الخرطوم: الطيب محمد خير 6 ابريل 2022م
حذّر تقريرٌ دوليٌّ من إمكانية حدوث فجوة كبيرة في إمدادات الحبوب بالبلاد خلال العام الحالي في ظل استمرار أزمة اقتصادية غير مسبوقة في السودان، وتقول تقديرات برنامج الأغذية العالمي، إن عدداً من يواجهون مستويات من الجوع سيتضاعف بحلول سبتمبر إلى 18 مليوناً ستجبرهم المجاعة على بيع ما يملكونه من أصول أساسية حيث ينذر العام الجاري ملايين آخرين من السودانيين بالجوع، فالأسعار ترتفع والمحاصيل تتقلص وسط اضطراب في الاقتصاد وفي هطول الأمطار، وذلك في وقت تواجه فيه إمدادات الغذاء خطراً أكبر في ظل تعليق مساعدات أجنبية ومع الحرب الدائرة في أوكرانيا.
حرب الأسافير
رغم كل هذه التحذيرات المتكررة الصادرة من أكثر من جهة دولية ومحلية، تقول بإمكانية حدوث فجوة كبيرة في الحبوب بالسودان، لكن ظل الجدل والسجال والمغالطات متصاعدة بين مسؤولي وزارة المالية ومواقع التواصل الاجتماعي حول ما تم تداوله الأسبوع الماضي برفض وزير المالية بالحكومة الاتحادية شراء فائض قمح المزارعين حسب ما نقل عنه قول (الحكومة ما عندها قروش لشراء القمح).
وفي ذات الأثناء، سارع الدكتور عمر محمد مرزوق محافظ مشروع الجزيرة للتعبير عن قلقه من عدم التزام وزير المالية بتوفير الأموال لشراء القمح بالسعر التركيزي.
وفي المُقابل، قال وزير المالية نافياً ما نسب اليه بعدم امتلاك وزارته المال لشراء القمح من المزارعين، وأكد جبريل أن وزارته قررت شراء (300) الف طن قمح و(200) ألف طن من الذرة بالسعر التركيزي، في مقابل ذلك اضطر عددٌ من المُزارعين لبيع محصولهم من القمح في السوق بأقل من عشرة جنيهات من السعر التركيزي أي بواقع (30) الف جنيه، وحمّل المزارعون البنك الزراعي المسؤولية عن الخسائر التي لحقت بهم بعد رفضه شراء القمح بالسعر التركيزي، بحجة انه لم يستلم مكتوباً رسمياً من وزارة المالية بشراء القمح بالسعر التركيزي، حيث لا يزال البنك يتمسك بموقفه الرافض، ما دفع المُزارعين لبيع محصولهم بالخسارة لتغطية تكلفة الإنتاج.
المخزون الاستراتيجي
ولم تنقطع سيل التحذيرات من ضعف مستوى المخزون الاستراتيجي في البلاد في ظل التقلبات العالمية ما يهدد بحدوث فجوة غذائية، خصوصاً إذا فشلت الدولة في شراء قمح هذا الموسم، في وقت لوّح فيه المنتجون بعدم تسليمهم المحصول للحكومة في ظل إصرارها على السعر المُعلن 43 ألف جنيه سوداني لجوال القمح زنة 100 كيلو، ووصفوا السعر بالضعيف مقارنة بأسعار المدخلات وضعف الإنتاجية، لكن سرعان ما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتصريح وُصف بالصادم من قبل وزير المالية تجاه المزارعين وهو يعلن عجز الحكومة عن شراء محصول القمح حتى بالسعر التركيزي (الدولة ما عندها قروش لشراء القمح).
خطاب واضح
وقال الخبير الاقتصادي د. محمد الناير “للصيحة”: يجب أن يكون الخطاب الاقتصادي الإعلامي واضحا ومحدد الرؤى والرسائل المطروحة من خلال التصريح أو الحديث الصادر من أي جهة لها علاقة بالاقتصاد، وعدم فتح المجال للشائعات، وقال حديث وزير المالية حول شراء القمح تم نشره في منصات التواصل والمواقع وحتى الصحف قبل عدة ايام ولم يتم له اي تصحيح والنفي جاء متأخراً، والأصح ان تكون هناك يقظة ومتابعة لتوضيح الأمور على حقيقتها، لأن إجلاء الحقيقة مهمة نظراً للظرف الذي يمر به الاقتصاد السوداني من هشاشة، وبالتالي أي شائعة تكون مضرة يجب مُلاحقتها وتوضيح الحقيقة بصورة سريعة للغاية.
غرفة عمليات
أضاف د. محمد الناير ان على الدولة ان تدير ازمة الغذاء والشح الذي يتهدده بصورة عملية عبر تكوين غرفة عمليات عبر لجنة متابعة لإدارة الأزمة وتحديد حجم الفجوة الفعلي في الغذاء، وتقوم بحصر كافة السلع من الحبوب المتوفرة في البلاد، وتقوم بشراء كل الكميات المتوفرة من الحبوب سواء القمح او الذرة بأنواعها دون أن تضع سقفاً محدداً للشراء كما هو حاصل الآن بتحديد 300 ألف طن قمح و200 ألف ذرة ليس هذا المطلوب، المطلوب ان تقوم الدولة بشراء كل الكميات المتوفرة من المحاصيل بالسعر المجزي من المزارع، وذلك حتى تتمكن الدولة من بناء قاعدة مخزون استراتيجي جيد تستطيع أن تؤمن من خلاله اكتفاء البلاد من الغذاء لفترة الأشهر الستة القادمة وقد تزيد، الى جانب ذلك أن تتّجه الدولة لاستيراد الكثير من السلع الاستراتيجية باعتبار أن الحرب الروسية الأوكرانية إن طال أمدها حتما سيتأثر بها السودان الذي يعتمد على 50% من الحبوب على إنتاج روسيا وأوكرانيا.
ونبّه د. الناير الى ضرورة ان تتم الاستفادة من توجُّه الدول الخليجية للاستثمار في انتاج الغذاء بالسودان حتى لا نواجه تعقيدات سلاسل الامتداد الناتجة عن جلب الغذاء من أماكن بعيدة.