مُوازنة العام الحالي تجاهلت زيادة الإنتاج والإنتاجية
لا بُدّ من توافر الإرادة السياسيّة الحقيقيّة لمكافحة الفساد
لا بُدّ من وضع خُطط وطنية واضحة لخفض الفقر
في حوار لـ(الصيحة) قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، إنّ من يتولى دفة الأمر الاقتصادي في البلاد، قيادات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي، ولا تتوافر لديها أي خبرات أو كفاءة لطرح وتنفيذ رؤية واضحة لانتشال وتصحيح الوضع الاقتصادي المأزوم، محذراً من خطورة المشهد في ظل عدم وجود الحلول، مشدداً على ضرورة وضع خُطط وطنية واضحة تتضمّن تنفيذ سياسات تنموية في قطاعات الإنتاج لتقليل حدة الفقر، مُنادياً بالإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد.. “الصيحة” جلست معه وخرجت بالحصيلة التالية:-
حوار: سارة إبراهيم 5 ابريل 2022م
خُطط وطنية
لمعالجة الفقر في السودان، أولاً لا بد من وضع خُطط وطنية واضحة تتضمّن تنفيذ سياسات تنموية في قطاعات الإنتاج والخدمات، وبالشكل الذي يتيح المشاركة الفاعلة للفقراء في العملية الإنتاجية وتحويلهم من مستهلكين إلى منتجين مساهمين في التنمية مع تعزيز إدارة الموارد الطبيعية، سواء كانت زراعية أو صناعية أو تعدينية، مع إعطاء أهمية خاصة للقطاع الزراعي الذي يعتمد عليه نحو 80% من أهل السودان والاستثمار في البنيات التحتية وربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك ومنافذ التصدير ووضع سياسات تسويقية جاذبة للمنتجين مع خلق فرص عمل مُجزية لسكان المناطق الحضرية والريفية وتوفير الدعم الضروري لصغار المُنتجين.
تلبية الاحتياجات
يقبع السُّودان في المراكز الخلفية في مؤشر سُهولة الأعمال لعام 2020 والصادر عن البنك الدولي، حيث يأتي في المرتبة 171 من أصل 180 بلداً حول العالم ويعتمد على الاستيراد لتلبية نسبة كبيرة من حاجته الأساسية، بدءاً بالقمح، مروراً بمُستلزمات الإنتاج والأدوية والمحروقات، وانتهاءً بعلف الدواجن والكماليات.
تداعيات مُتتالية
وأدى نقص العملات الأجنبية إلى تداعيات متتالية، إذ تباطأ استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، ما انعكس سلباً على قطاعات الصناعة والتجارة والتصدير.
فأصبح المواطن السوداني يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة مع موجة ارتفاع كبيرة في أسعار الخدمات والمُنتجات نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بشكل حادٍ مؤخراً.
وضعٌ قاسٍ
تدهورت البنية التحتية بعد حزمة إصلاحات اقتصادية قاسية متعجلة دون توافر وسائل نجاحها ودون تخطيط مُسبق، أقرّتها الحكومة الانتقالية لمعالجة الوضع الاقتصادي، تلبية ًلشروط صندوق النقد الدولي، وهي إصلاحات ضاعفت من مشقة المُواطن السوداني، في ظل وضع اقتصادي قاسٍ وصعب بالأساس.
انتشال الوضع
عوامل كثيرة ساهمت في تأزُّم الوضع مُمثلةً في عدم استقرار الحالة الأمنية والسياسية بالبلاد، وتغييرات الجهاز التنفيذي للدولة في العام عدة مرات، وعدم استقرار دولاب العمل وتولي دفة الأمر في البلاد لقيادات لا علاقة لها بالشأن الاقتصادي ولا تتوافر لديها أي خبرات أو كفاءة لطرح وتنفيذ رؤية واضحة لانتشال وتصحيح الوضع الاقتصادي، إضافةً إلى عدم اهتمام مُوازنة العام الحالي بزيادة الإنتاج والإنتاجية، وذلك من خلال رفع أسعار الكهرباء والخدمات التي تدعم الإنتاج.
مُكافحة الفساد
لا بد من توافر الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحة الفساد، ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، وإصدار مجموعة من القوانين واللوائح التي من شأنها مُواجهته، وتمكين الجهات الرقابية والقضائية من القيام بدورها والتنسيق فيما بينها، وإصلاح مُستوى وأداء الجهاز الحكومي بتحسين الخدمات المُقدّمة للمُواطنين، وعقد دورات تدريبيّة لمُوظّفي الجهاز الإداري بالدولة لتعزيز قيم النزاهة لديهم، وتشجيع دور مُنظمات المُجتمع المدني على مُحاربة الفساد، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال التصدي لهذه الظاهرة من خلال الدخول في اتّفاقياتٍ.
أزمة مُستمرّة
هناك أزمة اقتصادية مستمرّة منذ 4 سنوات مع عدم استقرار سياسي وأمني، مما أثّر على مُجمل الأوضاع الاقتصادية في السودان.
مع إيقاف مؤسسات التمويل الدولية مُساعداتها وقروضها للسودان، وهو مما يجعل الحكومة تلجأ للتمويل بالعجز، فإدارة الاقتصاد السُّوداني مُعقّدة ومُتداخلة ولكن يُمكن جعلها سهلة.
بتشخيص العوائق والتحديات بالاقتصاد الجزئي في كل قطاع، وسَن القوانين والتشريعات وتسهيل الإجراءات، وزيادة الحوافز بكل قطاع حتى تتحسّن بيئة الأعمال في انتعاش الاقتصاد السوداني، كذلك تحقيق السلام وفاتورته مكلفة جداً، ما يزيد من تعقيدات المَشهد، وهو ما سيُؤثِّر سلباً على الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي والأمني في البلاد.
خُطورة
الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فإذا استقر الاقتصاد استقرت الأوضاع السياسية والعكس تماماً.
الآن نُعاني من ارتباك المشهد السياسي والاقتصادي معاً، ومن ثَمّ انعكاس ذلك على كافة أوجه الحياة وقد يزيد المشهد خطورةً إذا لم تكن هنالك حلولٌ عاجلةٌ بعيدة عن الوعود التي لم نجنِ منها شيئاً.