14مارس2022م
أغاني وأغاني .. الحصة وطن!!
من المؤكد في كل قناة رغبة في الاستئثار بإعجاب المشاهدين وجذبهم الى شاشتها .. وهذا فعل مؤكد وأساسي لأنّ الاستحواذ على ثناء المشاهد هو غاية كل قناة تبث إرسالها على الفضاء المفتوح لكل الاحتمالات، ولكن هذا الثناء والإعجاب قد يتبدد كالدخان في الهواء ويتناثر بلا أثر، إذا لم يسانده جمال الطرح البرامجي من حيث عُمق طرح الفكرة البرامجية ومدى جاذبيتها.
والاستئثار بإعجاب المشاهد لا يتأتى عادة إلا من خلال الطرح البرامجي القريب من وجدان المشاهد.. بحيث يهتم بقضاياه ويلبي ما يريد من برامج معينة تحكمها أسس الاختلاف بين شخص وآخر .. وهنا تكمن الصعوبة في أن ترضي جميع الأمزجة.
في رمضان الفائت .. أذكر أنني كتبت وقلت ان برنامج أغاني وأغاني يحتاج للتغيير والتغيير الشامل في كل شيء، والتغيير الذي أقصده لا يشمل الأستاذ السر قدور الذي ترتكز عليه فكرة البرنامج ولكني أعني ـ الوجوه المكررة ــ و(عارضات الأزياء) .. لقد أدى هؤلاء المطربون ما عليهم ورسخوا البرنامج في ذهنية الشعب السوداني ومن حقهم وحقنا عليهم أن يرتاحوا قليلاً حتى نشاهد وجوها أخرى تضفي المزيد من الحيوية على البرنامج.
وقلت أيضاً برنامج أغاني وأغاني دخل مرحلة (الموت السريري) وإنه دخل حيز العادة وأصبح مكرورا وممجوجا بسبب النمطية التي اعترت ملامح البرنامج في العام الماضي والأعوام التي سبقته .. ولعل تكرار الشخصيات هو الذي جعل البرنامج مملاً الى حد ما .. ومواصلته بذات الطريقة من شأنه أن يطرد الذين يتابعونه .. والمخاطرة كانت سوف تكون في نفور الشركات التي تعلن من خلاله عن منتجاتها.
الحقيقة التي لا تقبل الجدال أو الشك أن هذا البرنامج يحظى بنسب مشاهدة عالية .. وفي ذات الوقت يحظى بنقد عنيف ومكثف لبعض المشاركين فيه من المغنين .. أو المعلومات التي يطرحها الأستاذ السر قدور .. وكما معلوم أن الأستاذ السر قدور وصف في كثير من المرات بعدم الأمانة في ذكره لبعض الحقائق والشواهد والمواقف.. ويقال بأنه يذكرها بحسب مزاجه الشخصي.
كان أغاني وأغاني باهتاً وبارداً في العام الماضي .. ولعل وجود بعض المغنين الذين استنفدوا أغراضهم كان سبباً كافياً في البرود الذي قوبل به البرنامج كانوا كلهم عبارة عن استعراض لآخر الموديلات من (البدل والكرفتات) .. كان المظهر هو الهم العام لكل المُشاركين .. لذلك بدأ البرنامج يفقد ميزة الإمتاع والإدهاش.
بتقديري ليس الجمال أن تصنع برنامجاً ناجحاً ومُدهشاً مثل أغاني وأغاني ولكن منتهى الجمال يبقى في القدرة للمحافظة على ذلك المكتسب .. لأن صناعة النجاح تصبح بلا قيمة ان لم نحافظ على الجمال وقيمته الروحية والحسية .. ورغم النقد الكثيف وكل ما يقال ولكن كل ذلك يعني وبالضرورة أنه برنامج ناجح استطاع أن يُثير حراكاً ثقافياً وفنياً وحتى صحفياً.
من الواضح جداً أن أغاني وأغاني .. سيعاني ويعاني في هذا العام .. وربما فقد الكثير من الامتيازات الداعمة معنوياً .. والدليل على ذلك أن حلقات البرنامج لم يبدأ تسجيلها حتى الآن .. والمؤكد أن البرنامج سيجد هجوماً كاسحاً بحجة أن (الحصة وطن) .. ويجب تغيير الفكرة كلياً لتتحول لأغاني وطنية محضة ذات أهداف ومضامين محددة .. ولكن بالطبع قناة النيل الأزرق لن تغير في فكرة البرنامج فهي واحدة من الأجهزة الإعلامية التي تتبع للنظام الحاكم وتأتمر بموجهاته وسياساته.
والوضع السياسي الراهن ربما لا يتيح أن يكون البرنامج حاضراً بذات القوة.. فالهم أصبح بعيداً عن الغناء وجلسة التعسيلة.