إذا كان السودان هو بلد الفرص الضائعة، فإن الإمام السيد الصادق المهدي، هو رجل الفرص المُهدرة والأهداف الطائشة.. لم تُتَح لسياسي سوداني فرص في الحكم والزعامة السياسية وضاعت مثلما أتاحت الظروف والأقدار للإمام الصادق المهدي أمل الأمة في عام 1985م، وقائد الصحوة، ومُجدّد حزب الأمة عام 1966م، واللاعب الوحيد الذي يختزن خبرة السنين في الملعب السياسي في عام 2019م..
*رحل الترابي وترك الإسلاميين منقسمين لأحزاب وتيارات، وغاب محمد إبراهيم نقد، والحزب الشيوعي يحتضر ما بين حركة (حق) والحزب الليبرالي.. وتناسل من أفخاذه المؤتمر السوداني، وبعض الشيوعيين، تسللوا إلى أحزاب الاتحادي الديمقراطي وللحركة الشعبية، وانفصل الجنوب بموت جون قرنق، وفقدت الحركات المسلحة بريقها بعد مقتل د. خليل إبراهيم.. ولم يعُد في الساحة لاعب سياسي بمقدوره تغيير مسار المباريات الكبيرة غير الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة..
*وبالطبع يمثل غياب السيد محمد عثمان الميرغني عن البلاد سانحة تاريخية للإمام ببسط نفوذه في الساحة ويستفيد من آخر فرص العمر بعد أن بلغ الثمانين..
*إذا نفّذ المجلس العسكري وعده بإجراء انتخابات مبكرة بعد تسعة أشهر، فالإمام الصادق سيجد نفسه نجماً وحيداً في الساحة، مثل فريق السيدة العجوز “جيفنتوس” في إيطاليا.. والبايرن ميونخ في ألمانيا وباريس سان جرمان في فرنسا.. لن يجد الإمام الصادق مشقة في كسب الانتخابات وتحقيق حلمه التاريخي بالجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية، ولكن هل بمقدور الإمام الصادق الإقدام على تحقيق حلمه دون خوف وتردد؟؟ وأمساك العصا من منتصفها؟؟ وهل الإمام الصادق المهدي وحزب الأمة في حاجة لحلفاء من أمثال قوى الحرية والتغيير، وقد خسرت هذه القوى (شعبياً) وباتت (مبغوضة) وسط عامة السودان لسوء تقديراتها وارتهان قرارها للحزب الشيوعي؟؟
*ماذا يكسب الإمام الصادق إذا بقي حزبه بكل جماهيريته في الولايات ووسط العمال والمزارعين والرعاة (مجرد) مضاف لتحالف قوى الحرية والتغيير.. تتخذ القرارات في غيابه، ويتحدث باسم التحالف (الأحزاب الصفرية) وحزب الأمة (قانعاً) بموقعه في مؤخرة ركب قوى التغيير قابضاً على (عربة الفرملة)، ولماذا يحرص الإمام على تحالف الأضداد.. وتحالف البعثيين والناصريين والمدونين والمنبرشات والقضارف مدينتي، إلى آخر التنظيمات (الورقية) التي لا قيمة لها في بنك الجماهير وصناديق الاقتراع!!
*متى يحزم الإمام الصادق أمره.. ويأكل بيده.. ويعتمد على جماهيره.. وينفض يده من التحالفات المقعدة والهياكل الميتة والأحزاب الخراب ويضع رهانه على الانتخابات، ويترك قوى الحرية والتغيير تبكي على اللبن المسكوب.. والفرص التي أضاعتها بسوء التقدير وبؤس التفكير؟؟