صلاح الدين عووضة يكتب : رمضان كريم..
5ابريل 2022م
والعقل بحاجة إلى الرياضة..
ولا يُستثنى من النصائح الرياضية كافة..
بل إنّ حاجته إليها لا تقل عن حاجة بقية أجزاء الجسد..
ورياضته تتمثل في تمارين المنطق؛ كيلا يضعف سياجه العقلاني..
فإن ضعف فقد يُصاب بعدوى نفسية… ومن ثم جسدية..
وليس بالضرورة أن يكون المنطق الفلسفي… بل يكفي المنطق في أدنى درجاته..
ونفصل أكثر مع الأمثلة… والشرح… والتبسيط..
فطالبات مدرسة السرايا – بدنقلا – كن قد أُصبن بحالات زائدة دودية قبل أعوام..
أُصبن بها جماعياً… خلال ثلاثة أيام متتالية..
وكان أمراً غريباً… وفريداً..
فالزائدة الدودية ليست من الأمراض المعدية المعروفة..
ومن قبل ذلك بنات مدرسة مصرية انفجرن في ضحك جماعي..
وكدن (يمتن من الضحك)… فقد كان ضحكاً هستيرياً مؤلماً..
ومدرسة أخرى – مصرية أيضاً – سرت بين طالباتها حالة إغماءٍ جماعي..
وفي بلادنا حدثت حالة تسمم جماعي بين طلاب بلا سبب..
أي بلا سبب (منطقي) يجعل حالةً مرضية واحدة تنتشر بين الجميع..
ثم تبعتها حادثة طالبات إحدى مدارس ربك..
وبالأمس شاهدت فيلماً أجنبياً اسمه (كائنات الظلال)..
وهو مقتبس من ظاهرة حقيقية… اُقتبس منها هي ذاتها فيلم (كابوس شارع إيلم)..
وبلادٌ أخرى في العالم شهدت مثل هذه الظاهرة نفسها..
وتبدأ الحكاية المُؤلمة – والقاتلة – دائماً بشخصٍ واحدٍ… ثم تنداح العدوى..
وخلاصتها توهم ظهور كائنات ليلية تستهدف الضحية..
وتكون الضحية – كما في بعض الكوابيس – في حالة يقظة منقوصة..
أي في حالة شلل… يَحُول دون تمام اليقظة..
فيرسخ في ذهن الضحية أن تلك الكائنات تريد قتله… فيحدث القتل بالفعل..
ولكن بعد أن يبث مخاوفه هذه لآخرين… فآخرين… فآخرين..
وكل من يصدق عقله وجود الكائنات هذه تزوره مرة ومرتين وثلاثاً… ثم تقتله..
أو بحسب التوصيف النفساني العلمي (يقتل نفسه بنفسه)..
وفي الفيلم المذكور لا تتوقّف حالة الموت خلال النوم هذه إلا بجهد علماء النفس..
فقد نجحوا في إقناع الناس بعدم ترك عقولهم (تصدِّق)..
وبعبارة أخرى نجحوا في تقوية السياج المنطقي للعقول… فتعقلت..
وفي كلمةٍ سابقةٍ تحدّثت عن مُواطن أمريكي جلب لنفسه مرض السرطان..
فقد ظل يتوهم أنه مصاب به رغم سلامة الفحوصات..
وفي يوم حذره صديق نفساني من مغبة (تصديق) عقله لمخاوفه النفسية..
فإن صدَّق العقل فسوف يأمر جسده بالتصديق..
وصدَّق العقل فعلاً… فالجسد… فمات؛ والقصة أوردتها مجلة الأبحاث العلمية..
وفي بلادنا هشاشة تكاد تكون جماعية في سياج العقول..
فهي تصدق الخرافات… والخزعبلات… و(الكتابات)… وكرامات بعض المتصوفة..
ولكن ثمة كائنات ظل أخرى كانت في حياتنا..
وتقاسمت مع التي نتحدّث عنها هذه كل شيء… حتى القتل… وتجنب الضوء..
وربما الفرق الوحيد أنها كانت حقيقية… وليست متوهمة..
ومن ثم فإنه ما كان يجدي معها نصائح نفسانية… ولا علمية… لا فلسفية..
وإنّما سياسية… وأمنية..
إنّها الكتائب التي اعترف بها علي عثمان… وجهر..
وذلك إبان اندلاع ثورة ديسمبر..
ثم يعيش حياته الآن في (الظل)؛ بعد أن ذهبت حيوات شباب إلى ظلال الموت..
كتائب الظل!!..