المجيدة.
الأكثر تحركاً وتفاعلاً
رغم حالة التشاؤم والإحباط وشبح العزلة الذي بات يلوح في الأفق، إلا أن بعض المتابعين لم يقطعوا العشم في قدرة السودان على تجاوز الأزمة وعودته مرة أخرى للساحة الدولية بذات الفهم، فقد أكد السفير والخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة في حديثه (للصيحة) ان العشم في عودة الحكم المدني واستعادة المسار الديمقراطي لم ينقطع، و اعتبر البيان الذي اصدرته الخارجية الامريكية بأنها على استعداد للنظر في استعادة استئناف الدعم الإنساني الذي جمد بعد قرارات البرهان في الخامس و العشرين من اكتوبر يعد مساندة و دعما للمبادرة الأممية التي يقودها مبعوث الأمين الخاص للبعثة الأممية فولكر بيرتس، و أضاف لا استبعد نجاح المبادرة ، لجهة انها المبادرة الأكثر تحركاً في الساحة السياسية والاكثر تفاعلاً من قبل القوى و المجتمع الدولي، و أشار الى أن الأمل في عودة الحكومة المدنية يظل مشروعاً، و أضاف قائلاً: لابد للعسكر ان ينسحبوا من الحياة السياسية، ولفت الى الموقف العام داخل الجيش بصورة عامة و هو ما صرح به نائب رئيس هيئة الأركان مؤخراً بضرورة تسليم السلطة للمدنيين، و ان يتفرغ الجيش لأداء مهامه الاساسية و هي حماية امن البلاد و حدودها، و نبه الى انه حتى و إن كان هنالك طموحٌ لبعض قيادات الجيش بالتمسك بالحكم ، الا ان الاتجاه العام داخل الجيش ترك الحياة السياسية و التفرغ لاداء المهام الأساسية له و في ظل كل ذلك فلم يستبعد كل المراقبين، رغماً عن انسداد الافق في ان يستعيد الشعب السوداني ثورته، وأن يستأنف المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة مساعداته للسودان مرة أخرى.