عبد الله مسار يكتب : البرهان في القاهرة وإنجمينا
4 ابريل 2022م
قَام السَّيد الفريق أول البرهان في الأسابيع المنصرمة بزيارات مُهمّة ومُتتابعة إلى يوغندا وجنوب السودان والإمارات العربية المتحدة والسعودية وختم هذه الجولة بزيارة مصر وتشاد.
وهذه الدول هي دول جوار السودان، وهي دول تربط السودان بها علاقات خاصّة ومُهمّة، ولها تأثيرٌ بالغٌ على أمن السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل هي مفتاح السودان لعلاقاته الخارجية مع دول غرب العالم وشرقه، وهذه الزيارات جاءت في وقت مُهمٍ وحسّاسٍ وخَاصّةً بعد قيام الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهي حربٌ لها ما بَعدها والسُّودان دولة مُهمّة في أفريقيا والعَالم العربي، بل هي دولة لو أحسنت أمرها وكربت قاشها ودبّرت وضعها واستغلت إمكاناتها سوف تكون في صدارة العالم بإمكاناتها المُختلفة من حيث الموارد، أرض ومياه ومعادن وبترول وحيوان وموقع جُغرافي ومناخي وغير ذلك.
هذا الموقع المهم الجيوسياسي والاقتصادي، يجعل رئيس السودان يُفكِّر خارج الصندوق، وشعب السودان يجب أن يدرك قيمته وأهميته وأن يترك الصراعات الداخلية الهامشية ويدخل المنظومة العالمية المؤثرة.
إنّ الحديث عن الديمقراطية والحريات العامة والحكم المدني كلها جُزءٌ من الأمر وليس الأمر، وهي كحف البطيخة وليس لبّها، حركة العالم الآن لا تحكمها هذه المظاهر الديمقراطية الكاذبة ولا الحريات المُغلفة، والتي تُديرها أجهزة المخابرات، وحتى الأيديولوجيات والأفكار بقدر ما تُسيطر عليها المصالح وعلاقات الشعوب.
ولذلك زيارات البرهان وجدت اهتماماً داخلياً وخارجياً، ووجدت ترحيباً شديداً من قادة الدول التي زارها وخاصةً يوغندا ومصر وتشاد وجنوب السودان والسعودية، وكان الاهتمام كلٌّ حسب مطلوباته من السودان، وكان الاستقبال حافلاً وكبيراً وخاصّةً في مصر وتشاد، وهذا الاستقبال دلالة على عُمق العلاقات بين هذه البلاد والسودان.
وفِي مصر، كان اللقاء كبيراً لأنّ مصر مُمسكة بملف السودان في المنطقة العربية لمعرفتها بالسودان والعلاقات العتيقة والمُعتقة والمتينة بين البلدين، بل لأنها كذلك أزلية، ولكن دخلت عوامل جديدة زادتها متانةً، أولها موقف السودان من الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وكذلك شُعُور مصر بأهمية دعم حكومة البرهان بعد فشل قحت الرباعية. وبعد التدخُّلات الغربية في شؤون السودان وكلها خارج النص، بل بعد فشل اليسار في قيادة الفترة الانتقالية، كذلك الأثر الاقتصادي على مصر نتيجة تصرُّفات بعض الناشطين ضد مصر، والعداء الذي أظهره هؤلاء الناشطون نحو مصر الحكومة والدولة والشعب، وظهر ذلك في أكثر من موقع، بدءاً من أبريل الثورة، مُروراً بالتوقيع على الوثيقة الدستورية وحتى الثورة التّصحيحية في 25 أكتوبر 2021م.
إنّ سعي حُكّام السُّودان المدنيين طيلة الفترة الانتقالية حتى أكتوبر 2021م بالعمل ضد مصر، جعل مصر تتّخذ موقفاً قوياً مع البرهان، لأنها كانت تُراقب الحال عن كثبٍ، وبتدبُّر ووعي حتى لا تحدث القطيعة الفيصل والصراع المباشر المُر، ولذلك هذه الزيارة تُعد دعماً قوياً للبرهان، وتجعل دولاً عربية أخرى تُعيد حساب علاقاتها مع السودان على أُسسٍ جديدةٍ، وخاصّةً دولة الإمارات المتحدة، وتقوم بدعم مالي واقتصادي مُباشر لحكومة السودان، وتُوقف دعم الناشطين الذين يعملون لتقويض سُلطة البرهان في الفترة الانتقالية.
كذلك زيارة تشاد وهي زيارة طابعها أمنيٌّ لتأمين الحدود بين البلدين، وكذلك ضبط حركة المسلحين من ليبيا.
عليه، هذه الزيارات لها ما بعدها وهي واحدةٌ من مفاتيح دعم استقرار السودان.
نكتب عن حصائل وحصائد زيارات البرهان الست في المقال الثاني، وخاصة ماذا دار في يوغندا والسعودية ومصر، وأثر ذلك على استقرار السودان فيما تبقى من الفترة الانتقالية.
بَقِيَ أن يزور البرهان قطر وإثيوبيا لتكتمل حلقة مشروع جيران السودان، وأثر ذلك على المنطقة الأفريقية والعربية، وأيضاً على العالم بعد الحرب الأوكرانية الروسية.