من أبرز الشعراء السودانيين الذين عبروا بالمفردة العربية السودانية .. الهادي آدم.. شاعر فخيم ظلمته أغنية أغداً ألقاك!!
(1)
يعد الهادي آدم من ابرز الشعراء السودانيين الذين عبروا بالمفردة العربية السودانية حدود الوطن واوجدوا لها حيزاً من الاهتمام والمتابعة في الأوساط الفنية العربية خاصة بعد ان صدحت فنانة الشرق ام كلثوم برائعته أغدا ألقاك التي يصفها بالكنز الأدبي الذي أسهم في تقديمه للعالم العربي بشكلٍ عامٍ من خلال الحوارات التي اجريت معه, واضاف آدم أن سر خلود الأغنية يرجع لان كوكب الشرق هي من تغنت بها بجانب الالحان البديعة التي وضعت من قبل الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب.
(2)
وحول اختيار ام كلثوم لقصيدته البديعة قال آدم “زارت الفنانة أم كلثوم السودان عام 1968 لتغني لمصلحة المجهود الحربي بعد النكسة في 1967 في إطار الجولة التي قامت بها لعدد من الدول العربية، وألحت على ان تتغنى بكلمات شعراء عرب في تلك الفترة ومن كافة ارجائه وعندما حلت بالسودان وجدت استقبالات حاشدة ورائعة عكست مدى حب الجماهير وتعلق الشعب السوداني بها كفنانة كبيرة, ومن ثم بدأت رحلة البحث عن نصوص يمكن ان تترنم بها فكان ان عثرت على قصيدتي ( اغدا القاك ) مما اثار في دواخلي البهجة والسعادة لما تتمتع به الست من مكانة في الاوساط الغنائية في الوطن العربي ككل”.
(3)
وكان لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر أثرٌ في ان تتأخر عن غنائها حتى صدحت بها أم كلثوم في مايو عام 1971 في مسرح سينما قصر النيل لأول مرة وسط أجواء تحفها البهجة والطرب .. وقدم الشاعر الجميل الهادي آدم العديد من الأعمال الخالدة للمكتبة السودانية والعربية وجملة من الإصدارات الشعرية (كوخ الأشواق) و(نوافذ العدم) و(عفوا أيها المستحيل).. بالإضافة لمسرحيته (سعاد) التي لم تجد حظها من الانتشار.
وقامت مؤسسة اروقة للثقافة والفنون قبل سنتين بطباعة الاعمال الكاملة للشاعر الهادي آدم.
(4)
ولد الهادي آدم بقرية الهلالية في العام 1927م ويقول عن نشأته في تلك البيئة من خلال الحوار الذي اجرته معه اسماء الحسيني بالقاهرة في فترة سابقة (ولدت في قرية أصبحت مدينة الآن هي قرية الهلالية التي تقع علي شاطئ النيل الأزرق جنوبي الخرطوم وتتبع لولاية الجزيرة وهي ذات بيئة زراعية تجارية، ولا شك انني تأثرت بها كثيراً خاصة وان البيئة التي نشأت فيها أهلها أناس بسطاء طيبون يحرصون على الرزق الحلال في الزراعة والتجارة ويؤازرون ويشاطرون بعضهم بعضاً في الأفراح والأحزان، ويعتبرون كل من ينتمي لها جزءاً لا يتجرأ منهم).
تلقى الهادي آدم تعاليمه الجامعية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة ثم بكلية التربية بجامعة عين شمس , قبل ان يعمل معلماً بوزارة التربية بالسودان , كما تم تكريم الهادي آدم من قبل جامعة الزعيم الازهري بحصوله على الدكتوراه الفخرية من قبل ادارة الجامعة . رحل الهادي آدم عن دنيانا في ديسمبر من العام 2006م مخلفاً وراءه إرثاً ادبياً عظيماً تنهل منه الأجيال المحبة للشعر والكلمة الرصينة.
(5)
الهادي آدم .. صحيح أنه انتشر عبر أغنية واحدة هي (أغداً ألقاك) التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم .. ولكن ذات الأغنية ظلمته ظلماً بائناً وكانت سبباً في تغييب بعض ما كتبه هذا الشاعر المهول من أشعار .. ولكن ذات الأغنية التي ظلمته أكدت أن الشاعر السوداني يكتب شعراً على درجة عالية من القيمة الفنية وهو شعر يبذ أقرانه العرب.. بل ويتفوّق عليهم من حيث المضمون والطرح الجديد والمُختلف .. وإن كانت أغداً ألقاك وجدت حظها من الانتشار .. فذلك لأنها تستحق بما احتشدت به من مضامين راقية وكلمات شفيفة وعميقة