وُضُوح الرؤية
إن كانت هُناك مُفاجأة في حديث الناطق الرسمي للمجلس العسكري الفريق أول شمس الدين كباشي مساء الخميس هو الكشف عن بعض مُدبُّري المُحاولة الانقلابية التي ذَاعَ صيتها الأسبوع المُنصرم.
*وقبل ظُهور الكَبّاشي، كَانَ البعض يتوقّع أن تكون هذه المُحاولة ما هي إلا لإلهاء الشعب عن الأحداث السّاخنة التي تَدُور منذ التاسع والعشرين من رمضان وحتى اليوم، فِيمَا ذَهَبَ البعض إلى أنّ بعض ضُباط النّظام السَّابق هُم مَن حَـــــاولوا الاستيلاء على السُّلطة في سيناريو يُكرِّر ليلة الثلاثين من يونيو قبل ثلاثين عاماً.
*المُفاجأة كَانت في أنّ أحد الأجسام التي تَتَوَسّط إعلان قُوى الحُرية والتّغيير كان له ضلعٌ في هذه المُحاولة الانقلابية، وإن ربطنا هذه الجِهَة التي حَاوَلَ بَعض كَوادرها في القوات المُسلّحة الاستيلاء على السُّلطة ليلاً، وبين مُطالبتها بضرورة إبعاد قوات الدعم السريع من الخرطوم، تتّضح الرؤية كاملةً بأنّ بعض الذين يُنادون بحكومةٍ مدنيةٍ يُريدونها حكومةً عسكريةً كاملة الدسم.
*لا يستقيم الأمران.. المُطالبة بمدنية حكم السودان والسعي لاستلام السُّلطة عبر القوات المُسلّحة التي هي حتى الآن الضَامن الأول لثورة ديسمبر ومعها القوات النظامية الأخرى.
*حسناً.. مؤتمر الكباشي وضّح الكثير من الحقائق وكان أهمها هو أنّ جُزءاً من مُكوِّنات قُوى الحُرية والتّغيير يُريد الانفراد بالسُّلطة دُون انتخابات ودُون حكومة مدنية ظلّت تُطالب بها الثورة طيلة الأشهر المَاضية، وأكّدت خبايا قُوى الحُرية في تَمسُّكهم بفترةٍ انتقاليةٍ لأربع سنوات، ويجب إبعاد هذا الحزب الذي أراد أن يَستلم السُّلطة عبر الانقلاب من المُفاوضات المُقبلة مع المجلس حتى يستقيم الوضع.
*ومن الأشياء المُهمّة التي أشَار إليها الكباشي في مُؤتمره الصحفي هو ظُهُور نتيجة التحقيقات في فَضّ اعتصام القيادة الذي رَاحَ ضَحيته الكثيرون وأُصيب غيرهم، وستُوضِّح نتيجة التّحقيقات الكثير من الخفايا التي ظَلّت حبيسة الأيام الماضية.
*ومن النقاط المُهِمّة جِدّاً في المُؤتمر الصّحفي هو التّأكيد على مُواصَلة التّفَاوُض بين المجلس العسكري والقُوى السِّياسيَّة في قلب الخرطوم وليس سواها من العَواصم الأفريقية وخَاصّةً إثيوبيا التي طَالَبَ بها البَعض، ولا أعلم سبباً واحداً يجعل نقل التّفاوُض إلى أديس أبابا والخرطوم عادت إلى بعضٍ من سيرتها الأولى.
*حَسَنَاً نتوقّع أن يَكون هذا الأسبوع للحسم في الوصول إلى اتفاقٍ يُرضِي جَميع الأطراف في تَشكيل حُكومةٍ مَدنيةٍ تَقُود البلاد خلال الفترة الانتقاليّة، وما يجعلنا نتوقّع ذلك هو الحراك الدُّولي الذي شَهِدَه السُّودان خلال الأسبوع المُنصرم بدءاً من زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي ومن بعده مبعوثه الخاص، ثم وصول المبعوث الأمريكي الذي يتوقّع أن يسهم كثيراً في تقريب وجهات النظر بين الطَرفين، ليبدأ السودان مَرحلة جديدة من الحكم هدفها البناء والإعمار وإعادة الكَثير من العلاقات مع الغرب بعد الفُتُور الذي أصَابَهَا خلال فترة حكم الإنقاذ وكان السّبب الرئيسي في هذا الفُتُور هو مُطالبة المَحكمة الجنائية بالرئيس السابق عمر البشير وبعض قيادات الإنقاذ.
*نسأل الله تعالى أن يكون هذا الأسبوع هو للفرح بعد حالة الحُزن التي أصابت الشعب السوداني عقب فض اعتصام القيادة، مما جعل عيد الفطر المبارك لهذا العام من أحزن الأعياد على الشّعب السُّوداني.