حينما قرأت خبر حصول الزميل الصحفي “عبد الله إسحق” على درجة الماجستير في القانون العام من جامعة الضعين عن اطروحته “الاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية”، عدت بذاكرتي إلى العام 2011م الذي اتاح أن أتعرف على الأخ العزيز عبد الله عن قرب، فقد سجّلنا معا حينما كنا في صحيفة الصحافة زيارة ميدانية عبر البر إلى أكثر من سبع ولايات بغرب السودان ووقتها كانت آثار الحرب اللعينة شاخصةً بدارفور بصورة واضحة كانت سبباً في إثارة مخاوفي لأن تلك كانت زيارتي الأولى عبر البر إلى أرض القرآن ومسقط رأس والدي، غير أن عبد الله وبالهدوء الذي يتسم به تمكن من تبديد هواجسي ونحن نتحرك في ليلٍ دامس من اللعيت جار النبي إلى محلية عديل في خريف ترك بصمته على الحشائش التي تطاولت حتى أن سائق العربة التي تقلنا كان يعاني في تمييز الطريق ونحن نعبر غابة متشابكة الأشجار.
خمسة عشر يوماً قضيناها في ربوع دارفور زرنا خلالها معسكرات النازحين وكثيراً ما عملنا على إخفاء دموعنا وراء عدسات التصوير من فرط المآسي التي سردها لنا المتضررون من الحرب التي كانت حاضرة في اطروحة إسحق.
كان لي شرف زيارة مسقط رأسه مدينة أبوكارنكا حيث أكرمتنا والدته “عليها الرحمة” بما لذ وطاب من الأكل الدارفوري لذيذ الطعم واغرقتنا في بحور الكرم، وكانت هذه الفترة كافية للتعرف على الزميل عبد الله الذي له مكانة رفيعة وسط أهله المعاليا وغيرها من المكونات الدارفورية فهو حافظ للقرآن وداعية إسلامي وسياسي وناشط مجتمعي وصحفي وخطيب مفوه وله وجود طاغٍ ومؤثر، وفوق ذلك فإن إسحق صاحب قلب أبيض ولا تحمل دواخله الحسد، كما أنه رجل شهم وسخي ومن الذين ينطبق عليهم القول الشائع “أخو أخوان”.
لذا فإن حصوله على درجة الماجستير كان مبعث سعادة اجتاحتني لأنه تمكّن من هزيمة كل الظروف، فهو رغم المنصب الذي يتولاه بحكومة شرق دارفور فإنه ظل يستثمر فرصة الحضور إلى العاصمة للعمل في عربة الأجرة التي يمتلكها “تاكسي مطار” وكثيراً ما صادفته في الساعات الأولى وهو يجلس داخل سيارته بمطار الخرطوم في انتظار من يريد قضاء مشوار، ورغم ذلك إلا أنه وبكل مثابرة وعصامية تمكّن من قهر الظروف والانتصار لطموحه ليكون قدوةً حقيقية للصحفيين الشباب في كيفية تحدي المستحيل سعياً وراء التأهيل ورفع القدرات، ونثق بأن الأخ عبد الله وبما يمتلكه من روح وثابة وطموح لا سقف له بأنه سيحصل على درجة الدكتوارة بإذن الله لأن هذه خطوته التالية المتوقعة استناداً على عشقه للنجاح.
لقدام يا صديقي دكتور عبد الله إسحق
أخوك
صديق رمضان