5 أبريل 2022م
قلنا في مقالنا البرهان في القاهرة وإنجمينا (1)، إنّ البرهان زار كلاً من يوغندا وجنوب السودان والإمارات والسعودية ومصر وإنجمينا، وقلنا إنّ زيارات البرهان وجدت ترحيباً حاراً في بعض هذه الدول وأقوى الاستقبالات (المصري)، وقلنا إنّ زيارات البرهان ذات دلالات مُهمّة في العلاقات بين السودان وهذه الدول، وقلنا إنّ أثرها ينتقل لخارج هذه الدول، وقلنا إنّ البرهان كان مُكبّلاً بالسلاسل والأغلال طيلة الفترة ما قبل 25 أكتوبر 2021م، ولكنه كسر هذا القيد، وقلنا إنّ الحكام المدنيين وبالضغط الخارجي خَاصّةً الغربي، أوقفوا حراك الدولة السياسي والاقتصادي، بل الأمني وحتى اثروا على العلاقات بين السودان وجيرانه، وبينه وبين العالم، وجعلوا السودان مُنهكاً ومُكبّلاً بالصراع الداخلي والمظاهرات المدعومة من دول الغرب وبعض الدول العربية التي تُريد أن تسيطر على القرار الوطني، وتنفذ مصالحها عبر هذه التحرُّكات الداخلية الهدّامة، وقلنا إنّ بعض دول العالم والعرب كانت تقديراتهم لحجم وقيمة ووزن السودان ضعيفة وخاطئة وفيها كثيرٌ من سُوء التقدير.
ولذلك كان تعاملها مع السودان أقلّ من قيمته وحجمه، ولذلك كانت تنظر إليه أنه مريضٌ وهزيلٌ لم تنظر إليه أنه عملاقٌ أصابه بعض الضعف والوهن المُؤقّت.
وكذلك كانت تعتقد أنّ اليسار سيطر على السُّودان والسُّلطة، وإن الذي قام في السُّودان ثورةٌ مُكتملة الأركان، ولذلك تعاملت بدرجات مُختلفة بعضها دعم وأيّد، وبعضها أيّد، وبعضها تحفّظ، ولكن الآن تكشّف الأمر لكل هذه الدول وهي الآن تعمل تقدير موقف، وتقرأ أمر السُّودان قراءة جديدة، وفي هذا الوضع الجديد قام البرهان بهذه الزيارات وكانت نتائجها مُختلفة، بعض الدول مازال موقفها ضبابياً، ولكن مختلفٌ من الموقف في صدر الفترة الانتقالية، وبعضها تغيّر موقفه واتخذ موقفاً مؤيداً للبرهان تأييداً عملياً بما في ذلك الدعم المباشر، وبعض هذه الدول تحدث معها البرهان حديثاً مباشراً حول ذلك دون مُواربة، لأن مصالحها تقتضي دعم السودان فوق التربيزة وليس تحت التربيزة والعمل (بوجهين)! كذلك بعضها طلب منه موقفاً واضحاً في دعم السُّودان الدولة والحكومة والوطن وإيقاف دعم الناشطين على حساب الدولة والنظام، بل إيقاف تحرُّك دبلوماسي لهذه الدول في الخرطوم، وإلا فإنهم عرضة لعدم الرغبة فيهم.
وبعض هذه الدول وجد منها مواقف إيجابية لصالح السودان محلياً ومع العالم، وبعضها وجد منه تأييداً مادياً وأمنياً لاستقرار السودان.
وعليه، زيارة البرهان لهذه الدول وجدت قبولاً وترحيباً من قِبل هذه الدول، بل وجدت تشجيعاً للسير في تنفيذ الفترة الانتقالية مع ضمان استقرارها وسلاستها ودعمها، وبعضهم نصحه في حال لا وفاق بين مكونات المجتمع السوداني المُختلفة بما في ذلك السياسية، الذهاب مباشرة إلى انتخابات رئاسية تحسم الجدل حول الصراع في الفترة الانتقالية، ولمن الغلبة والخروج من الشرعية الثورية والذهاب إلى الشرعية الدستورية وهي شرعية الانتخابات، كما أنّ بعضها أكد التدخُّل لدى الدول العظمى والمؤسسات الإقليمية والدولية للوقوف مع البرهان والدولة السُّودانية القائمة لاستقرار السودان ودعمه، وهنالك دول ترى لا بد من وجود برنامج اقتصادي استثماري لصالح الجميع في السودان، خاصة وأن تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية تتطلب الاستفادة من إمكانات السودان الزراعية لصالح دول الجوار وأفريقيا والعالم العربي ، لأنّ السودان سلة غذاء العالم أقعده صراعه الداخلي والتدخلات الخارجية في شأنه، وعليه بعض هذه الدول وعدت بنشاط اقتصادي استثماري يغطي حاجة السودان ويستفيد منه الآخرون، كذلك أكدوا على أهمية استقرار السودان أمنياً لصالحه ولصالح الآخرين، وخاصّةً دول الجوار. وحسب علمي أن البرهان لأول مرة تحدث مع هذه الدول حديثاً شَفّافَاً وواضحاً، ويؤكد على أن مصالح السودان فوق أي علاقات، وأن أي تدخُّل في السودان يجب أن يكون لمصلحة السودان وليس ضده، ويجب أن يُوقف أي شخص وأي تدخل في السودان دون أمر الدولة السودانية.
أعتقد أنّ الجميع أدرك أنّه لا بُدّ من سطرٍ جديدٍ في التعامُل مع السودان بعد أن حسم أمره لمرحلة جديدة بتكوين حكومة وطنية من قلب الشعب دون النظر إلى كثيرٍ من المطبات المصنوعة، ودون تدخل خارجي ، وإيقاف كافة أنشطة الدبلوماسية الخارجية في السودان، بل قد نرى طرد بعض الدبلوماسيين الذين يتدخّلون في أمر البلاد، بل قد لا نرى ناشطين في اجتماعات مع دبلوماسيين من بقاع الدنيا موجودين في الخرطوم وخارجه، بل نتوقّع تفعيل الأمن الخارجي لمزيدٍ من الحزم والحسم، وقد نرى وزارة الخارجية في موقع مُتقدِّم في حفظ أمن السودان الخارجي في الداخل.
إن زيارات السيد رئيس مجلس السيادة حقّقت الكثير المُفيد لصالح السودان، ويقيني أن غداً ليس كالأمس داخلياً، وعلى الصعيد الخارجي.
أخيراً.. البرهان كرب قاشه مستفيدا من المتغيرات الداخلية والخارجية وموقف إخوته الموحد والداعم له في مجلس السيادة ودعم الشعب السوداني له، إنها لحظة جديدة لها ما بعدها في الداخل والخارج.
تحياتي،،