الخرطوم: مريم أبشر 27مارس2022م
مع استفحال الأزمة التي تعيشها البلاد في كل جوانبها، بدا واضحاً للمراقبين أن مهمة بعثة الأمم المتحدة الخاصة بدعم الانتقال في السودان لحل الأزمة السودانية وجمع الفرقاء وتقريب وجهات النظر بين حلفاء الأمس في الحكومة الانتقالية (المكونين العسكري والمدني) خصوم اليوم، قد وصلت إلى طريق مسدود.
حيث أعلنت بعض قوى الحرية والتغيير أن بعثة “يونيتامس” باتت عاجزة عن إيجاد حل يُخرج البلاد من المنعطف الخطير الذي تمر به حالياً ليس هذا فحسب، بل إن بعض المجموعات التي أسهمت وساندت إجراءات الفريق اول عبد الفتاح البرهان التي أطاحت بالحكومة الانتقالية أصبحت هي الأخرى ترى أن الحل يكمن في حوار حقيقي وهو غير متاح حالياً، وساندت ذات الرؤية الجبهة الثورية، حيث أكدت أنه لا يمكن أن تُحل الأزمة في السودان بخلاف حوار شامل.
غير أن الحوار الذي تتحدث عنه كل الأطراف كما أشار بذلك مراقبون يتطلب تنازلات وتوفر إرادة سياسية حقيقية له وليس مجرد حديث على المطلق وإطلاق تصريحات للاستهلاك السياسي.
ويعتقد مراقبون أن الأزمة التي تمر بها البلاد حالياً تُعد الأخطر وهي أزمة سياسية فجّرتها القوى السياسية والعسكرية التي شاركت في الفترة الانتقالية، تعقّدت بسبب تمسك الأطراف بمواقفها ليفقد السودان مكتسبات مهمة حققتها ثورة ديسمبر المجيدة، لعل أبرزها إحجام المجتمع الدولي عن دعم الفترة الانتقالية مادياً، مما أدى إلى أن يعيش السودان حالياً أزمة اقتصادية طاحنة.
تعثر واضح
الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة “يونيتامس” فولكر بيرتس، كان قد ابتدر المحادثات بشأن الانتقال السياسي في السودان، وصولاً لاتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية والاتفاق على مسار مستدام للتقدم نحو الديمقراطية والسلام. و أعلن عدة مرات ان البعثة الأممية لم ولن تقدم مشروعاً أو مقترحاً للسودانيين لحل الأزمة، و أن دورها يقتصر فقط في تسهيل عملية الحوار ومرافقة الشعب السوداني بمختلف مكوناته للخروج من هذه الأزمة، وأشار أكثر من مرة بأن الأمم المتحدة لن تأتي بأي مسودة ولن تتبنى أي مشروع لأن السودانيين أولى بذلك، وأن الوقت قد حان للدخول في عملية تشاورية شاملة لحل الأزمة في السودان يجب أن يدعمها كل العالم سياسياً للخروج من الأزمة الحالية، لكن يبدو ان الخطوات المساعدة للأطراف التي بدأها فولكر تمر هي الأخرى بتعثِّر واضح، رغم أنّ الأزمة وصلت مراحل مُتأخِّرة.
كسب الوقت
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات د. صلاح الدومة أن فولكر نجح بامتياز في مهمته الخاصة بكسب الوقت وهي حسب قول الدومة مهمة سعى لها المبعوث لصالح من أسماهم بالدولة العميقة والفلول، وقال الدومة لـ(الصيحة) فولكر لم يستعجل الوصول لحلول وأضاع الوقت وفي هذا الصدد نجح بقوة.
هذه (…) مهمته
السفير والناطق باسم الخارجية سابقاً الصادق المقلي قال إن فولكر ليس عليه أن يحقق النجاح، وإنما عليه السعي، ولفت في إفادته لـ(الصيحة) بأنّ مبادرة الأمم المتحدة ليس تصوراً او إملاءً خارجياً، وإنما هي فقط مساع حميدة تسعى الى تحقيق توافق وطني يفضي الى إخراج الوطن من هذا المأزق، بعد ان فشل كل الساسة والعسكر في ذلك، مضيفاً بأن ما يقوم به فولكر من مساعٍ ومشاورات مع مختلف القوى السياسية والعسكر من صميم ولايته المنصوص عليها في القرار (2524) الخاص بإنشاء بعثة “يونيتامس” لدعم التحول الديمقراطي في السودان، مقروناً بالقرار (2594) الخاص بالمبادرة الأممية التي تهدف إلى تحقيق توافق وطني يفضي إلى إخراج الوطن من هذا النفق المُظلم.
وقال المقلي، إن فولكر رمى الكرة في ملعب اللاعبين في المشهد السياسي عسكريين ومدنيين، وبالتالي فشله أو نجاحه يعتمد على الإرادة السياسية لدى الساسة والعسكر وتقديم مصلحة الوطن على أي مصلحة شخصية أو حزبية ضيِّقة إن كانوا فعلاً يهمهم هذا الوطن الجريح!
تكليفٌ دوليٌّ
وعلى ذات الرؤية القائمة على أن مهمة فولكر أممية، مضى السفير والخبير الدبلوماسي جمال محمد ابراهيم، حيث أشار إلى أن مهمة فولكر لمساعدة الانتقال في السودان جاءت وفق تكليف دولي تقف خلفه الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول الترويكا لمساعدة الأطراف السودانية، وأكد أن الحل ليس بيد فولكر، بل أن مهمته المساعدة في الحوار، وأضاف قد يكون هنالك بطء في التعامل، لكنه يمضي في المهمة وفق نهج علمي بإجراء الحوار مع كل الأطراف وسماع رؤيتها دون فرض رؤى محددة من قبله للحل، وقال إبراهيم ان تقييم ما يقوم به مهمة مجلس الأمن الدولي التي يرفع لها تقارير دورية وليس ما يصدر من قوى سياسية أو غيرها.