عبد الله سليمان: المتهم الخامس أخبرني بخلافات بين غندور وأنس والجزولي حول صرف مبالغ التمويل
مقدم عبد الله سليمان: صرفت من جيبي الخاص على الحواتي وأسرته
الخرطوم: محمد موسى
مثل مسؤول التنفيذات بلجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م السابق المقدم شرطة معاش عبد الله سليمان ، بوصفه شاهد اتهام، أول أمس أمام المحكمة في محاكمة وزير الخارجية في العهد البائد البروفيسور إبراهيم غندور، و(11) آخرين بينهم رئيس حزب دولة القانون والتنمية محمد علي الجزولي، على ذمة تهم بإثارة الحرب ضد الدولة وتمويل الارهاب ومنظمات الاجرام والارهاب –.
ويُواجه (والي ولاية شرق دارفور الأسبق واللواء معاش أمن أنس عمر وغندور والجزولي ومعمر موسى وميخائيل بطرس)، الى جانب آخرين تهماً متفاوتة في الدعوى الجنائية بمخالفة القانون الجنائي السوداني، وقانون مكافحة الإرهاب.
كتيبتان لنجل نافع
وابتدر شاهد الاتهام الأول مقدم شرطة معاش وملحق لجنة إزالة التمكين السابق عبد الله سليمان عبد الله ، شهادته للمحكمة وأفادها بأنه وقبيل أسبوعين أو يزيد من واقعة القبض على المتهمين في 29 يونيو 2020م حضر الى مكتب استقبال مقر لجنة ازالة التمكين بالخرطوم المتهم الخامس عماد الدين عثمان الحواتي، وطلب مقابلته شخصياً لامتلاكه معلومات مهمة وخطيرة جداً بحد قوله ، منوها الى انه ووقتها حضر الى الحواتي وطلب منه الادلاء بتلك المعلومات – الا انه رفض الحديث عنها بالاستقبال وإنما بمكتبه ، موضحاً بأنه وبالفعل اقتاد الحواتي لمكتبه وعرّفه بنفسه بأنه الأمين العام للحراك الشعبي الموحد (حشد)، وان لديه معلومات عن عقد اجتماعات لـ(8) احزاب وتنظيمات واجسام من بينها كتيبتان أميرهما محمد نافع علي نافع بمركز التواصل للتدريب الذي يخص د. محمد عبد الكريم واجتماعات اخرى تُعقد بمسجد جامعة أفريقيا العالمية ومزارع بالعليفون واخرى عقدت بعمارة اولاد عدلان بالسوق العربي الخرطوم، وإنّ الغرض من تلك الاجتماعات تقويض النظام الدستوري وتنفيذ اغتيالات، وإحداث تفجيرات، وإثارة الإرهاب، وعمل تظاهرات خلال موكب مليونية 30 يونيو 2020م، في تلك الأثناء قاطع المتهم الخامس (الحواتي) شاهد الاتهام وظل يردد له وهو من داخل قفص الاتهام بالمحكمة (انت حالف قسم)، حينها أسكته القاضي وبعدها لم تمض ثوان معدودة حتى ابلغ مندوب سجن الهدي المحكمة بان ادارته طلبت اعادة المتهم الحواتي الى السجن مرة اخرى قبيل موعد انطلاق المواكب والتظاهرات ، ومن جهته سمح القاضي للحواتي بمغادرة قاعة المحاكمة في حضور محاميه للدفاع عنه.
تمويل وصرف وخلافات
وتسلسل شاهد الاتهام الاول المقدم شرطة معاش عبد الله سليمان، في أقواله للمحكمة الخاصة المنعقدة بمعهد تدريب العلوم القضائية بأركويت برئاسة القاضي علي عثمان، وأفادها بأن المتهم الحواتي كشف له عن معلومات ايضا تفيد باستلام اموال بواسطة (غندور وانس والجزولي) مصادرها خارجية واخرى داخلية، وذلك لتنفيذ مخططهم يوم الموكب، كاشفاً له عن حدوث خلاف حاد بين (انس والجزولي) وقتها حول كيفية صرف تلك الاموال – لا سيما وان الجزولي بحسب ادعاء (انس) قد أنفق تلك الاموال جميعاً في طباعة كتب تحمل اسمه وملصقات دعائية كانت بصدد استخدامها يوم الموكب، ونبه شاهد الاتهام الأول المحكمة بأنه وبعد تمليك الحواتي له تلك المعلومات بمقر لجنة إزالة التمكين طالبه بأن يذهب بباب آخر غير الباب الذي سيسلكه للخروج من المقر وان لا يلتقيه فيه مجدداً أو يظهر فيه، مبيناً بأن الحواتي كان مصدره لتلك المعلومات في القضية وكان يلتقيه يوما بعد يوم خارج مكاتب اللجنة ويملكه في المقابل تفاصيل الاجتماعات التي تديرها تلك الاجسام والتنظيمات الـ(8) بحد قوله، وافاد الشاهد المحكمة بأن الحواتي كشف له عن دخول (4) كراتين ذخائر وسلاح، مركز تواصل للتدريب في 28 يونيو /2020م، موضحاً بأنه وفور تلقيه هذه المعلومة قام برفعها لإدارة الشرطة العليا التي يتبع لها وتم توجيهه بالانتظار لإصدار امر تفتيش للمركز في البدء ومن ثَمّ مُداهمته في 29 يونيو 2020م، مشدداً على أنه كان على اتصال هاتفي مع الحواتي الذي اكد له وجود مجموعة من المتهمين داخل المركز، مشيراً الى انه وعند المداهمة لم يجدوا اي سلاح بالمركز او متفجرات او محضر اجتماعات او اموال – وذلك بعد اطلاعهم من قبل الحواتي بأنه تم نقله لموقع آخر لم يحدده له وذلك بعد وصول معلومة سرية بمداهمة المركز، لافتا ً الى انه تم داخل المركز ضبط طبالات (“دلوكة”، “10” آلاف نسخة من كتاب ألّفه المتهم السادس د. محمد علي الجزولي، بعنوان الرؤية النقدية للوثيقة الدستورية، بجانب ضبطه ملصقات لموكب معاش الناس المقرر توزيعه بالمليونية، ومكبرات صوت ومئات اللوحات وعدد كبير من المستندات والاجهزة)، منبهاً بأن تلك اللوحات والملصقات والكتب تمت طباعتها بواسطة الاموال التي استلمها المتهمون (غندور وأنس والجزولي).
في ذات السياق، كشف الشاهد للمحكمة بأن (الحواتي) افاده بان هناك (4) قناصين تم توزيعهم في الجامعة الإسلامية وقصر الشباب والاطفال وشارع الـ(60) ومحطة سراج بأم درمان، لتنفيذ مخططات اغتيالات يوم الموكب.
كادر تصفية وعنف
وأكد شاهد الاتهام الاول للمحكمة بأنه تمت مداهمة المركز المملوك للدكتور محمد عبد الكريم ومديره التنفيذي المتهم السادس في القضية – إلا انه لم يتم قبض المتهمين فيه، وانما تم ضبطهم على بُعد امتار منه، موضحاً بأنه القي القبض على المتهم الثاني الذي كشف له الحواتي معلومات عنه بأنه كادر تصفية وعنف وانه سبق وان قتل مسؤول منظمة الدعوة الإسلامية بكادقلي، موضحاً بأنه أيضاً ألقى القبض على المتهم الثالث راشد تاج السر داخل العربة التي كانت تُستخدم في التصفيات وكان برفقته المتهمان الثاني والخامس (الحواتي)، مؤكداً بأنه وبتفتيش العربة لم يجد بداخلها سلاحا ناريا وتم وضعها كمعروضات في البلاغ ولا يعلم إذا سلمت له لاحقاً ام العكس، مُشدداً على انه لم يقد عربة المتهم الثالث مُطلقاً خلال القبض عليه، فيما نبه الشاهد للمحكمة بأنه تم القبض على المتهم الثامن معمر موسى داخل مسجد لجنة إزالة التمكين وهو يستخدم تطبيق الواتساب بهاتفه المحمول، موضحاً بأنه وعلى الفور تم القبض عليه واقتياده امام وكيلي النيابة أبشر دلدوم واشقر القضيم، اللذين أمراه بفتح هاتفه المحمول – إلا أنه رفض ذلك وقال لهما بأنه وفي حال قام بفتح هاتفه المحمول فإن ذلك سيقوده الى حبل المشنقة بحد قوله.
في سياق متصل، شدد شاهد الاتهام للمحكمة على عدم اعتدائه باللكمة (البونية) على وجه المتهم الثالث راشد تاج السر، حتى كسرت نظارته الزجاجية او ركله بواسطة قدمه على بطنه مما استدعى نقله للمشفى واجراء عملية جراحية له.
معلومات لدافع الحماية
فيما أكد شاهد الاتهام الأول للمحكمة بأنه لم يقم بكتابة أو تسجيل المعلومات التي ملّكها له الحواتي وذلك لسريتها ، مؤكداً بأنه قام بالاحتفاظ بها في رأسه فقط ، ومن ثم قام بذكرها لوكيل النيابة الذي قام بتدوين اقواله في عريضة شكوى حولها كمُبلِّغ في الدعوى الجنائية وبموجبه أصدر اذن تفيش له لمقر المركز ومداهمته، موضحاً بأنه انتدب من رئاسة الشرطة للعمل كمندوب مفوض ومسؤول عن التنفيذات للجنة إزالة التمكين في ابريل 2020م ، موضحاً بأن القانون يسمح له كضابط شرطة بسماع المعلومات وأخذها من الحواتي دون الرجوع للضابط الأعلى رتبة منه خلال عمله باللجنة، مشدداً على ان الحواتي كان مصدره وموثوقا فيه وان معلوماته كانت فيها مصداقية لتسلسل الاحداث، اضافةً الى انه كان لديه مصدر آخر خلاف الحواتي كان يحضر تلك الاجتماعات للمتهمين الذي كان يؤكد له المعلومات التي ينقلها له الحواتي، لافتاً بأن جميع اقواله في القضية كانت نتيجة معلومات الحواتي ومصادر اخرى لا يستطيع الإفصاح عنها للمحكمة ، مؤكداً بأن الحواتي كان له دافع في تمليكه المعلومات لوضعه حسب فكره بأن لجنة التمكين (ستحميه) من البلاغ المدون ضده بسرقة إطارات سيارات من مخزن يخص أقباطا، موضحاً بأنهم ولاحقاً تفاجأوا بالحكم على الحواتي بثلاث سنوات جراء قضية السرقة وسجنه بالهدي وتغريمه مبلغ (10) آلاف جنيه. فيما حددت المحكمة جلسة أخرى للسير في إجراءات القضية.
ضرب وإغراء وشائعة
وازاح شاهد الاتهام المقدم المعاشي عبد الله سليمان، الستار للمحكمة وكشف لها بأن الحواتي كان مصدره وسجّل له زيارات عدة بسجني الهدي وكوبر وكان يصرف عليه وابنائه من جيبه الخاص، موضحاً بانه وفي احدى زياراته له اخبره الحواتي بأنه تعرض للضرب داخل السجن من قبل المتهمين (أنس عمر وجمال الشهيد) وذلك في حضور المتهم السادس جمعة عريس، كما اخبره كذلك الحواتي تعرُّضه لمحاولة تسمم له من خلال وضع (سم) له داخل مشربه ومأكله وهو بالسجن، منوهاً الى ان المتهم الخامس الحواتي اخبره بانه دوماً ما كان يردد المتهمون له وهو بالسجن (يا خائن تخون اخوانك)، موضحاً بانه وعندما فشلت تلك المحاولات ضد الحواتي من قبل المتهمين قاموا بترغيبه وإغرائه بتسفيره لدولة تركيا وشراء عربة هايس له وتأمين مستقبله وأبنائه، كما نبّه الشاهد المحكمة في أقواله بأن المتهمين وقبل ذلك قاموا بنشر شائعة داخل السجن بأن الحواتي (شاذ جنسياً)، مما اضطرت ادارة السجن بنقله من القسم الذي به المتهمون الى القسم الخامس ومن ثم نقله لسجن الهدي، وكشف الشاهد للمحكمة بأن المتهمين لم يقفوا عند ذلك الحد، بل قاموا بإرسال مندوب لزوجة الحواتي مصدره وأخبروها بشائعة أن زوجها شاذ جنسياً، مما دعى زوجته برفقة شقيقها عدة مرات بالسجن تطلب الطلاق منه بالرغم من أنها طبيبة بحد تعبيره، موضحاً بأنه وبعد ذلك تحدث مع زوجة الحواتي، مُحاولاً إثناءها عن طلب الطلاق من زوجها، لأن الحديث مجرد شائعات لا اساس لها من الصحة.
ومكالمة وهروب الحواتي
فيما واصل شاهد الاتهام الأول، إفاداته للمحكمة وكشف لها عن تلقِّيه ذات مرة مكالمة هاتفية من الحواتي نقل له خلالها هروبه لثلاثة أيام متتالية من حبس ادارة الشرطة الامنية واختفائه وتردده على السوق الشعبي الخرطوم ومسجد البرهانية وداخلية البركس، منوهاً الى انه وفوراً اقتاد عربته ووصل إليه بالقرب من استاد الخرطوم وقام بإعادته مرة اخرى للشرطة الامنية بعد أن أقنعه بأن الهروب لا جدوى منه، كما كشف ذات الشاهد للمحكمة أيضاً عن قيام المتهم الخامس الحواتي بعدة تسجيلات صوتية له من داخل محبسه تحدث فيها عن جميع التفاصيل للاجتماعات للمتهمين وتفاصيل أخرى، موضحاً له بأن قيامه بتلك التسجيلات من باب (الأمانة) ولحفظ الأمن القومي للبلاد بحد قوله لها.
جدلية الأسئلة التجريمية
في ذات المنوال، قررت المحكمة رفض توجيه رئيس هيئة دفاع المتهمين من الأول وحتى الرابع المحامي عبد الباسط سبدرات، اي اسئلة تجريمية لشاهد الاتهام (عبد الله سليمان) أو أسئلة ليست لها علاقة بالقضية، وألزمت المحكمة سبدرات بتوجيه الأسئلة واستسفار الشاهد حول وقائع الدعوى الجنائية والأحداث المنتجة فيها، وجاء قرار المحكمة عقب خوض سبدرات، توجيه أسئلة للشاهد عن إجراء مجلس تحقيق معه إبان عمله بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات حول الحادثة الشهيرة لكوفير الملكة بأم درمان.