17مارس2022م
اسمٌ في حياتي..
أو أحد ثلاثة في حياتي يتشاطرون الاسم هذا نفسه..
ولكل منكم حتماً اسمٌ في حياته… وأيامه؛ له – ولها – إيقاع..
سواءً كان وسيماً – الإيقاع هذا – أو أليماً..
والأيام التي جمعتني بأحد من يحملون اسم عبودي هذا كان إيقاعها أليماً..
رغم أن الأيام وحدها ليست التي جمعت بيننا..
وإنما مشتركاتٌ فكرية… وسياسية… ونضالية… ومؤانسية… وحياتية..
ثم مشاركات العيش والملح..
وإن كان ثمة فائدة في أيامي معه هذه فتتمثل في كونها علمتني..
وجعلتني أدندن مع المغني (بتتعلم من الأيام)..
أما أول حاملي الاسم هذا فيرجع تاريخ أيامي معه إلى فترة الدراسة..
إلى أيام الطفولة – فالصبا – بحلفا..
وفي المدرسة كان جاري بالفصل… ثم رفيق تجوالي بين أرجائها..
وكان ذا شبهٍ عجيب بالممثل بد سبنسر..
وهو أحد بطلي سلسلة أفلام رعاة البقر الشهيرة (ترينيتي الجبار)..
كان يشبهه في كل شيء… حتى سمرة الوجه..
ثم يتشبه به – أحياناً – أثناء الحصة حين يُوقفه الأستاذ ليُجيب عن سؤال..
فكان يقف وقفة سبنسر ذاتها..
فإذا ما التفت المدرس نحو السبورة تظاهر بإخراج مسدس من جيبه..
ثم يوجهه نحوه وكأنه يهم بإطلاق رصاصة منه..
وبسرعة البرق – كما سبنسر – ينفخ على دخان فوهته… ويُعيده إلى جيبه..
فيضج الفصل بضحكٍ شديد..
والأستاذ يظننا نضحك على وقوف عبودي (كما حمار الشيخ في العقبة)..
ولا يدري أننا إنما نضحك على وقوفه كما سبنسر..
وأكثر الأيام التي جمعني به إيقاعاً – شهياً – عند اصطحابي معه لداره..
اصطحابي على حين غفلةٍ مني… ومن أهل بيته..
فما كان يخبرني بالدعوة إلا عقب الدوام المدرسي..
ولا يخبر أهل داره – كذلك – بأن هنالك رفقةً معه إلا بعد وصولنا المنزل..
ورغم ذلك أُفاجأ – في كل مرة – بما يسيل له اللعاب..
فقد كانت المائدة تمتلئ – دوماً – بمحمرٍ ومقمر يُشبعان عشرة أشخاص..
وعبودي ثالث في حياتي ما كان يسيل لعابه لمثل هذا أبداً..
وإنما فقط للطحنية… ولا شيء غيرها..
هو جارنا… وبه لطفٌ… ولكنه لطيفٌ جداً؛ لطيفٌ في حله وترحاله..
أو بالأحرى؛ في قعوده… وجريه..
فهو إما قاعدٌ – في ظل شجرة – يأكل طحنية… وإما مهرولٌ بلا هدف..
أو ربما كان له هدفٌ لا نعلمه..
ثم لا يُرى إلا وهو ضاحكٌ دوماً… أو في حالتي الجلوس والجري معاً..
كان يبدو سعيداً سعادةً يُحسد عليها… في زماننا هذا..
الزمان الذي عزَّ فيه ضحكٌ لا يرتسم على الوجوه من باب المجاملة..
قلت (كان) لأنه ما عاد كذلك الآن؛ عبودي..
فقد أجرم في حقه صديقي العالم النفساني علي بلدو… وأزال عنه لطفه..
فغدا مثلنا؛ كئيباً… بئيساً… تعيساً..
وذلك بعد أن حل محل اللطف العقل… وانتبه العقل هذا إلى ما حوله..
وفي الوقت هذا بدأت تنتابني – أنا – أحاسيس غريبة..
صرت أحس في نفسي ميلاً إلى الجري… والضحك… والطحنية..
وبصدد أن أحذر بلدو هذا تحذيراً شديداً..
أحذره قبل فوات الأوان..
قبل أن تُمحى آية العقل وتحل محلها آية اللطف..
فربما يأتيك شخصٌ – أو يُؤتى به إليك – بالصفات العبودية هذه ذاتها..
فإياك – يا بلدو – أن تُزيل عنه لطفه… وتُرجع له عقله..
اسمه عووضي..
وذلك تماشياً – لفظياً – مع ذكرى كل عبودي في حياتي..
أو فلنجعل التشابه اللفظي أكبر ونقول:
عوودي!!.