من السبت للسبت
** نعود اليوم للكتابة عن الفن في ظِل هذا الاختناق السِّياسي والأُفق المُظلم والدعوات للتدويل ونَشر الغَسيل للمَلأ الذين ينتظرونه حَتّى يَحكموا قبضتهم ويخرجوا من مخبأهم السِّيناريو القديم الجديد بتقسيم السُّودان حتى تظل موارده محفوظةً إلى حين يتفرّغ لها الطامعون وحسبنا الله.
** في الفن نبدأ بالتغطية الإعلامية لمجريات الأحــداث في الداخل والخارج لنجد أنّ الطرف الأطول باعاً يجد ضالته في الإعلام الخارجي، لأن فقد الطرف الآخر كل الفُرص في الخارج.. وليس تقصيراً من جانبه ولكن للمصالح والأجندة التي تحرك الإعلام الخارجي وسنفصل في ذلك.
** إعلامنا المحلي ضائعٌ ما بين حالة الإرهاب وسيف الاتّهام بالخيانة، وما بين سُلطةٍ عسكريةٍ لم تَنجح في عَرض وجهة النّظر المَحليّة إلا مُؤخّراً وكمان على استحياءٍ.
** تَفَوّقت بعض القنوات المَحَليّة بعد أن غيّرت جلدها الذي بَدَأت به وحَاولت مُتابعة الأحـــــداث ونجحت في ذلك، ومِن هَذِه القنوات قناتا طيبة والهلال، فيما كانت سُودانية 24 قناة خالصة داخل مقر الاعتصام في القيادة العامة حتى بعد إخلائه وفشلت في امتحان المُوازنة.
** المُحاور السوداني الذي تَمَيّز عبر التّاريخ بالمَوهبة والإجَـــادة، مالي أرى بعض المحاورين وقد تحوّلوا إلى سَيفٍ مُتعالٍ على ضيفه كَمَا فعل زميلنا الكبير الأستاذ بابكر حنين مع السيد الإمام الصادق المهدي.. أمّا الضيوف والمُحلِّلون والخُبراء ومُعظمهم ليس خبيراً ولا مُحلِّلاً.. فلم يُغادروا مَحطة نشكركم لإتاحة الفُرصة والتّرحُّم على الشهداء والدعاء بالشفاء للجرحى، وكُل هذه يُمكن أن تتم قبل الدخول للهَـــــواء، بل إنّ الدعاء بالرحمة للشهداء والعِــــــــلاج للجَرحى تَكُون الأبرك برفع الأيدي للسّماء وفي السجود والركوع وهُناك لا مَكان للرياء والادعاء.
** كتبت مرّة عن قناة النيل الأزرق والتي لم تكن مُوفّقة كَعَادتها في التّغطية مِمّا جَعلها تُقدِّم برنامجها الصّباحي (أف أم) مساءً وعصراً وظهراً.. أمّا مدير برامجها الأخ عمّار نجل صديقنا المُناضل فتحي شيلا فإنّه يصر على تَقديم برنامجه (كالآتي) ولا أعلم علاقـــــة الاسم بالبرنامج، وكذلك يُقدِّم برنامجاً بطريقةٍ ثابتةٍ وبوجهٍ غير مُتحرِّكٍ كأنّه يبقى مُحاضرة على تلاميذ.
** لغة الوجـــه والجسد المفقودة لمن تعرّضت له في الفقرة السّابقة، نجدها بجودة عالية جداً عند الأخ المُقدِّم عارف حمدان الذي يتحدّث وكأنّه يمثل ولكنه تمثيل (أوفر اكتيف) وَهُو مَا يحرمه علم الدراما، ومِمّا يُؤكِّد ما ذهبنا إليه أنّه ليس كذلك خـــلال أدائـــه الإذاعـــي.
** في التلفزيون والإذاعة حركة تغييرات كبيرة لم تقنع العاملين ولم تُقدِّم جديداً، ونصحت الأخ الزميل إسماعيل عيساوي كما نصحت سلفه الأخ جمال مصطفى بأن يكون هَمّهم العاملين، وكُنت أقصد حُقُوقهم وتَهيئة المناخ ولكن لم يَحدث شَيءٌ من هذا، بَل على العكس حَدَثت حَركة تَغييرات في المَواقع القياديّة (زادت الطين بلّه).
** أعود لما بدأت به من تغطية الإعلام الخارجي لأحداثنا، ونُلاحظ بأنّها تكون كثيفة إن لم تكن في السَّاحة العربية أحداثٌ أهم، ذلك أنّ ضرب ناقلتي النفط بالقرب من مضيق هُـــــرمز ونشاط الطائرات الحوثية المسيرة جعلت القنوات المذكورة تُدير ظهرها للسودان وشعبه ومُعاناته.
** لم يستفد السُّودان من الإعلام “المصري السعودي الإماراتي” المحسوب له، وبالتالي لم يستفد ممّا كان محسوباً عليه من “قطر وتركيا” وكانت كل القنوات تتبارى في الضرب على الجسد الميّت المسكين.. وأكاد أن استثني القناة العالمية (BBC) لعلمي بسياستها في المُوازنة من خلال عملي بها لأكثر من ثمانية عشر عاماً وإن كانت أفضل من غيرها إن لم تَكن الأقل سُوءاً.
** أُغادر اليوم إلى العاصمة التونسية تونس للمُشاركة في لجنة التحكيم الخاصّة بالأعمال الإذاعية والتلفزيونية الفائزة لعام 2018 وهي مُشاركة اعتز وافتخر بها للمرّة الثالثة على التّوالي، ومَهرجان الإذاعة والتّلفزيون (اسبو) يحتفل في تونس هذه الأيام بيوبيله الذهبي بعد أن مَرّت خَمسون عَامّاً على تأسيسه عام 1969 بالخرطوم وقد تمّت دعوة البروفيسور علي شمو بصفته أول رئيس للاتحاد لتكريمه، كما سيُكرّم عددٌ من الذين كان لهم دَورٌ في الاتحاد.. نأمل أن نكون منهم.