حافظوا على أبنائكم.. رسالة في بريد جميع الأباء ورجال الإدارة الأهلية
فاطمة لقاوة
لعنة السودان الحقيقية دائماً في الأنا الزائدة والمشاغبة والحسد، والخلط بين قضايا الحُكم الموضوعية والصراع حول كراسي السلطة بين السياسيين.
معروف أن السلطة لا تكفي جميع الطامحين في الدنيا، لذلك السلطة عظمة صراع مستمر لا نهاية له، والصراع حول السلطة مُعوج لا يعرف الاستقامة والأخلاق ولا تحكمه مبادئ وأسس، ومن أصعب أنواع الصراعات تِلك التي تنشأ من أجل إزاحة نظام قائم، وهذا ما نشاهده اليوم من متاجرة بأرواح الشباب وتعطيل حياة الناس في العاصمة الخرطوم، واضطراب في كافة قطاعات الدولة!! تقوم به بعض عناصر الأحزاب التي استنكرت ازاحتها من كراسي السلطة التي فشلوا في إدارة مشهدها بعد سقوط الإنقاذ، ولم يحقّقوا مكاسب الثورة الأساسية، بل سعوا إلى تمكين أحزابهم وواجهاتهم السياسية وتعطيل قوانين الخدمة المدنية.
التغيير المنشود الذي التف حوله الشعب السوداني وقاد ثورته المجيدة ضد ديكتاتورية الإنقاذ، من أجل الوصول إلى دولة المؤسسات لا الشُلليات وسيادة حُكم القانون بعدالة دون تمييز أو اقصاء، اليوم في أخطر مراحله والسودان بين أن يكون أو لا يكون، والشباب يُزج بهم في مزايدات سياسية، وتتم تصفيتهم بكل برود من أجل تكسُّب سياسي رخيص، دون مراعاة لمستقبل الشباب أو احترام حوجة الأُسر لأبنائها وحوجة السودان لكافة الطاقات الشبابية.
ما يحدث في الخرطوم ليس تغييراً سلمياً كما عهدناه في السابق، والشحن والاستغلال السلبي لطاقات الشباب وزرع الأفكار الهدامة في مخيلتهم من أجل اتلاف البنية التحتية للطرقات وقفل الشوارع وتعطيل حياة المواطنين، والتطاول على المارة دون احترام، وإطلاق الألفاظ النابية والاحتكاك بالقوات الشرطية واستفزازها من قِبل أطفال أعمارهم ما بين التاسعة إلى الإثنين وعشرين عاماً فقط، ما هو إلا عار مُسطّر في جبين الأحزاب والنُخب السياسية السودانية، وعلى الأُسر السودانية أن تنتبه لما يُحاك ضد القيم المجتمعية التي تميزنا بها بين الأُمم على مر التاريخ، وعلى كافة الأباء ورجالات الإدارة الأهلية القيام بدورهم الإداري والمجتمعي وتتبُّع حركة أطفالهم وشبابهم من أجل المحافظة عليهم وإبعادهم عن أن يكونوا قرباناً لعودة ووصول الطامحين إلى كراسي السلطة.
الأربعاء 23 مارس 2022م