الخرطوم: محيي الدين شجر
بعد فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة، وشروع قوى الحرية والتغيير في الاعتصام وتحديدها شروطاً قالت إنها السبيل الوحيد للعودة للتفاوض عبر وسيط الإيقاد، وبعد حديث المجلس العسكري بأن التفاوض سيكون مع الجميع وأن قوى الحرية والتغيير لا تمثل أغلبية الشعب السوداني، يتجه السودان نحو هاوية سحيقة إذا لم يتدخل الحكماء بخفض التوتر وتذويب التحدي الكبير بين الطرفين.. الصيحة قلّبت وضع السودان الحالي في ظل التصعيد بين الطرفين وخرجت بتلكم الآراء:
تسليم الحكومة
مصدر من نقابة المحامين، أشار في حديثه للصيحة أن الخروج من الهاوية يتطلب تسليم الحكومة للشعب السوداني عبر اتفاق جامع لكل القوى السودانية لا يستثني أحداً، مؤكداً أن حديث المجلس العسكري بأنه سيتفاوض مع كل القوى السياسية لن يسمح بالتالي لأي تفاوض مع قوى الحرية والتغيير وحدها، لأن تلك القوى ستتحرك أيضاً وستقف ضد الاتفاق الذي سيتم، مشيراً إلى أن مجلس السلم والأمن الأفريقي بمطالبته المجلس العسكري بسلطة مدنية خالف المادة 23 من قانون اتفاقية الشعوب الأفريقية التي تنص على عدم تسليم أي سلطة مدنية أو شرعية إلا لجهة منتخبة، وقال إن الفترة التي حددها المجلس العسكري بتسعة أشهر لقيام الانتخابات هي فترة قصيرة، لأن أقل فترة لقيام الانتخابات تكون 15 شهراً.
صلاحيات العسكري
ويضيف المصدر القتانوني بقوله إن المجلس العسكري، ووفق قانون القوات المسلحة والدستور والقانون الدولي هو الذي آلت إليه كل الصلاحيات وبموافقة الشعب السوداني والثورة التي طلبت منه استلام السلطة، وهنالك من قال إن الجيش يصحح وضعاً خاطئاً لمدة ثلاثين عاماً، مؤكدًا أن ما صاحب فض اعتصام القيادة العامة من تجاوزات يعد خطأ كبيراً جداً، خاصة وأنهم تفادوها لشهرين، مؤكداً أن الحل يتمثل في إجراء تحقيق شفاف، وقد بدأ بالفعل، مؤكداً أنه علم أن مجلس التحقيق تكوّن من النيابة والقضاء العسكري لوجود متهمين من القوات المسلحة والذين سيخضعون لمحاكمات عسكرية.
عودة مطلوبة
وحول العصيان قال إن الناس أجبرت على العصيان، مؤكداً أن المتاريس تعتبر جريمة كبيرة بنص المادة 72 من القانون السوداني، وكل القوانين في العالم. وأشار إلى فشل العصيان في الولايات وخاصة القضارف، لأنه قضى فيها أيام العيد، ولم ير أي مظاهر للعصيان.
وطالب المصدر القانوني قوى الحرية والتغيير بالعودة للتفاوض من جديد بقلب مفتوح ولمصلحة الوطن، مشيراً إلى أنها مختلفة فيما بينها، وقال: إذا طلب منهم اختيار رئيس مجلس الوزراء فسيجدون معارضة من الصادق المهدي.
احترام شعب
مقرر لجنة الضباط المتقاعدين حسن محمود، أكد في حديثه للصيحة أن الحل يكمن في احترام الشعب السوداني وعدم ترويعه بالممارسات السالبة، مؤكداً أن المجلس العسكري عليه أن يشرع فوراً في محاسبة المتورطين في المجزرة التي حدثت في حرم القيادة العامة، وقال إن اصرار المجلس العسكري على التنصل من اتفاقه مع قوى الحرية والتغيير وإصرارها هي على التصعيد سيجر البلاد إلى هاوية سحيقة، وستتدفق شلالات الدماء، مؤكداً أن المطلوب الآن التهدئة والتعامل بحكمة وصبر، وجعل مصلحة الوطن هي العليا، لكن التمادي في التحدي بين الجانبين ستكون له آثار كارثية..
الحل عندي
وقال الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، إن قرار الدخول في عصيان مدني مفتوح خاطئ، وانتقد وضع المتاريس في الشوارع لأنها تعوق حركة المواطنين. وقال إن هنالك فرصة لإيجاد مخرج سلمي للمواجهات، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الأثيوبي ومجلس السلم والأمن الأفريقي وحّدا جهودهما لتقديم حل سلمي توافقي، كما أن الصادق المهدي كان قد دعا كل المعارضة السودانية للتوافق حول حل للأزمة الحالية، وقال إنه قدم مشروعا ًلملء فراغ الحكومة المدنية..
فقدان سلمية
وكان المجلس العسكري قد قال في بيان سابق، إن الثورة فقدت سلميتها، وباتت تشكل عبئاً أمنياً بعد انتشار مجموعات منظمة تسعى للتسلح وتحويل المدينة لساحة معارك ضد القوات النظامية، وأعلن عن تحقيق يجريه النائب العام حول أحداث فض الاعتصام أمام القيادة العامة، وقال المجلس العسكري إنه لا يمانع في العودة إلى التفاوض والتوصل إلى توافقات.
تحقيق شفاف
من جانبه قال صلاح ميرغني من تجمع ضباط الشرطة المتقاعدين، إن البلاد في طريقها للهاوية إذا لم يقم المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين. مؤكداً أن قوى الحرية والتغيير هي من يحرك الشارع، وأن المجلس العسكري اعترف بها، مؤكداً أن البداية تكون بفتح تحقيق شفاف مع الذين ارتكبوا مجزرة اعتصام القيادة العامة، وقال إن استمرار المجلس العسكري في خطته بتكوين حكومة تصريف مهام لن يرضي الثوار، وسوف تستمر الثورة وستتعقد الأمور، وستحدث مواجهات بين الثوار والأجهزة الأمنية تقود البلاد إلى تدخل دولي، مشيراً إلى أن العصيان سيستمر إذا لم يتراجع المجلس العسكري عن إصراره على المضي لعزل قوى الحرية والتغيير.
خطورة وضع
من جانبه، دعا المراقب العام للإخوان المسلمين عوض الله حسن سيد أحمد، قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي إلى التسامي فوق الجراحات وحقن الدماء وحفظ السودان من التمزق والتشرذم، مطالباً بالمحافظة على الثورة العظيمة ـ على حد قوله ـ موضحاً أن لتجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير القدح المعلى في إذكاء روح الثورة، كما أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى أحسنت صنعاً في بداية الحراك بانحيازها للثورة.
وأشار التيجاني مصطفى، رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي ـ قطر السودان ـ إلى خطورة الوضع بعد التصعيد الذي حدث عقب الجريمة التي ارتكبت ضد المعتصمين أمام القيادة العامة، وقال إن الحل يتمثل في إتاحة الفرصة للمبادرة الأثيوبية، مؤكداً أن ما يربطنا بها من علاقات تاريخية وانطلاقها من دول الإيقاد سيجعلها قادرة على طي الخلاف، مشيراً إلى أن الوضع في منتهى الخطورة، ولابد للناس أن تتحرك لوضع حد للمواجهة والتصعيد، لأن المسألة مسألة وطن، وتمنى أن يتم استدراك الوضع الحالي بعد إجراء تحقيق ومحاسبة للمتورطين في ارتكاب مجزرة القيادة العامة.. وقال إن المسألة الآن هي مسألة بلد يتهاوى، مطالباً بمراعاة المصلحة العليا ودخول شخصيات وطنية وتغليب المصلحة الوطنية. وختم حديثه بقوله لـ(الصيحة): علينا أن نحترم إرادة الشعب السوداني وخياراته، لأن التصعيد ليس فيه منتصر فلا المجلس العسكري سينتصر ولا قوى الحرية والتغيير ستنتصر.