26مارس2022م
(1)
بدأ اللحن مباشرة بدون مقدمات أخرى بموسيقى جزلة نشطة فرحة في إيقاع سريع هو ( السامبا) وهو أكثر إيقاع بالطبع يعبر عن الفرح والنشاط وكأن المؤلف هنا يرسل رسالة تعبير عن الفرح الذي في دواخله برغم ما يعتمل فيها من حزن وأحاسيس ولوعة وأشياء أخرى، ونلاحظ أن الإيقاع يتغير الى رتم آخر هو أقرب لإيقاع 1 ونص مع دخول المغني في الكلمات، وقد استخدم المغني في اللحن عدة تنويعات في السلالم وبدأ الموسيقى بسلم ( فا ميجر) الكبير الذي يحتوي على علامة تحويل واحدة ملونة وهي السي بمول ثم يتحول إلى سلم سي بمول ميجر بعلامتين ثم إلى مي بمول ميجر بثلاث علامات ثم إلى دو ماينر بأربع علامات وهذا شيء مدهش كل هذه التنويعات.
(2)
وبالطبع هذه المقامات الأربعة من أكثر المقامات تعبيراً عن الشجن والحب و الحزن الدفين وكل ما يجيش بصدر الانسان من انفعالات وشعور تنتابه بالاضافة إلى أنها من السلالم الرخوة أي اللينة والتي دائماً ما تتسم بطابع الرقة والحنان والحب والروعة.
(3)
وتداخل آلة الكلارنيت هنا بالصولو وهو العازف القدير الراحل (عبد الله إبراهيم أميقو ) تداخله بالصولو الانتقالي الصغير والزخارف والحليات الموسيقية ، قد أعطت الإحساس الجيد بكل هذه المشاعر ، أيضاً نلاحظ تواجد ( الفانتازيا ) او الخيال العالي بصورة واضحة في هذا اللحن وكأنه يجاري جنبا الى جنب الرمزية في النص الجميل ، وكأن كل هذه الاحاسيس والانفعالات من حزن وفرح وفرقة وشوق وصبر ولوعة وغيرها من الاحساس ، يجب أن يعبر عنها الخيال العالي مع تضامن الاثنين الواقعية والرومانسية ( Romantic ) معاً.
(4)
استخدم المؤلف أيضا الكاونتر بوينت بطريقة ذكية أثرت اللحن كثيرا في كثيرا من المواقع بحيث يجعلك تحس بقوة التعبير في الموسيقى المصاحبة للعمل ، ونرى أيضاً أن المؤلف قد استخدم تنويعات وتنقلات نغمية ولحنية ( Variations ) غاية في الثراء والجمال بما يجعلك حقيقة تحس بجمال اللحن والتنقل في استخدام النغمات غير المتوقعة وأيضاً انصاف الأبعاد هنا ما بين المي بمول والري ( بيكار ) أي الطبيعي والسي بمول واللا بيكار جعل للحن زخما من الاحساس بالحزن مختلطا بالشجن.
(5)
وهناك أيضاً انتقال نغمي ما بين السلم الأصل والسلم القريب الصاعد وايضاً في منطقة أخرى انتقاله الى السلم القريب الهابط أي من الفا بيكار للمي بمول ، واعتقد أن هذه الانتقال السلس بين المقامات هو بمثابة احترافية عالية جداً من قبل المؤلف وهو قد حشد أكبر جهد في كمية من المقامات المتقاربة نغمياً ليستطيع توصيل إحساسه الحقيقي بالعمل النصي، والذي يقول فيه النص في نهايته ( أريتو سفر بلا عودة ) وهو تعبير عن الشئ باستخدام الضد وقد تعتقده هو لا يريد ولكنه بالطبع يتوق للسفر داخل هذه العيون الجميلة وبلا عودة إطلاقاً.
(7)
التحية للموسيقار الفنان الجميل يوسف الموصلي وهو يقدم أحد أجمل الدروس في طريقة الغناء الجميل والتنويع النغمي وقد خطا بنا خطوات واسعة جدا في مجال التأليف في الأغنية الحديثة وهي مدرسة واعية تستحق منا التتبع والاهتمام الجاد وقد كانت هذه حصة راقية جداً في سبر أغوار هذه السلام الرخوة والتي تجتمع كلها لاحتوائها على نغمات البمول الملونة وتداخلها في بعضها البعض بكل الجمال والانسجام.