الخرطوم: وفاق التجاني 13مارس2022م
حالة من الترقُّب تسود المشهد السياسي بعد الأنباء المتداولة، عن مبادرة إماراتية من شأنها تجسير هوة الخلاف بين المكونين المدني والعسكري بعد تصاعد الأزمة جراء قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي 2021. والتي علقت بموجبها العمل بالوثيقة الدستورية المُوقعة بين شركاء الحكم في السودان وذلك في أغسطس ٢٠١٩.
وحسب تقارير صحفية فإن المبادرة ، طرحت إلغاء هذه الوثيقة والتوافق على وثيقة جديدة وذلك بعد أن تتوافق القوى المدنية والعسكرية على رئيس وزراء يُحظى بقبول لدى الطرفين وذلك بحسب تقارير عن مصادر لصحف سودانية .
مقترحات جديدة
وتناولت التقارير أنّ دولة الإمارات قد اقترحت منحة مالية تبلغ قيمتها خمسة مليارات دولار تستمر لمدة أربع سنوات، واشترطت بذلك إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وخروج كافة القوات من المدن والشوارع، والإبقاء على الشرطة فقط، واستمرار الدعم السريع مستقلاً عن الجيش خلال الفترة الانتقالية، وأضافت المصادر أن المبادرة الإماراتية تحدثت عن إبقاء لجان المقاومة وتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير والاعتراف بهم كجهات مدنية تقود الحراك الثوري، كما لفتت أن المبادرة تدعم المفاوضات بين المجلس العسكري والمدنيين للتوافق على رئيس وزراء مقبول لدى المكونين المدني والعسكري، يحتكر السلطة التنفيذية، وان يكون هنالك مجلس سيادة برئاسة د. عبد الله حمدوك ومجلس للأمن والدفاع بقيادة البرهان، وتكوين مجلس تشريعي وقضاء والمفوضيات بالاتفاق بين شركاء الحكم.
أبعاد حقيقية
وعلى الرغم من أن المبادرة تعتبر وليدة ولا وجود لها على أرض الواقع، الا انها قوبلت ببعض من التشجيع وكثير من الرفض من قبل دبلوماسيين ومكونات سياسية، فقد رحب الدبلوماسي الرشيد أبو شامة بالمبادرة الإماراتية، واكد لـ(الصيحة) أن المبادرة ما زالت تخميناً ولا توجد لها أبعاد حقيقية دبلوماسية أو سياسية على أرض الواقع، مشيراً إلى ضرورة تحري الصدق وانتظار الأخبار من مصادرها الرسمية، وشدد على ضرورة أن يتسم هذا النوع من المبادرات بالموضوعية، لافتاً الى وجود طرف من أطراف الصراع داخل السودان، ونبّه لضرورة أن تشمل المبادرات وتأخذ في الاعتبار كافة القوى المدنية والعسكرية، كما أشار الى أن الحديث عن عودة حمدوك قُوبل بالرفض من قِبل أحزاب سياسية وقوى مدنية، ووصفت هذه القوى رئيس الوزراء السابق بالضعف وعدم نجاحه في قيادة حكومة ثورة، مشيراً لضرورة دعم كافة المبادرات التي يمكنها أن تحل الأزمة السودانية، ولفت ان دولة الإمارات ربما تم تحريكها من قبل دول أخرى كأمريكا تسعى لدعم الانتقال الديمقراطي المدني في السودان.
تجريب المجرب
فيما أشار القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي مالك درار، ان المبادرة وُلدت ميتة، وان دولة الإمارات لم تكن حصيفة في اختيار المبادرة وآليتها، لافتاً أنها قامت بتجريب المجرب الشيء الذي سيرد عليها بنتائج عكسية. مشيراً في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن المبادرة تتلاعب على قادة الشعب، وأنها تخرج لتقنن أوضاعا جاءت بعد كل مرحلة يقترب فيها الشعب من خوض انتخابات، لتعيد نفس الكرة في كل مرة. لافتا أن الحل لا يكمن في المبادرات بقدر ما هو يأتي من توافق وطني شامل، بفترة انتقالية تقودها كفاءات وطنية، مُشيراً إلى أنّ المبادرة الإماراتية نسفت اتفاقية جوبا وقادة حركات الكفاح المسلح، وتعتبر هذه عقبة كبيرة ستواجهها في حال الانخراط فيها. وأشار الى أن لجان المقاومة وبضعف خبرتها السياسية لا أعتقد أنها ستوافق بذلك، هذا غير الأحزاب السياسية صاحبة الممارسة الطويلة للعملية السياسية، لافتاً أن بعض الأحزاب السياسية والتي تسعى لمحاصصات ستوافق بالمبادرة لترضي تطلعاتها الضيقة.
نقض المواثيق
أما المحلل السياسي والأكاديمي د. صلاح الدومة فقد رفض المبادرة رفضاً قاطعاً، ووصفها أنها تجريب المجرب، وعلل لـ(الصيحة) ذلك بوجود المجلس العسكري في التشكيل المقترح، مؤكداً أن الأخير يمكن أن ينقلب على الاتفاقات في أي لحظة، وأن السودان والممارسة السياسية تعودت على نقض المواثيق والاتفاقات، مشيراً انه لا يوجد ضامنٌ لتنفيذ الاتفاق على أرض الواقع. مؤكدا أن قوى الحرية والتغيير والأحزاب مخترقون من قبل الأجهزة الأمنية في الدولة، ولذلك ينفذون ما تمليه عليهم.
مبادرات مطروحة
يذكر ان هنالك اكثر من أربع مبادرات محلية وثلاث دولية وإقليمية لتقليل حدة الصراع بين المكونين المدني والعسكري جراء قرارات 25 اكتوبر، الا ان جميع تلك المبادرات لم تثمر ولم تترجم على أرض الواقع، كما أن المشهد السياسي يضج بالتخوين وفقدان الثقة بين المكونات، إضافة إلى انقسام القوى المدنية المعبرة عن تطلُّعات الشعب. وطرح عدد من الأحزاب السياسية مبادرات وطنية من بينها خارطة طريق لحزب الأمة ومبادرة أساتذة الجامعات ومبادرات إقليمية، من بينها الاتحاد الأفريقي ومبادرة أممية يقودها مبعوث الأمم المتحدة فولكر.