هل استنفد القوم أوراقهم !!
*سارعت قوى الحرية والتغيير إلى تعليق الاعتصام والإضراب الشامل، برغم انها قالت فيما قبل إنه سيستمر حتى سقوط المجلس العسكري، غير أن قوى الحرية سارعت إلى رفع الاعتصام بعد ثلاثة أيام من انطلاقه، وذلك لمجموعة أسباب..
أولها.. على أن أهم الأسباب التي عجلت برفع الاعتصام تمثلت في التصاعد التدريجي لوتيرة عودة الحياة إلى طبيعتها في الشوارع العامة والأسواق والمحلات التجارية والمؤسسات العامة والخاصة، سيما وقد تمظهر ذلك التصاعد عشية رفع الحصار، إذ أن عودة الحياة بصورة كبيرة بدأت قبل توقيت رفع الحصار من قبل الحرية والتغيير بوقت كبير… على أن واقع الحال كان يقول بأن الحياة والحراك الجماهيري العام سيكون أعظم وأكبر في اليوم التالي، رفعت الحرية والتغيير اعتصامها أم لم ترفعه…
ثانياً.. ومن جهة أخرى، سارعت كتلة الحرية والتغيير إلى رفع حالة الاعتصام لتدارك بوادر انشقاق داخل الكتلة، إذ أن مجموعات داخل الكتلة أبدت استياءها من عمليات المتاريس التي ردمت داخل الأحياء السكنية، ذلك مما أجبر المواطنين على عدم الخروج قسرياً، في خطوة تصعيدية يمكن أن تنسف عملية سلمية الثورة التي طالما راهنت عليها كتلة الحرية كثيراً، ومن جهة أخرى يمكن أن يهزم هذا السلوك مبدأ الحرية كأحد أهم شعارات الثورة ..
ثالثاً.. استدرك تجمع المهنيين ومنظومة الحرية والتغيير، بأن غالبية المواطنين السودانيين يعتمدون على العمل اليومي في معاشهم، وليس بإمكان المواطن الصمود لأكثر من ثلاثة أيام.
رأبعاً.. كما تزامن مع عملية العودة التدريجية إلى الطرقات والأسواق، العودة المتصاعدة للعمل في الدوائر الحكومية، على أن هنالك دوائر مهمة لم تنخرط أصلاً في عمليات الإضراب والعصيان التي طرحتها كتلة الحرية والتغيير، فضلاً عن العودة المتصاعدة لبقية الدوائر الحكومية التي تلقت جزئيًا …
* وثمة تساؤل يفرض نفسه في هذا السياق، هل يا ترى قد تعجلت قوى الحرية والتغيير في استخدام آخر أسلحتها، سلاح العصيان الشامل وشل الحياة، ليكون ظهراً قوياً للحرية بعد نفاد هذا السلاح، فضلاً عن انهيار حائط الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة هو الآخر، ليكون ظهرها مكشوفاً تماماً أمام طاولة المفاوضات، فيما يحتفظ في المقابل المجلس العسكري بكامل أسلحته وأوراقه !!
* مهما يكن من أمر، فإن سلاح العصيان الذي عولت عليه القوى الثورية داخل قوى الحرية والتغيير كثيراً، لم يعد يجدي بعد ذلك، إذ تكشفت ثغراته العديدة، والتي أهمها رفض غالبية المواطنين عملية فرض الإقامة الجبرية من قبل جهة سياسية، مهما كانت مطالبها ومسوغاتها، فقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق …
* فضلاً عن تكشف عمليات الاستغلال الحزبي الضيق والتكسب السياسي من وراء عمليات التصعيد الثوري، إذ أن عمليات شل الحياة لا يخدم قضايا المواطن، كما أنه في المقابل يهزم شعارات الثورة التي جاءت لفتح مسارات الحياة، وليس لإغلاق الطرق ووضع المتاريس أمام العملية السياسية .
* إذ أن الثورة أصلاً قد نهضت لقطع الطريق أمام الرؤى الأحادية، وعملية تكريس ثقافة الشمولية كما تبدت في سلوك قوى الحرية والتغيير، والتي في كل يوم، وفي كل خطوة ثورية جديدة تهزم واحداً من شعارات الثورة التي تمثلت في ثلاثية الحرية والعدالة والسلام..
وليس هذا كل ما هناك …