الخرطوم: الطيب محمد خير 1 ابريل 2022م
شرعت مجموعة من قانونيي حزب المؤتمر الوطني المحلول في صياغة طعنٍ لتقديمه لدى المحكمة العليا للمطالبة بإلغاء قرار حلّ حزب المؤتمر الوطني ومصادرة أصوله الذي صدر عقب سقوط نظام الإنقاذ في 11 أبريل 2019 ، وقال الطاعنون بحسب صحيفة اليوم التالي إنّ حلّ المؤتمر الوطني استند على الوثيقة الدستورية الموقعة بين المكوّنين العسكري والمدني التي أصبحت لاغية وغير موجودة بعد انقلاب 25 أكتوبر استنادًا على تصريحات قوى الحرية والتغيير الشريك والطرف الأصيل في الوثيقة، وأكّد المصدر الذي أفاد الصحيفة بالخبر ثقتهم في استجابة المحكمة العليا للطلب وإلغاء قرار الحل وإعادة أصول الحزب.
وكانت المحكمة قد ألغت الكثير من القرارات التي اتّخذت من قبل لجنة إزالة التمكين، وتمت إعادة بعضٍ من الذين تم إنهاء خدمتهم إلى مؤسسات الدولة ومن بينهم من كانوا يشغلون مناصب قيادية في نظام الثلاثين من يونيو 1989، فضلاً عن إعادة بعض الأصول والممتلكات التي تمت مصادرتها من بعض قيادات المؤتمر الوطني.
ويقول الخبير وأستاذ العلوم الدبلوماسية د. عبد الرحمن أبو خريس لـ(الصيحة)، ليس من مصلحة حزب المؤتمر الوطني المحلول أن يسعى للعودة لواجهة العمل السياسي وتنخرط عضويته وتنشط في العمل السياسي بشكل علني والعودة للعب دور، فهذه خطوة انتحارية له وغير موفقة لانه حزب أصبح ملفوظا، دعك من الداخل حتى من المجتمع الدولي الذي لم يتصالح معه، وبالتالي من الصعب عودة قبوله كتنظيم سياسي يمارس نشاطه بصورة طبيعية، خاصة وإن قيادته لا تزال تقبع في السجون ولم تكمل إجراءات محاكمتهم بعد على تهم الفساد والجرائم التي ارتكبوها، فضلاً عن أن هناك ملفات في المحاكم الدولية متهم فيها رمزهم المخلوع البشير وعدد من قيادات المؤتمر الوطني الكبيرة، هذه الملفات لا تزال مفتوحة ولم تعالج بعد، وبالتالي في ظل وجود هذه الملفات والجرائم المفتوحة بها بلاغات أمام المحاكم السودانية والدولية، فإن عودة المؤتمر الوطني لممارسة العمل السياسي تبقى عودة في التوقيت الخطأ وتكون له بمثابة الضربة القاضية.
وأضاف د. أبو خريس أن عودة المؤتمر الوطني ستشعل الوضع السياسي المتأزم أصلاً وتجعل من الصعب تحقيق الاستقرار السياسي، لأن عودته ستكون مبررا كافيا لبروز عمل سياسي مسلح مقاوم لهذه العودة، وهذا بالتأكيد سيؤزم الوضع ويدخل البلاد في دوامة العمل المسلح والاغتيالات والتصفيات وهذا باب من الصعب إغلاقه إن فُتح، وسيتحمّل المؤتمر الوطني وزره، ولذلك من الأفضل له أن ينزوي ولا يقدم على خطوة كهذه من شأنها أن تزيد من ملف جرائمه التي اغترفها في حق البلد، وعليه أن يلتزم بالعمل السري تحت الأرض حتى تنقضي هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها السودان، وان يلتزم بما قاله وقطع به بأنه لن يشارك في المرحلة الانتقالية وهذا كان قرارا فيه شئ من الرشد، لكن التراجع عنه مضر حتى بالمؤتمر الوطني نفسه، لأنه لن يظهر بالوجوه القديمة وإنما بقيادات الصف الثالث والرابع ويكون في هذه الحالة قد أحرق كل عضويته، فضلاً عن زعزعة الاستقرار التي سيحدثها وقد تؤدي لانفلات أمني.
ظهور الحقائق
وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير القانوني المعز حضرة لـ(الصيحة ) ان كثيرا من الحقائق التي كانت غائبة بدأت تظهر للعلن بعد انقلاب 25 أكتوبر ومحاولة إعادة المؤتمر الوطني واحدة من هذه الحقائق التي كانت تُدار في الخفاء، لكن السؤال المشروع لهذه المجموعة المبادة التي تحاول العودة للحياة وتقول إنها واثقة من أن المحكمة ستقبل طلب عودتهم لماذا صمتت طوال الفترة التي سبقت انقلاب 25 اكتوبر ولم تتقدم بطلبها، وأضاف: لكن يبدوا واضحاً أن هذه المجموعة وجدت ضمانات من الجهات التي تتعامل معها وطمأنتها وهذا واضحٌ، لأن كل الأجهزة العدلية والقضائية أصبحت مهيأة لاستقبال كل منسوبي النظام البائد الذين اجثتهم لجنة إزالة التمكين بأمر الثورة ، بل ان المحاكم أصبحت غير راغبة في محاكمة رموزها وأكبر دليل انسحاب النيابة من جلسة محاكمة المخلوع ما يوحي بأن الأجهزة العدلية أصبحت غير راغبة في محاكمة رموز النظام البائد.
حديثٌ عبثي
وفي جانب استناد المجموعة التي تعتزم الطعن على إلغاء الوثيقة الدستورية، قال حضرة ان الوثيقة لم تلغ وإنما جمد الانقلاب جزءاً منها ويعمل بالجزء الآخر ويستند عليها في مشروعيته، لكن يبدو من حديثهم أن إلغاء الوثيقة بكاملها ستكون الخطوة القادمة لأن الفلول اعتدنا أنهم لا ينطقون عن فراغ إلا إذا وجدوا وعداً بذلك.
وأشار حضرة إلى وجود جهل قانوني في تقديم هذا الطلب للمحكمة العليا وهي غير مختصة بتقديم هذا الطعن، لأن إلغاء المؤتمر الوطني ورد كنص واضح وصريح في الوثيقة الدستورية ونص خاص في قانون تفكيك نظام المؤتمر الوطني الذي لم يلغ حتى الآن، وبالتالي المحكمة العليا غير مُختصة بالنظر في هذا الطعن، وإنما المحكمة الدستورية التي هي الآن غير موجودة، وحتى إن كانت المحكمة الدستورية موجود، فأصلاً الثورة قامت ضد المؤتمر الوطني ونظامه وإلغائه من الوجود وهذا ثابت بنص الوثيقة وقانون تفكيك نظام المؤتمر الوطني، وبالتالي عودتهم لا تتم إلا بإلغاء الوثيقة الدستورية وقانون التفكيك، وهذا الإلغاء لا يتم إلا عبر المحكمة الدستورية، مضيفاً أن الحديث عن عودة المؤتمر الوطني تصبح ضرباً من الحديث العبثي والجنون والانتحار.