المواصلات.. صرخة في وادي الصَّمت!!
الخرطوم: سارة ابراهيم 21مارس2022م
تعاني البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة من صعوبات اقتصادية فشلت الحكومة في معالجتها، ولا تنحصر الازمات في جانب معين، فمن سعر الصرف المتهاوي يوماً بعد آخر إلى الزيادات المتتالية في أسعار الوقود وأزمة الغاز وارتفاع أسعار الخبز، وتذبذب الإمداد الكهربائي، وارتفاع تعرفة المواصلات وغيرها من إشكالات مستمرة وضاقت خيارات وزارة المالية في إيجاد الحلول، واستمرت الأوضاع الاقتصادية في التردي ودخلت البلاد مرحلة حرجة وعانى المواطن من ازمات متلاحقة على كافة الأصعدة الحياتية عامة وقطاع المواصلات بصورة خاصة، حيث شهدت الفترة الماضية ازمة طاحنة في قطاع المواصلات ارتفعت معها قيمة التذكرة الى مبالغ كبيرة، فضلاً عن تجزئة الخطوط!!!
اللافت أن الوضع أصبح أكثر تعقيداً بعد رفع الدعم عن الوقود، حيث شهد قطاع المواصلات زيادة كبيرة في التعرفة بنسبة تجاوزت 100%، مما دفع الكثيرين بانتهاج اساليب أخرى بشراء دراجات هوائية او السير على الأقدام لمسافات طويلة، وشرع أصحاب المركبات في رفع قيمة التعرفة لأعلى معدل دون وازع من ضمير، فضلاً عن تقسيم الخطوط إلى مرحلتين لجني أكبر عائد من المال خاصة في اوقات الذروة والفترة المسائية.
عددٌ من سائقي المركبات جأروا بالشكوى من الحصول على الوقود وأجمعوا في حديثهم لـ(الصيحة) على أن الأمر بات “مهمة صعبة”، وعابوا على الحكومة ترك الأمر للتجار والخروج من دعم الوقود، مؤكدين ان القرارات تصدر بصورة غير مدروسة وساد الهرج والمرج بالقطاع، وكل ذلك تحت نظر وسمع الأجهزة الامنية، مشيرين الى ان البعض منهم اضطر للبقاء ساعات طويلة في صفوف ممتدة حتى يتزوّد بالوقود، كما عمّقت الازمة من صعوبة المواصلات، والتي بدورها زادت من التسعيرة لتغطي احتياجات الرحلة والاسبيرات للمركبات العامة ونتيجة للوقوف ساعات طويلة مما يقلل العائد المالي لأصحاب المركبات.
استغلال المواطن
يقول هيثم عمر- موظف نحن نعيش ظروفاً صعبة للغاية في الوصول للعمل والعودة إلى المنازل بعد نهاية الدوام، وأضاف: جل أموالنا ضائعة في المواصلات، حيث تبلغ تكلفة الذهاب للعمل والعودة فقط في اليوم الواحد أكثر من (2000) جنيه غير المنصرفات الأخرى، وطالب المجلس السيادي والقائمين على امر البلاد الآن بالتدخل السريع وحل الازمة السياسية الحالية، وان يجعلوا المواطن نصب أعينهم والعمل على حل مشاكله، وتابع: استغل سائقو المركبات حاجة المواطن وزادوا التعرفة بالضعف والأدهى والأمر تقسيم الخط الواحد لعدة خطوط، طمعاً في الحصول على أكبر قدر من المال.
ومن جانبه، رسم رئيس غرفة النقل بولاية الخرطوم المجمدة عبد اللطيف حسن، صورة قاتمة لاوضاع قطاع النقل بالولاية، معلناً عن خروج اكثر من 30% من المواصلات العامة بسبب تردي الاوضاع بالقطاع، وقال ان القطاع خرج عن السيطرة وأصبح أصحاب المركبات يضعون الاسعار حسب ما يغطي حاجتهم هناك سعر في الصباح وسعر في النهار والأمسيات اسعار مختلفة تماماً، واضاف لا نستطيع ان نلزم احدا بتسعيرة محددة في ظل الارتفاع الكبير في اسعار الاسبيرات والوقود والزيوت وغيرها من احتياجاتهم اليومية، وقال في ظل غياب اللجنة والفراغ الحكومي بالبلاد سينهار القطاع!
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي: تم رفع الدعم كلياً عن مشتقات النفط بالتركيز على قطاع النقل الداخلي، وفي تقديري انه بنهاية مارس سيكون التحرير الكامل لأسعار النفط في البلاد وقد يتعجّب المواطنون لماذا هذه العجلة في التحرير وإشعال نار التضخم اكثر مما هي عليه، واضاف: الواضح ان هناك بعثة من صندوق النقد الدولي للمراقبة ومدى جدية الحكومة في الالتزام بروشتة صندوق النقد الدولي بالرفع الكلي للدعم وهذا ظلمٌ في حق الشعب السوداني أن يُفرض عليه رفع معدلات التضخم مرة أخرى!!! وتساءل لماذا يرى صندوق النقد الدولي ان الدعم تشوه ولم يروا أي تشوهات أخرى في الاقتصاد؟!
ظلم للشعب
وأضاف: في تقديري إن هذا ظلم للشعب السوداني بأن يتحمّل روشتة البنك الدولي دون مساعدات دولية، وحذر من تعويم الجنيه، وقال ان رفع الدعم عن وقود المواصلات بمثابة صب الزيت على النار المشتعلة، مبينا ان التذاكر داخل وخارج المدن ستتضاعف بجانب ارتفاع تكلفة النقل وستتأثر منتجات الصادر ويزيد الكساد والعطالة، وستدخل مزيد من الاسر تحت خط الفقر، لافتاً الى أن هذا القرار يعطل مسيرة الاقتصاد السوداني اكثر، لذا انصح بالتريث قبل الإقدام في تنفيذ كل القرارات الضارة بالاقتصاد وهذا الحماس يدفعه البنك الدولي ورقابته، مبيناً أن حدوثه متتاليا ومتسارعاً سيكون أثره التضخمي تراكمياً وتتآكل القوة الشرائية للجنيه السوداني ويصبح أقل قيمة، وتساءل هل في مقدور الحكومة أن ترفع مستوى المرتبات لتواكب الوضع الحالي..؟؟!!