طُبع اسمه على صدر الصحافة السودانية (1) .. عادل الباز: انتشي بالعمل الصحفي الجيد كأنني أسمع أغنية لأم كلثوم!!
عادل الباز هو شخصٌ طُبع اسمه على صدر الصحافة السودانية، أسهم في تطويرها ورقيِّها، لا ينكر حتى كبار قادة العمل الصحفي لمساته الساحرة وكتاباته القوية الجاذبة التي أثرى بها الصحف التي عمل بها.. هو مغامرٌ ولا يكترث كثيراً لنتائج المغامرة، لا تجد جميع قراراته الترحاب ممن حوله ولا تلقى مبادئه وقيمه الرفض.. عادل الباز وإن قرر قبل فترة إغلاق صحيفة الأحداث، لكنه لن يطوي الصفحة التي ستظل مستعدة بأن تعود مشرقة متى ما توفرت البيئة المُواتية – اعترف أنه يحب النساء الجميلات واضطر للكذب مرة واحدة وندم على خروجه من الشراكة الذكية، فإلى ما قال:
عادل الباز مدرسة.. هل أُغلقت المدرسة الآن؟
لا.. أنا تلميذ ولست ناظراً في أي مدرسة، عملت مع زملائي ورفاقي في الصحف المختلفة.. تعلّمنا من بعضنا وعشنا أوقاتًا جميلة وأخرى صعبة، تشرّبنا أصول المهنة لكي نؤدي واجبنا بأمانة ومهنية وأخلاق، كنت أول المُستفيدين من أساتذتي وزملائي لأنني جئت إلى الصحافة بلا دراسة أو خبرات عميقة وتعلّمت من كثيرين جداً في هذا الوسط، وأتمنى أن يكون ما تعلمته استطعت تمريره لأجيال أخرى.
عشر سنوات وأنت رئيس تحرير.. بماذا خرجت؟
تراكمت لي خبرات مهنية ومعرفية بصناعة الصحافة لا تقدر بثمن. عملت صحفياً في كل الأقسام ومدير تحرير ورئيس تحرير لأكثر من صحيفة وهو ما جعلني أرى المهنة من جوانب مختلفة تحريرية وإدارية. بعد أن أصبحت ناشراً رأيت تعقيدات أخرى في صناعة الصحافة لم يكن متاحاً لي رؤيتها من موقع رئاسة التحرير، لذا لست نادماً على مُغامرتي بتجربة النشر, كلما دخلت في مُغامرة نجحت أو فشلت فيها أحس أنني صعدت لآفاق أخرى وأصبحت أكثر معرفةً وخبرةً، لذا أنا أدعو الصحفيين أن يتلمسوا طريقهم وأن يصعدوا حتى إن كان هناك هبوط وفشل، سأستمر في هذه المُغامرات ولن أتوقّف إلا أن تتوقّف حياتي.
عادل الباز مبتكر للمقترحات والملفات، متى يتوقّف الابتكار؟
حركة الإبداع هي حركة التطوير المستمر ومتى ما توقف التفكير الإبداعي توقفت الحياة نفسها، ما ظللت على قيد الحياة لن أتوقف عن التفكير النازع للمغامرة، العالم المتقدم ميزته الأساسية هي التفكير المبدع المغامر.
كيف ترى العمل النقابي بين الصحفيين داخل الصحف؟
لا يوجد عمل نقابي في الصحف، وأحد مقاتل الصحافة عدم وجود جمعيات للصحفيين داخل مؤسساتهم، الأمر الذي جعل صوتهم خفيضاً وليس بمقدورهم مصارعة الناشرين. في “الأحداث” كانت هناك تجربة ثرة، كان هناك صحفيون قادرون بأن يتحدثوا ويعلنوا أنهم ينوون الإضراب ويضربون، وكنت سعيداً لأن الصحفيين قادرون أن يجعلوا صوتهم موحداً.. صحيح كنت أتضرّر واغتاظ كناشر، لكن هذا الصوت كان مهماً لتطوير الصحيفة ولكن يجب أن تُدار العلاقة بين الصحفيين والناشرين بحكمة، المطلوب من الجميع رؤية تعقيدات الأزمة، فأي صوت جامح وغير عقلاني سيضر بالصحفيين والصحيفة.. أنا أؤيد أن يكون هناك شكل من أشكال الوحدة بين الصحفيين داخلياً ليتحدّثوا مع الناشرين ويطالبوا بحقوقهم في حدود المعقول.
متى يغضب الباز؟
حينما أُفجع في شخص ساهمت في تكوينه المهني ووجدته بعد ذلك يخون مهنته ويكذب لسبب ما وفي سبيل مصلحته الخاصة يمكن أن يبيع أي مبدأ وأي قيمة، وللأسف كثيراً ما أفجع في ناس كنت أظن فيهم الخير واتطلع أن يكونوا يوماً من قيادات العمل الصحفي. لكن فجأة أجدهم سقطوا وأصبحوا بوقاً للأكاذيب وفي هذه الحالة أغضب لأنني أؤمن أنه يمكن أن يكونوا أفضل من ذلك. والتساؤلات في بعض المرات تترك في قلبك حسرة ومرارة.
كيف تتصرف في هذه الحالات، تصمت وتبتعد أم تتحدث وتواجه؟
حسب قربي من الشخص وبعدي عنه، قبل أيام كنت أواجه صديقاً في الوسط الصحفي مواجهة صعبة جداً، لكن في ذات الوقت هناك آخرون أحس بيأس تجاههم، ولا فائدة في أي مجهود تبذله معهم لأنهم سدروا في غيّهم، وأحس بألا فائدة من الحديث معهم.
ومتى يسعد الباز؟
أسعد حينما اقرأ مادة جميلة لأي من زملائي الصحفيين المهنيين، لا أستطيع في بعض الأحيان أن أكمل القراءة إلا بعد أن اتصل به وأعلق على المادة، وعموماً انتشي بالعمل الصحفي الجيد كأنني أسمع أغنية لأم كلثوم.
هل تخاف؟
طبعاً.. الصحافة هي مملكة الخوف, هذه المهنة قادرة على زرع الخوف في قلوب العاملين بها، جميعهم يخافون على مستقبلهم وهذه مهنة يُحيط بها الخوف.
هل اضطررت للكذب ولو مرة؟
نعم.. لكني لم أضر أحداً.
هل كنت أنانياً؟
أبداً.. هذه الصفة لا تشبهني أبداً.
أصعب قرار اتخذته؟
إغلاق الأحداث.
وهل يمكن أن تعاود الأحداث الصدور مرة أخرى؟
يمكن أن تعود الأحداث مرة أخرى في ظروف وبيئة صحفية لا تشبه البيئة الحالية. أنا عملت في عدة صحف وساهمت في تأسيس بعضها، وكنت أشعر في كل مرة أن هناك ما يدعو لمغامرة جديدة. وأنا لا أيأس من المغامرات الجديدة في الأحداث أو في غيرها ولكن ليس الآن.