12مارس2022م
جائزة زايد للإخوة الإنسانية تحتفي بمن يجسدون بأفعالهم.. وأعمالهم تمسكهم بالإخوة الإنسانية وقيمها
الإخوة الإنسانية مفهوم إنساني اجتماعي يرتبط بالعلاقة بين أفراد البشر، تلك العلاقة التي يكون قوامها الاحترام والإحسان والرحمة
يزداد الآن مُستوى الفقر والحروب، نتيجة سباق التسلُّح، والظلم الاجتماعي، والفساد، وعدم المساواة، والتدهور الأخلاقي، والإرهاب، والعُنصرية والتطرُّف
عُدت يا سادتي تلك الظهيرة مبكراً إلى مدينتي الأحب (نيويورك)، نزلت في الشارع الأشهر، أخرج من محطة القطار الكبرى (يونيون)، وعلى الطرف الآخر من الشارع المتسع، فندقي القديم الجديد، بذات الاسم (يونيون) ظللت على مدى عقد وأكثر حريصاً عليه، فيه بعض أشيائي، وحكايات أطولها انتظارا لموعد، ومشوار إلى (الطرف الأغر) الميدان بأنواره الباهرة، تمشي مع الوقت كلما طال عليها المساء تزداد لمعانا وجمالاً، واذا صبرت عليها نظراً وتأمُّلاً، لقلت من حُسنها هي البهاء بين الأضواء كلها، نعم. وعلى مسافة أقرب، شارع وآخرون خلفه، أو غير بعيدين منه، مسرحي الأحب (لماما)، يقف في مواجهة تيار المسرح المسيطر ذي القوة والقدرة على الإنتاج الأفخم (بردوي)، فيه عرف الجمهور واحدة من تجاربي التي أضحت الآن أقرب الى كونها اتجاها، وممكنا منهجا مغايرا، تلك الظهيرة في (نيويورك) التي اعتادت على حضوري فيها بشكل راتب، كنا وجموع المبدعين جاءوا من أنحاء العالم، نشهد عرض الفرجة الأشهر (بوتقة سنار) والمنظمة الأمريكية الأشهر. مجموعة مسرح الاتصال الأمريكية TCG، تنظم تلك الأيام ما بين صيف مشى بالناس أكثر، وشتاء تأخّر، واحدة من أهم مُلتقيات السياسة والفنون، وفيها المسرح جالس، عروض وحوارات وعرض تجارب. جئت ولي أكثر من مشاركة فيها تلك الأيام الغنية، قدمت ورقتي عن استخدامات الفنون الأدائية في تعزيز السلام (المسرح في مناطق النزاع)، ثم أدرت ورشة تدريب لعدد من المسرحيين جاءوا من مختلف الولايات الأمريكية، الورشة والتدريب والحوار عنها وسائط التعبير عن السلام والإخاء والإنسانية، في أكثر الأوقات حاجة، الناس فيها للسلام، ثم قدمنا فرجتنا (بوتقة سنار). والسيدة (الن ستيوارد) المخرجة والمؤسسة، تجمعنا وقتها أروقة الهيئة الدولية للمسرح ITI / يونسكو، وقد شهدت مع جمهور كبير من صيف عام 2008 في بهو القصر الملكي القديم في (مدريد)، وفي ختام المؤتمر العالم للهيئة الدولية للمسرح. ITI ذات العرض، وتبادلنا المقاعد، تركت هي رئاسة لجنة الهوية والتنمية الثقافية CIDC، وانتخبت يومها رئيسًا لها.
تلك حكاية من حكاياتها المدينة الأحب (نيويورك). وتتصل بمفهوم التسامح والإخوة الإنسانية وهو عنوان حكايات العالم المستنير الآن وغدًا.
(نيويورك)، ويومي فيها يبدأ بالاستجابة لدعوة كريمة من الأمم المتحدة، للمشاركة في واحدة من اللقاءات التاريخية، لاعلان اهم حدث انساني، وفكرة تدفع الآن بما فيها من شروط أنها ممكنة، وهي قادرة، رغم التعقيدات، على استعادة السلام، وتأكيد إنسانية الإنسان.
وذاك النهار التقيت واستمعت لمن كانوا شهودًا على الحدث التاريخي، يوم توقيع وثيقة الإخوة الإنسانية في مدينة (أبو ظبي)، دولة الإمارات العربية المتحدة، الوثيقة التي تجمع الأديان والأعراق والألوان من كافة الدول في العالم، ذاك اليوم التقى فضيلة الإمام الأكبر الشريف الشيخ للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان رئيس الكنيسة الكاثوليكية. وتجملت أبو ظبي برايات السلام، وتعطرت بطيب المحبة الانسانية بالفكرة الجديدة، بناء السلام، والسعي للتعايش بين الناس، كل الناس.
وفيها أبو ظبي المدينة، والإمارات الدولة النموذج الأكبر لهذا التعايش.
ولقد تم التوقيع بينهما برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأضحت بعدها (أبو ظبي) محط أنظار العالم، ومركز التلاقي، والمدافعة عنها حيوات الإنسان، وفيها تكاملت الفكرة الخلاقة، مجمع الأديان الإيمانية، وتمشي الآن نحو التحقيق بتوسيع دوائر التلاقي المُمكنة تحت سقف البيت الإبراهيمي مجمع الأديان وفي المساحة الممكنة من الفرص،
يومها ونحن شهود ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اعتبار يوم الرابع من فبراير، ابتداءً من 4 فبراير 2021، اليوم الدولي للإخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك.
ولأنها فكرة المبادرة الخلاقة والتي تتنعم الإنسانية الآن ببعض نتائجها الأولى، ذهبت بعدها إلى أبعد من ذلك بكثير، ووجدت كل القبول من كل أطراف الشراكة الإنسانية.
ولأنها الفكرة القوية تدفع الآن بنتائجها الطيبة في كل الاتجاهات، فأعلنت بعدها عددا من المشاريع والأفكار، وأضحت مدينة (أبو ظبي) مدينة الإخوة والإنسانية، تتنعم بنتائج الفكرة، لا في الاتفاقية فحسب، لكن في الحوارات بعدها. ونشرت هنا في الدهاليز اكثر من مقال، هي نتاج حوار بين مفكرين ومبدعين عرب وأفارقة ومن أنحاء المعمورة، ثم لقاءات في مدن تحتفي بمقرات وكالات الأمم المتحدة في (باريس) مقر (اليونسكو) ومعهد العالم العربي، تلك الحوارات تجاوزت التواريخ القديمة، وامتدّ الحوار بلا حدود هنا في البقعة المباركة، أو حين نزلن لأكثر من مرة المدن الأحب في (الإمارات)، نبحث فيها سُبُل تعزيز أدوار الفنون لخدمة الإنسان، حيثما كان. كان لآثار وثيقة الإخوة الإنسانية دافعٌ لها لتمشي أكثر.
وعدت يا سادتي للنظر في واحدة من أهم الإشارات، وكنت قد تشرّفت قبل عام أو أكثر، يوم إعلان الوثيقة الأهم، وبدعوة كريمة من سعادة السفير حمد محمد الجنيبي سفير دولة الإمارات في الخرطوم، وفي واحدة من وسائله الأحدث في فنون الدبلوماسية العربية. والسعي من عنده لتمشي (دبلوماسية الاتصال المجتمعي الأحدث)، والتعبير من عندي والتفسير، لتخرج الدبلوماسية من السفارات العتيقة، الى القاعات الفسيحة، ولبناء الحوار القطري، ثُمّ القومي الإقليمي، والأممي الدولي، وهي بالفعل الجسر الأقرب والأقوى، خاصّةً في مثل ظروف السودان، والخرطوم تشهد الكثير، حوارات تمشي ثم تقف، ووسط كل هذا تنبع الأفكار المبينة، لتدفع فرص الحوار إلى غايات كُبرى، وتتحوّل السفارة في الوطن العربي من مراقب، إلى شريك في قضايا الإنسانية الأكثر تعقيداً، فكان ذاك اللقاء الكبير وتحوّلت الحديقة الكُبرى في بيت السفير بيت الإمارات لمُلتقىً اتّسع واستوعب الجميع، بلا تردُّد جاءوا، وفي الخاطر من العنوان ما يُوحي بأنها ساعات ستثمر حوارًا بنّاءً، خاصة وأن المشاركين مثلوا أطراف الشراكة السودانية، مُجتمعية وسياسية وفكرية وثقافية والندوة المؤتمر، الجلسة الفريدة يومها ومن عناوينها تبحث في واحدة من أهم مُبادرات العصر للسلام والتنمية المُستدامة.
اتفاقية الإخوة الإنسانية بين قطبي الأديان الإبراهيمية في العالم، ومضت تلك الأمسية الإماراتية السودانية العالمية الروحية، وقطعاً لم تخلُ من السياسة، وإن سعيت كمدير للندوة لأن تبحث في السِّياسات، وهناك عندي فرقٌ. قُل كانت مؤتمرًا مفتوح الأبواب، لحوار أفضى لنتائج أحسبها في ميزان الفكرة الكبرى، ثم جهود الصديق سعادة السفير حمد محمد الجنيبي، والأهم الوثيقة نفسها، وما تعنيه من أفكار مُشجِّعة على أن نذهب معها، ثم جلسنا مرة أخرى بذات المبادرة ننظر إلى المشروع الأكبر، إعلان جائزة الأب المؤسس الراحل المغفور له الشيخ زايد آل نهيان عليه الرحمة من ذات الموقع والفكر المُستنير تخرج واحدة من أهم الجوائز العالمية امتدادًا للفكرة وتطبيقًا عمليًا لقيمة المُبادرة الإنسانية الخلاقة. وشكّلت جائزة الشيخ زايد للإخوة الإنسانية ومنذ إعلانها، واحدةً من أهم مُبادرات دولة الإمارات بمقاصدها الراقية، لنشر وتعميم قيم التسامُح والتعايش الإنساني، وهي في الأصل لها رمزيتها الخاصّة جداً، لارتباطها باسم الأب القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كما أنها تتّصل بأدوار أخرى في تعميق المبادئ المُرتبطة بتعزيز التسامُح والتعايش السلمي في أنحاء المعمورة، وهي أكثر ما تكون تحتاج إليه في هذه الأوقات بالغة التّعقيد والنزاعات بيننا، بين الكبار، لا حروبات أهلية بين الأحراش وغيرها، الصحارى والجبال لا حرب بين (الأزرار).
نعم وهكذا مُبادرات خلاقة تتكامل في ترتيب فريد إعلان توقيع اتفاقية الإخوة الإنسانية ثم جائزة زايد للإخوة الإنسانية وبعدها أو قبلها انظر في استكمال المبادرات، البيت الإبراهيمي ملتقى للحوار بين أصحاب الأديان الإبراهيمية في موقع واحد يعطي من الدلالات أكثرها.
ثم انظر لقدرات السلام الكامنة في القبول بالآخر مئات وأكثر من الجنسيات تمثل أعراقا والوانا وجنسيات واديانا تجمعهم دولة الإمارات العربية المتحدة، تعايش وسلام تمشي بين الناس بالمحبة.
التحيات العطرات للجنة العليا للإخوة الإنسانية تسهر على الحدث الإنساني الأكبر ثم تؤسس امتدادًا لطريق ترسيخ القيم الأعلى والأغلى والأسمى جائزة زايد للإخوة الإنسانية دفعة قوية لتعزيز التعايش عالمياً.
ولسعادة المستشار محمد عبد السلام الأمين العام وللأحباب في الأمانة العامة لجهودهم وعملهم المتقن صادق الشكر والتقدير.
نعم.
يوم تطالع دهليزي هذا أكون في الطريق إليها البلد الأجمل وأهلها، أمضي فيها أيام عمل ببُعده الإقليمي والدولي، فهي الآن مركز حركة العالم سياسيًا وثقافيًا وإنسانيًا.
وكل عام وأنتم بألف خير،،