النائب العام.. تفاصيل ما حدث!!
الخرطوم: أم سلمة العشا
معلومة غير مؤكدة، سرت بأن النائب العام، سيمضي في اتجاه تقديم استقالته، من النيابة العامة. هذه المعلومة لم يمض عليها زمن حتى أعلن النائب العام عن تنوير صحفي مفاجئ للإعلاميين بمختلف وسائلهم، كان لسان حال الصحفيين يقول إنهم سيحصلون على معلومات دسمة، تتعلق بنتائج التحقيق في أحداث فض الاعتصام التي وقعت في التاسع والعشرين من رمضان المنصرم، بحسب ما أعلنه الناطق الرسمي للمجلس العسكري، أن السبت مُحدد لذلك، غير أن تنوير النائب العام، المباغِت، اشتمل على عدة محاور كشف خلالها عن حقائق مهمة، تتعلق بالبلاغات التي يواجه فيها الرئيس المخلوع تهماً، بجانب بلاغات الفساد، والاعتداء على المال العام، من قبل رموز النظام السابق، ولجان التحقيق، في الأحداث الأخيرة، التي شملت الثامن والتاسع والعشرين من رمضان.
كان حال النائب العام، الوليد محمود، يؤكد بشدة، أن ما أثاره الناطق الرسمي للمجلس العسكري بخصوص مشاركة النائب العام في فض الاعتصام، لم يكن مرضياً له تماماً، والتبرئة من ذلك كانت حاضرة، بجانب تأكيد النائب العام على موقفه الحيادي والمهني المستقل وقبوله التكليف لمصلحة الوطن، دون طمع لمنصب.
حقائق يكشف عنها النائب العام لأول مرة، منذ قبوله التكليف بالمهمة، ففيها الكثير والمثير والتي شغلت الرأي العام كثيراً.
ترتيب وتنسيق
في ترتيب وتنسيق واضح بدأ النائب العام حديثه عن البلاغات التي شغلت الرأي العام في الفترة السابقة، والتي من ضمنها البلاغات المدونة في مواجهة الرئيس المخلوع عمر البشير، والتي تتعلق بمخالفات النقد الأجنبي والثراء الحرام، وكشف الوليد خلال تنوير صحفي أمس، عن اكتمال كافة التحريات في الدعوى الجنائية، وتوجيه الاتهام، للبشير، ومن ثم إحالة البلاغ للمحاكمة، بعد انقضاء مدة الاستئناف، قرار توجيه التهمة إلى المحاكمة.
وأضاف:” أي قرار بتوجيه التهمة بموجب قانون الإجراءات الجنائية لديه مدة استئناف، لمدة أسبوع”، بعدها يُحال البلاغ إلى المحاكمة.
لم يكن حديث النائب العام بعيداً عن أهم الأحداث الأكثر إثارة، على مستوى الرأي العام المحلي والإقليمي والدولى، وهو بلاغ مُعلم خشم القربة الأستاذ أحمد الخير، حيث أكد أن التحريات قطعت شوطاً بعيداً وتم استجواب الشهود، وأفاد أن المتحري انتقل لولاية كسلا ومنطقة خشم القربة، كما تم استجواب الشهود والكادر الطبي، وتمت إحالة الدعوى الجنائية، لأهميتها، إلى ولاية الخرطوم، لتكملة الإجراءات.
وأوضح النائب العام، أنه تم استجواب عدد من المتهمين، وتبقى استجواب جزء منهم، وسيتم استجوابهم خلال الأيام القليلة القادمة.
دعاوى جنائية
في ترقّب وحذر، صمت جميع الحضور من الإعلاميين، وفي لحظة انتظار توقع الجميع أن حديث النائب العام لا يخلو من الإشارة إلى الحديث عن ملفات الفساد، ومدى فتح دعاوى جنائية ضد المفسدين، حيث كشف النائب العام عن تحريك كل الدعاوى الجنائية المتعلقة بالفساد أو اختلاس مال عام أمام نيابة الأموال العامة، كما أنه أشار إلى أن التحري يجري في جميع البلاغات، ومن ضمنها بلاغات كانت قد حُفظت في الفترة السابقة.
أما فيما يتعلق برموز النظام السابق، قال النائب العام، أنه تم تقييد نحو 41 دعوى جنائية، لمخالفة المادة (6) من قانون الثراء الحرام، بجانب الدعاوى التي تتعلق بملف الأراضي، وذكر أن التحريات جارية، لدى سلطات الأراضي والتسجيلات، وكشف عن توفر بينات مبدئية، تم بموجبها تقييد 41 دعوى جنائية، وأكد استكمال إجراءات القبض والتحري لهذه الدعاوى الجنائية، خلال الأسبوع القادم.
تكوين لجنة
فيما يتعلق بالتحقيق في أحداث فض الاعتصام، قال النائب العام أنه أصدر قراراً رقم (30) بتكوين لجنة للتحقيق والتحري في الأحداث التي وقعت في ساحة الاعتصام في يوم 29 رمضان، أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، بتاريخ 3 يونيو 2019، مشكّلة من رئيس النيابة العامة عبد الله أحمد عبد الله، وكيل أعلى النيابة عمر أبو الحسن، ممثل لوزارة العدل، القضاء العسكري، الشرطة، جهاز الأمن والمخابرات، نقابة المحامين، مفوضية حقوق الإنسان، والخارجية. وقال إن اللجنة باشرت أعمالها، وتحرياتها ما زالت جارية.
إصرار وإلحاح
كان لافتاً أن النائب العام، أكثر أصراراً وإلحاحاً على توضيح جانب مهم خلال التنوير الإعلامي، قصد من خلاله تبرئة النيابة العامة من ما نُسب إليها من المشاركة في فض الاعتصام من أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، حيث قال: تمت دعوتنا لحضور اجتماع بوزارة الدفاع مع المجلس العسكري الانتقالي، وقال فيما يلي النيابة، تناول الاجتماع تنظيف وإخلاء منطقة كولمبيا باعتبارها منطقة متفقة عليها كافة الأطراف والقوى السياسية على أنها بؤرة للجريمة والممارسات السالبة، من خمور ومخدرات، وأنها منطقة خارج حدود الاعتصام، وأكد الوليد أن النيابة أوضحت للمجلس العسكري الانتقالي، أنه ليس هنالك ما يمنع تنظيف وإخلاء منطقة “كولميبا”، في إطار إجراءات منع الجريمة، وقال إنه تم التوجيه بتكليف ثلاثة من وكلاء النيابة بدائرة الاختصاص، كما أن الاختصاص لتفريق التجمع أو التجمهر غير المشروع ينعكس للسلطة، تحت إشراف النيابة العامة وسلطاتها في منع الجريمة، وأكد قيام وكلاء النيابة بأداء عملهم بمهنية وفقاً للقانون، وقاموا بضبط القوة التي أشرفت على التنفيذ، ولم يتم إطلاق رصاصة واحدة، وتمت مغادرتهم مباشرة.
ومضى النائب العام في التوضيح، إلى أن الاجتماع كان يتعلق بتنظيف منطقة “كولمبيا”، وأكد أنه لم يتم التطرّق والحديث في الاجتماع لموضوع فض الاعتصام، من بعيد أو قريب، ولم تتم الإشارة إليه، كما انحصر كل الحديث حول منطقة كولمبيا، وأكد الوليد: لم يتم استعراض أي خطة وضعتها الأجهزة الأمنية أو مناقشتها خلال الاجتماع ولم يؤخذ رأينا فيها.
ظلال كثيفة
ومضى النائب العام في حديثه، أنه من خلال المؤتمر الصحفي للمجلس العسكري، فهم للرأي العام أن النائب العام قد وافق وشارك في فض الاعتصام، وقد ألقى ذلك بظلال كثيفة من الشك حول مصداقية النيابة العامة، ومهنيتها وحياديتها، وقال إنه طوال سنوات خدمته في النيابة العامة، التي امتدت لأكثر من 32 عاماً كان بعيداً عن العمل السياسي والنقابي، وفي إطار إنفاذ القانون وتطبيق العدالة المجردة.
دور نيابي
توجيه وتكليف صادر عن النائب العام بواسطة رئيس النيابة العامة، ووكيل النيابة الأعلى للذهاب إلى منطقة كولمبيا للتأكد من الوضع القانوني السليم للتعامل مع المخالفين للقانون في هذه المنطقة، هذا ما أكده وكيل أعلى نيابة الخرطوم، عصمت عبد الله، حيث قال: تم التحرك إلى منطقة “كولمبيا” بصحبة اثنين من وكلاء النيابة، وتم الحديث مع قادة القوات الأمنية لتوصيل التوجيهات الصادرة عن النائب العام، وتم التحدث إليهم بأن لا يتم إطلاق الرصاص، تحت أي ظرف، وأن يكون ذلك بأقل قوة ممكنة، وأن يتم جلد المخالفين بالسياط، وإلقاء القبض عليهم، وأشار إلى أنه في حال صعب الوصول والقبض عليهم، بواسطة الأجهزة الامنية، يتم إطلاق البمبان، وأن لا يتم إطلاق الرصاص حتى إذا وُجدت قوة موازية، وأضاف: تم إخطار المكتب التنفيذي للنائب العام بأن القوات العسكرية خالفت أمر النيابة، وقمنا بالانسحاب فوراً، ولم يكن لدينا أي تكليف بمكان الاعتصام.