منى أبوزيد تكتب : تَنازُلاتٌ مَنطِقيّةٌ..!
2ابريل 2022م
“النجاح في الزواج لا يحتاج إلى أن تتزوّج من الشخص الصحيح، بل يتطلب أن تكون أنت الشخص الصحيح”.. د. أحمد خالد توفيق..!
أرهقني كثيراً حوارٌ شائكٌ مع صديقة تأخّر زواجها لأسباب أولها – من وجهة نظري – إصرارها الغريب على توافر شروط مجحفة، بائدة، عفا عليها الدهر، في زوج المستقبل. فمن الكفاءة المنهية والندية الأكاديمية، إلى الاكتفاء المادي – إلى ثبوت أن عريس “البخاتة” يريدها لنفسها الأبية وليس من أجل الشقة أو العربية – تقضي صديقتي تلك أيامها في “فلفلة العرسان”، بسذاجة عاطفية، وعناد رومانسي، وغرور أنثوي استعصى على كل نصح أو تقريع..!
وقد لاحظتُ – فيما كنت ألاحظ – أن معظم “رجال السُّترة” الذين فشلوا في امتحان الكفاءة ذاك، كان عيبهم الرئيسي هو رقة الحال، أي”الفَلَسْ”، فقلت لها بصراحة إن الحكاية – بعد هذا العمر يا حبيبتي – ما عادت حكاية حب وأن الواقع المعيش في السودان قد أصبح جائراً، لدرجة أن صد الذئاب قد أصبح اليوم مثل “هش” الذباب عند كل امرأة وحيدة، تحاول أن تحيا بشرف وأمان في هذا الزمان “لم أتعمّد هذا السجع لكنها أغاظتني فجاءت حسرتي منظومة”. وكثيراً ما تتكدر خواطرنا ونحن نبذل النصح لأعزاء يروننا على خطأ ونراهم على ضلال..!
أعدتُ صياغة حجتي وأنا أحاول التركيز على نقطة “الفَلَس” تحديداً:
ــ هل كان خاتم المرسلين ونبي العالمين وأعظم الخالدين، محمد بن عبد الله المكي القرشي – عليه أعظم الصلاة وأتم التسليم – أكثر مالاً وأعظم اكتفاءً اقتصادياً من السيدة خديجة – رضي الله عنها – عندما جاءها خاطباً أم أنه كان يُتاجر بمالها الوفير، عندما ألمحت برغبتها الكريمة في الزواج منه. ثم لماذا خصَّته بتلك الأماني وفضلته على كثير من سادات قريش..؟!
ــ ……………..!
لأنها – ببساطة – كانت امرأة بالغة الذكاء، شديدة الفراسة، بعيدة النظر، فكان عطاؤها في تلك الزيجة بلا حدود، أكرمها الله بزوج يستحق، فمنحته أمناً اجتماعياً وأماناً سياسياً ومنعة وغلبة اقتصادية، وكانت له زوجة أحبته وآمنت به، وكانت حياتهما معاً لطيفة حلوة هنيئة، لا شقاق فيها ولا حزن ولا ملل، لذا لم يفكر يوماً في أن يتزوج عليها، ولم يفضل عليها أي أخرى مهما بلغ جمالها، ولم يعدد بين زوجاته إلا بعد وفاتها. لقد فازت خديجة بأعظم رجل في الدنيا، لأنها رضيت – قبل شيء – بحال زوجها كما هي، ثم اجتهدت وساعدت في بناء أسرتها، فكان لها أعظم مما أرادت..!
قالت صديقتي “النقناقة” وهي تضحك:
ــ ذاك هو النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، فأين ذاك العريس من خلق الأنبياء..؟!
ــ وأين هذه العروس – التي تتثاءب في وجهي كأفراس النهر، وتكنز الأموال كبخلاء الجاحظ – من فضل ومال وجمال السيدة خديجة..؟!
ــ ……………… ؟!
ــ يا بنت الحلال توكلي على الله، وتنازلي قليلاً، ثم الحقي بالرَّكب..!