الحقيقة النقية البسيطة نادراً ما تكون نقية، ويستحيل أن تكون بسيطة”.. أوسكار وايلد!
نظمت طيبة برس يوم أمس السبت مائدة مستديرة، حول ضبط الخطاب الإعلامي “الموجهات – الآليات – الوسائل” برئاسة الأستاذ محجوب محمد صالح، الذي تحدث عن أهمية ذلك الضبط كوسيلة للخروج بحلول توافقية إلى رحاب التحول الديمقراطي الكامل.
فالصلة بين المدنيين والعسكريين – بحسبه – لم تكن ممهدة دائماً، والشراكة بين المجلس العسكري والقوى السياسية التي تمثل الثورة حقيقية، لكنها محفوفة ببعض الإشكالات. لكنه يرى أيضاً أن الإعلام السوداني له تجارب واسعة عبر التاريخ لمواجهة مثل هذه الظروف.
بينما تحدث الأستاذ عمر عشاري عن طبيعة الخطاب في وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف أن الضغط على إيقاع التفاوض كان ولا يزال من سلبيات الخطاب الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي.
والحقيقة أن الحديث عن ضبط الخطاب الإعلامي، لا بد أن يستصحب المناخ المحتشد بالغموض العسكري من وجهة نظر البعض، حيث أن التبرير والمسايرة – بحسبهم – ليست من صفات العسكر. بينما كانت ولا تزال هنالك تلك الفجوة المعلوماتية بين قوى الحرية والتغيير، وجماهير الثورة الذين يمثلونهم منذ فجر العاطفة الثورية وحتى بزوغ شمس التغيير.
ثم أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، هو هل يتداول الناس الأخبار ويعقبون عليها بآرائهم الأصيلة أم يتبنون آراء سائدة اجتناباً لتهمة المكارثية الجديدة؟!. هل يصرح المتحدثون في شؤون السياسة وشجون التفاوض عن الأسباب الحقيقية أم يجترحون أسباباً وجيهة، خوفاً من ذات التهمة؟!.
السؤال أعلاه، يشمل قادة التفاوض الذين يقودون الشأن السوداني اليوم، والإجابة عليه، وعلى كل سؤال يتعلق بأي تعنت أو تلكؤ في حل قضية التفاوض تكمن – في تقديري – في جملة واحدة هي “عقدة العدالة وهوس الجدارة”..!
عقدة العدالة التي تجعل والدك يقسو عليك ويدلل ابن شقيقه المتوفّى الذي يُقيم معكم في ذات البيت خوفاً من اتهامه بالمحاباة، وهي ذات العقدة التي تجعل ابن الأستاذ في المدرسة يتلقى عقاباً أكثرمن زملائه لأن والده يخشى أن يتهم بالتواطؤ مع عاطفة الأبوة وموجبات المحاباة المفترضة بين الابن والوالد.
وكذلك قد يفعل السياسي الذي يفاوض أصالة عن نفسه وإنابة عن جماهير من الثوار، فهو قد يبالغ في تصريحاته ويتعنت في مواقفه انطلاقاً من عقدة العدالة التي تجعل التعقل وتغليب المصلحة العامة في بعض الأحيان ذنباً وتفريطاً في حقوق الشهداء، والتي تضع أي قبول لأي مقترح تفاوضي مرفوضاً فقط، لأن مصدره الطرف الآخر.
أما هوس الجدارة بالمسئولية والأحقية بالتمثيل فهو الذي يقف حائلاً على الدوام بين المتفاوضين باسم هذا الشعب – أو المتفاوضين باسم القوى العسكرية – وبعض التنازلات المنطقية..!