13مارس2022م
قلنا في مقالاتنا الحرب على أوكرانيا (١) و(٢) و(٣) و(٤)، إن روسيا دخلت الحرب لأنها تشعر أن أمنها القومي مهدد من أوكرانيا بعضويتها في حلف الناتو، لأن أوكرانيا تقع على حدود روسيا مباشرةً، وكذلك الطلب من أوكرانيا الاعتراف بروسية جزيرة القرم، وكذلك اعترافها بالدولتين اللتين انفصلتا عن أوكرانيا، وكذلك نزع سلاح أوكرانيا، هذه هي عوامل روسيا الطاهرة لحرب أوكرانيا.
ولكن من خلال متابعة ما يجري في هذه الحرب يُلاحظ المرء امورا غريبة:
١/ إنّ سويسرا الدولة المحايدة عالمياً وتدخل بنوكها كل أموال الدنيا دون قيود ولا كشف تلك الحسابات تخلت عن حياديتها وقررت تجميد أموال روسيا.
٢/ انضمام فنلندا للناتو وإرسال أسلحة الى اوكرانيا.
٣/ ألمانيا منذ الحرب العالمية قبل سبعة وسبعين عاماً لم ترسل قوات خارج حدودها، ولم تدعم حرباً وهي أكثر دول أوروبا استهلاكاً للغاز الروسي، وكذلك يمر بها خط انابيب الغار استرييم (٢)، بدأت الآن العسكرة الصناعية لمستويات ١٩٣٩م.
٤/ السويد التي محايدة في البحر وانضمت الى الناتو لمناصرة اوكرانيا ضد روسيا.
هنا يلاحظ المتابع للأمر أن العوامل الظاهرة في الحرب بين اوكرانيا وروسيا تتبعها عوامل أخرى.
أهمها أن الاقتصاد العالمي في مرحلة كساد وركود منذ عام ٢٠٠٨م حتى هذه اللحظة ولكن في أوروبا.
ومعلومٌ أن الناتج القومي العالمي في حدود ٨٥ تريليون دولار، في حين ان ديون العالم ٣٥٠ تريليون دولار، يعني العجز في الدخل العالمي يمثل ثلاث مرات على الناتج القومي العالمي.
أمريكا لوحدها الناتج القومي لها ٢٠ تريليون دولار، وان الميزانية الأمريكية أربعة ونصف تريليون دولار، وأن المصروف الحكومي الأمريكي خمسة ونصف تريليون دولار أي عجز الموازنة الأمريكية تريليون دولار، واضحٌ أن العالم يعيش في مرحلة غلاء وكساد.
أمريكا هي الدولة العظمى الأولى في العالم اليوم (سيدة العالم الأولى)، ولكن الصين الآن تنافس امريكا لصدارة العالم، وواضحٌ ان امريكا ترفض ذلك، ولكن واضحٌ انّ الصين متقدمة نحو قيادة العالم، خاصة وانّ الاقتصاد الصيني في ازدهار كبير.
في عام ٢٠٣٠م سيكون حجم الاقتصاد الصيني ضعف حجم الاقتصاد الأمريكي.
الآن حجم النمو الأمريكي اقل من ٢%، في حين ان حجم النمو الصيني ٦% وهذا الامر يقلق أمريكا والعالم.
إذن أمام أمريكا أمران، إما أن تجلس مع الصين ويتم تقاسم النفوذ والصدارة، أو تتراجع امريكا الى الدولة الثانية في العالم أو تقوم حرب عالمية ثالثة.
هذا الأمر جزءٌ من أسباب الحرب الأوكرانية الروسية والتي كان من المتوقع أن تقع إما بين:
١/ روسيا وأوكرانيا
أو
٢/ الصين وتايوان
أو
٣/ إيران واسرائيل
إذن الحرب التي تُجرى الآن بين أوكرانيا وروسيا حرب بالوكالة، ولكن لها أسباب مباشرة وغير مباشرة، خاصّةً وأن العالم يعيش في مرحلة إفلاس اقتصادي، ولكن في المقابل تطور تقني مذهلٌ وخاصة في مجال الإنترنت ومجّانيته وان يكون حقاً من حقوق الإنسان.
ننظر في العوامل الأخرى وخطر الحرب العالمية الثالثة والتغييرات الكبيرة المتوقعة في الحكم والاقتصاد وريادة العالم في المقال القادم.. الحرب في أوكرانيا (٦).