حَركة المبعوثين.. مَخرجٌ أم تَعقيدٌ للأزمة؟
الخرطوم: نجدة بشارة 2 ابريل 2022م
شَهِدَ السُّودان في الفترة الأخيرة، حركة دؤوبة ونشاطاً متسارعاً لمبعوثين من جهات خارجية عديدة من الشرق والغرب، المبعوث الألماني الفرنسي والصيني والقائم بالأعمال الأمريكي والإيقاد والجنوب سوداني، والشاهد أنّ حقائب المبعوثين المُختلفة حملت ذات الأجندات والمُبادرات التي ظاهرها رأب الصدع داخلياً, والوصول بالبلاد إلى بر الأمان، وإيجاد مخرج للأزمة السياسية، لا سيّما عقب قرارات البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي وغياب الرؤية المشتركة بين المكونات المدنية والعسكرية في السودان للخروج من الأزمة والوصول إلى حكومة مدنية عبر صناديق الاقتراع.
ماذا يريد المبعوثين؟
نهاية الأسبوع المنصرم، وصل المبعوث الصيني لشؤون الشرق الأوسط تشاي جيون في زيارة رسمية استغرقت يومين، وبعد أسبوع من الزيارة، دعا المبعوث الصيني داي بينغ نائب مندوب الصين لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن إلى رفع العقوبات المفروضة على السودان، وطالب مجلس الأمن بتعديل إجراءات العقوبات في الوقت المناسب واستبق زيارة جيون هبوط طائرة المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي ديفيد ساترفيلد في الخرطوم مُنتصف يناير من العام الجاري، حيث أعلن وقتها عن إجراء مُحادثات بشأن تصاعُد حالات العُنف في الاحتجاجات التي تنتظم البلاد.
ومن بين الذين وصلوا الخرطوم توت قلوك المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان والمبعوث الفرنسي إلى السودان وجنوب السودان جان ميشيل دومند، والذي أوضح أن زيارته للسودان تأتي للتعبير عن دعم فرنسا للحكومة الانتقالية التي يَقُودها مَدنيون، إلى جانب ذلك واصل رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس، لقاءاته التشاورية.
كرت ضغط
في المُقابل، تباينت ردود الفعل بشأن زيارات المبعوثين المتكررة الى السودان بين متفائلين بجهودهم لحل الأزمة الداخلية، وبين من يرى أن حركة المبعوثين تمثل مزيداً من التعقيد للأزمة، وأنهم يُغرِّدون خارج سرب الحل.
الدبلوماسية الخارجية
يرى المحلل السياسي والدبلوماسي السفير الرشيد أبو شامة في تعليق لـ(الصيحة) بأن حركة المبعوثين تشكل جهوداً خارجية للمساهمة في حل الأزمة السودانية، لكن ترتبط بمدى قابلية الحكومة الحالية للتعاطي مع هذه المساعي والتماهي مع هذه المبادرات. في الاتجاه الأخر يرى أن حركة المبعوثين تمثل كرت ضغط دولي على السلطة وتنبه الحكومة بأنها جزءٌ من الأسرة الدولية، وان السودان ليس جزيرة معزولة عن العالم، وأن الحكومة لا يمكنها أن تنعزل بالقرارات الأحادية وزاد بأن الضغط قد يُساهم في الدفع بخطوات تجاه حل الأزمة السياسية الحالية وحرّض أبو شامة الحكومة على التقاط القفاز لتبرهن للعالم مدى جديتها في التعاطي مع الدبلوماسية الخارجية وعبر إظهار حُسن النوايا بالمرونة السياسية مع المُعارضة والشارع.
يزيد التعقيد
في السياق، يرى المحلل السياسي والدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو لـ( الصيحة) ان حركة المبعوثين تزيد المشهد إرباكاً وتعقيداً، وشرح بأن بعض المبعوثين ليسوا وسطاء، وإنما مجرد تحرُّكات دبلوماسية (ونسة)، وأردف أن مبعوث جنوب السودان مثلاً يتحرك في اتجاه إعادة الروح لملف السلام الذي اعتبره (قُبر) بعد تفلتات الحركات المسلحة التي لا تزال تتمسّك بالسلاح ولم يساهم السلام في ان تضع الحركات السلاح أرضاً.
خفي حنين
وأوضح كرمنو بأنّ المبعوثين تنشط زياراتهم في الجلوس مع مجلس السيادة، وفي ذات الوقت الجلوس مع لجان المقاومة الذي يُحرِّك الشارع ومع الأحزاب، ولكن بَعد الاستماع إلى هذه الأطراف يجدوا أن التوافق بينهما وتقريب وجهات النظر من الصعوبة بمكان فيعودوا (بخفي حنين)، وأردف: بالتالي لا يُوجد خطٌ واضحٌ للتفاوض والاتفاق، واصفاً زيارات المبعوثين بالغَامضة وغير واضحة المعالم للرأي العام، وشدد كرمنو أن الأزمة يكمن حلّها في الداخل “سودانياً – سودانياً”.
الإرادة الواحدة
بينما يرى البروفيسور في العلوم السياسية عبده مختار لـ(الصيحة) أن الحل في تشكيل جبهة وطنية عريضة لتوحيد كافة قوى الثورة في جسم واحد وموقف واحد وبرنامج واحد وقيادة واحدة تستمد الإرادة من قوة السند الشعبي، وقال نحن لا تنقصنا المُبادرات أو الأُطر النظرية، بل الإرادة الواحدة برافعة الضمير الوطني المُخلص الذي يدفع بالتنازلات من أجل مَصلحة الشعب وثورته.