سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع

 

19مارس2022م

عبد الله الكاظم .. عيني عليك باردة!!

(1)

إقليم كردفان الشاسع والواسع والفسيح، يظل واحداً من الأماكن المهمة في تاريخ السودان وعلى كل الأصعدة، فهذه البقعة أعطت ولم تستبق شيئاً من العطاء الوافر والدافق.. وظل خيرها متصلاً بلا انقطاع، لذلك نحن في حالة امتنان لها دائم لما أعطت سابقاً ولاحقاً، والأسماء المبدعة التي وفدت إلينا من مدن كردفان هي أسماء كثيرة وكبيرة وذات عطاء ثر ومؤثر في الوجدان السوداني، ولعل بيئة كردفان وتراثها باختلاف تنوعاته وتركيباته يمثل ملمحا من الملامح المهمة للتراث السوداني الأصيل، لذلك كردفان هي بلد الأصالة الإبداعية والجمالية وهي موطن مهم لميلاد المبدعين على كافة الأصعدة.

(2)

الأغنية الكردفانية فرضت وجودها على المستوى القومي وكسرت الأطر التقليدية للجغرافيا وتجاوزت العناوين المحلية، ويعد الأستاذ الشاعر الراحل عبد الله الكاظم واحدا من نجوم الأغنية الكردفانية فهو بحسب رأي الأستاذ الشاعر مختار دفع الله (شاعرنا الكبير والمبدع عبد لله الكاظم أحد المبدعين الكبار وأحد الأنجم الزاهرة في فضاء الشعر الغنائي السوداني، وله الفضل في الانتقال بالأغنية الكردفانية من محيطها الإقليمي الضيق إلى رحاب القومية العريض، ودونكم أغنيات إبراهيم موسى أبا، وصديق عباس، وعبد القادر سالم، وعبد الرحمن عبد الله وغيرهم والذين استطاع من خلال قصائده الغنائية الباهرة أن يقدمهم لعشاق الغناء النظيف والأصيل والمعافى، مما أكسبهم تلك الشهرة وذلك الألق، بل تعدى الأستاذ عبد الله الكاظم حيز الأغنية الكردفانية ليرفد بقصائده مجموعة من المطربين الكبار وعلى رأسهم المطرب الشامخ والهرم محمد وردي حينما تغنى له بأغنية وديان الريد، ولعل أغنيات مثل شقيش قولي يا مروح.. قبال صباحنا يروح.. وأنا ما بقدر أسيبك قليبي تشيلا تروح أو الله يصبرك يا قلبي من حالتك الفوقك أو عيني عليك باردة.. يا السمحة يا الواردة).

(3)

فرض الشاعر عبد الله الكاظم، وجوده في عالم الشعر الغنائي بغزارة منتوجه الإبداعي من أغنيات، فهو كما يقول السفير الدكتور خالد فرح موقع الشاعر عبد الله الكاظم من خارطة الشعر الغنائي في غرب السودان عموماً ، وفي كردفان على وجه الخصوص يُوازي في تقديرنا تقريباً، موقع “عبد الرحمن الريح” من خارطة الأغنية السودانية الحديثة الجامعة التي هي أغنية مدرسة “أم درمان” في الأساس، وذلك بجامع غزارة الإنتاج وتنوعه مع التفنن والإجادة ، إلى جانب الجمع بين التقليدية والحداثة في المفردة والأسلوب في ذات الوقت.

(4)

يقول الشاعر الراحل عبد الله الكاظم واسمه الكامل (عبد الله جبريل عبد الله خالد) بأنه ولد بولاية كردفان 1945م من اسرة متوسطة الحال. التعليم بدأ بالخلوة ثم المدرسة الأولية ثم بخت الرضا حيث تخرجت معلماً ،  ثم اكتفى بالميري لباساً بقية عمره بعد التحاقه بالتوجيه المعنوي بسلاح الطيران. وكان مشرفاً على الموسيقى ووصل إلى رتبة المساعد، الرتبة التي يحترمها الضباط العظام وضباط الصف، كما يقو الناقد حسام ميرغني، التمازج السكاني من مختلف السودان ميّز بارا برموز مؤثرة، فبارا أنجبت عائلة شداد ، ما هل أبو جنة ، الطيب عبد الرحمن مختار ، في مجال الرياضة ومن الشعراء عثمان خالد وعبد الله الكاظم وغيرهما ومن الفنانين صالح الضي ومحمود تاور، وفي مجال التعليم محمد توم التجاني وعدد لا يُحصى من المعلمين والمعلمات وتفخر بارا بأن أول صوت نادى بالاستقلال هو سهل جمعة سهل كما أن السيد الحسن دُفن ببارا، هذه هي بارا الواحة المخضرة . عذوبة المياه التي احتضنتني فتلاحقت شخصيتي مع كل هذا الإبداع والطبيعة الخلابة والتي شدتني بصوت السواقي والدوباي فولّد في دواخلي بذرة الشعور والإحساس والجمال فزاده المناخ الطيب في بخت الرضا بسعة في مدارك واستيعاب طيب.

(5)

الجمعية الأدبية في بخت الرضا شهدت بداياته وكان أن عرض أول تجاربه الشعرية على الأستاذ عبد الرحيم الأمين المعروف بمُساهماته الأدبية، فأثنى عليه وشجّعه على مواصلة كتابة الشعر، بل زاد من تحفيزه بأن مده بالكتب. ما بعد التخرج لم تستمر مسيرته في التعليم فترك الوظيفة بعد سنتين ورحل للعاصمة، وفيها  كتب أشعاراً كثيرة احتفظ بها ولم يقدمها حتى التقى بالفنان ابراهيم موسى أبا فكانت فاتحة المعرفة به كشاعر فغنى له أغنية (عيني عليك باردة) وكان ذلك في عام 1969م ثم انفتحت الأبواب مع عبد القادر سالم وصديق عباس فغنى عبد القادر سالم (آه الليموني) وصديق عباس غنى من كلماته أغنية ( اللالاية) بعدها التقى بالفنان إبراهيم موسى أبا ليقدم له أغنية (عيني عليك باردة) في العام 1969م، ثم تعاون مع كافة الفنانين أمثال عبد القادر سالم الذي غنى له أغنية (آه الليموني)، (بسامة)، (قدريشنا) و(نجوم الليل)، وصديق عباس أغنيتي (اللالاية)، و(الله يصبرك يا قلبي). فيما غنت له زينب خليفة أغنية (يمة.. الله من الريد). وعبد الرحمن عبد الله (شقيش قول لي يا مروح) و(ست الفريق اللهيجا سكر).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى