جنوب كردفان: الولاة بعد الثورة
تقرير: عبد الوهاب ازرق 11مارس 2022م
منذ انفصالها عن ولاية شمال كردفان وميلادها في العام 1994م ، حكم ولاية جنوب كردفان العديد من الولاة المدنيين والعسكريين من داخل وخارج الولاية بعضهم ترك بصمات واضحة وملموسة ، وآخرون غادروا تطاردهم لعنات المواطنين وسخطهم، واغلبهم جاء من خلفيات عسكرية بحتة، او احزاب سياسية، او بموجب اتفاقيات سلام، او موازنات سياسية، او ترضيات ومحاصصات، او تكليف، او من رحم الثورة.
ولاة الثورة
مع نجاح ثورة ديسمبر المجيدة وسقوط النظام السابق حكم الولاية اربع ولاة, منهم الفريق أحمد إبراهيم مفضل في أيام قليلة، وهو الآن يشغل مدير جهاز المخابرات العامة، ثم جاء اللواء رشاد عبد الحميد قائد الفرقة “14” مشاة كادُقلي الذي عين والياً مكلفاً بعد يومين من قدومه كادقلي، ثم الوالي الدكتور حامد البشير ابراهيم، والآن الوالي المكلف الأستاذ موسى جبر محمود الأمين العام للحكومة، والذي عمل مع جميع الولاة السابقين قبل وبعد الثورة.
تقييم وآراء
الولاة بعد الثورة بالولاية، بصماتهم كانت تحسب حسب ما واجهوه من مشاكل واولويات وما لديهم من برامج آنية محتاجة إلى معالجة وحلول ، وكانت لهم برامجهم ومشروعاتهم ، ونظرتهم لتقديم الخدمات ، فعمل رشاد على إخماد الصراعات القبلية ، وسعى في التصالحات ، والتعايش السلمي ، حيث ظهرت الصراعات القبلية في كادُقلي ، وقدير ، والدلنج الكبرى ، وجرائم التفلت والسرقات ، كما اهتم بالتعليم والرياضة في مدينتي كادقلي والدلنج ، واهتم بمعاش الناس ، والصحة ، ووظف الكثير من الخريجين الجدد . و في عهد الدكتور حامد البشير إبراهيم تواصلت الصراعات و المشاكل القبلية ، فعمل لمعالجتها بإقامة التصالحات ، ورتق النسيج الاجتماعي ودفع التعويضات ، وإقامة مؤتمرات الصلح ، وزيادة التواصل مع الحركة الشعبية شمال ، بتنظيم ملتقى الكندماية للتعايش والسلام المجتمعي ، و حاول تقديم التنمية والخدمات عبر الدعم من المستثمرين ، والمنظمات والشركات ، حيث شخّص مشاكل الولاية التعليمية ، وحاول علاجها بتطوير التعليم ، والنهوض به في كافة الجوانب.
خبرات ودراية
ولعل تكليف الأستاذ موسى جبر محمود لمنصب الوالي جاء من واقع أنه الأمين العام لحكومة الولاية ، وذو خلفية إدارية ، وخبرات عملية مكنته من معرفة أماكن الخلل بالولاية ، و ما تحتاجه من خدمات وتنمية ، وأماكن الهشاشة ، مما جعله يضع يده على اماكن الضعف التنموي.
زيارات رسمية
بعد ان عرف جبر احتياجات الولاية قام بزيارتين رسميتين الى العاصمة الخرطوم قابل الجهات ذات الصلة ، و عكس ما تحتاجه الولاية من خدمات وتنمية ، و عمل في مجال الطرق ، والكهرباء ، ومعاش الناس ، والتصالحات ، والرياضة ، والتعليم.
الأمن والحدود
وفي آخر زيارة له الى الخرطوم كشف جبر عن لقاء جمعه بعضو مجلس السيادة الفريق اول ركن شمس الدين كباشي ، وقدم له الوالي مسودة وثيقة الصلح بين مكونات كادقلي الكبرى ، و تقريرا عن مجهودات اللجنة ، وفي إطار تنسيق العمل والتوافق قابل الوالي و نائبه مولانا الرشيد عطية، عضو مجلس السيادة المشرف على الولاية الفريق اول ركن شمس الدين كباشي . وبحث مع وزير الداخلية الفريق شرطة عنان حامد مدير شرطة الولاية الاسبق الوضع الامني الذي صادق على إنشاء أربعة مراكز للشرطة في كل من البرداب بمحلية الريف الشرقي ، وأم سعدة بمحلية القوز ، وأبو جبيهة ، و محطتين للفحص الآلي الثابتة و المتحركة ، مبشراً بوفير وصيانة المركبات ، و التدريب والتأهيل للأفراد . وتناول جبر مع وزيرة الحكم الاتحادي بثينة ابراهيم دينار مجمل الأوضاع الأمنية وأبرزها المشاكل الحدودية مع ولايتي النيل الابيض وشمال كردفان، وتم التوصل الى تكوين لجنة قومية مشتركة للشروع في ايجاد حلول الازمة.
الكهرباء والطرق
وسعى جبر لتوفير الخدمات ، حيث عمل على حل مشكلة كهرباء ابو جبيهة بتوفير وابور جديد ، وتوفير قطع الغيار لكهرباء محلية قدير ، ومصادقة وزارة المالية الاتحادية على مد الكهرباء القومية الى العباسية تقلي.
وعن الطرق، كشف جبر عن خُطة لتنفيذ الطريق الدائري بعد إزالة كل العقبات التي تواجهه ، ولفت عن تنفيذ طريق الدلنج – هبيلا بطول “45” كلم، مبشراً سوف يتم التوقيع عليه الأسبوع المقبل بين الشركة المنفذة وحكومة السودان . واضاف التزمت وزارة الطرق والجسور بتأهيل الطرق الداخلية ، والطريق القومي الأبيض – الدلنج ، واكد جبر تأهيل مطار كادُقلي ليصبح مطاراً دولياً، حيث تمت الموافقة المبدئية لانطلاقة المرحلة الاولى بتكلفة ستة مليارات جنيه.
بنوك جديدة
وقدم الوالي المكلف لمدير عام البنك الزراعي السوداني طلباً بفتح فروع للبنك في الترتر والليري ، والدبيبات ، مطالباً برفع التمويل الرأسمالي ورفع سقف التمويل الزراعي وتوفير الآليات الزراعية ، كاشفاً عن تصديق البنك بعدد “300” طن من التقاوي، وشدد الوالي على أهمية إنشاء فروع لبنك التنمية الصناعية بمحليتي الدلنج وأبو جبيهة الذي يمول الصناعات التحويلية. وعن معاش الناس ناقش الوالي مع شركة البحر الاحمر سبل تنفيذ برنامج تمويلنا بدلاً من سلعتي، مبشراً ان الشركة تعمل على تمويل عشر سلعة استراتيجية بنسبة تخفيض تصل الى ٣٠% ، يدشن المشروع قبل شهر رمضان المعظم عبر نوافذ البيع المخفض والجمعيات التعاونية ونوافذ موظفي الدولة.
احتياجات إنسانية
وعن الاوضاع الإنسانية، قدم جبر تنويرا مفصلا لوزير التنمية الاجتماعية حول الاوضاع الانسانية بالولاية بحضور مفوض العون الانساني ، حيث ابرز حوجة العائدين والمتأثرين بالنزاعات الداخلية للإيواء والكساء والدواء والغذاء، وتم التأمين في اجتماع مع مجلس رعاية الطفولة القومي على ضرورة مساهمة ديوان الزكاة في مشروعات حصاد المياه ورفع التغطية السكانية إضافة الى انشاء قرى صديقة للعائدين بتمويل من جامعة الدول العربية للحد من الهجرة من الريف الى المدن باعتبار ان الريف هو الداعم الأساسي للاقتصاد الولائي والقومي.
اتفاق واختلاف
لعل تقييم بسيط للولاة بعد الثورة ، يتفق معه البعض أو يختلف، لكن تظل خُطة الوالي المكلف جبر تنطلق من حيث انتهى الآخرون، وهو الملم بكل الملفات، لجهة أنه أمين الحكومة لفترة طويلة، تلمس الحوجة الحقيقية للولاية، في الوقت الذي يقول فيه مراقبون إن عمل أمناء الحكومات كولاة مكلفين، أفضل نسبياً لجهة إلمامهم بكل التفاصيل للولايات، وينطلقون من خلفيات إدارية بحتة.