حوادث الغرق بنهر النيل.. غياب الرقابة وانعدام الضمير
مدير الدفاع المدني: الحمولة الزائدة وتهالك العبّارات السبب الرئيسي في الحوادث
خبير: دور الدفاع المدني ضعيف وسوف تشهد الولاية حوادث أكثر
تحقيق: عمر حسين النور 10 مارس2022م
ظلت ولاية نهر النيل منذ عهود مضت تشيِّع عشرات الشهداء غرقاً سنوياً، منهم أطفال فقدوا أرواحهم من أجل التعليم، بعد أن فشلت الحكومات في توفير الخدمات التعليمية داخل قراهم، كما فشلت ايضا في توفير سبل امنة للوصول لتلك المدارس، “الصيحة” وقفت على تلك القضية وابعادها وأسباب القصور ومناطق الضعف وخرجت بهذه الحصيلة:
إصرار الأهالي
معروف ان هناك ثلاثة جسور بالولاية الدامر وعطبرة وشندي والمتمة، ومعظم الحوادث تقع عند العبور من المتمة الى المحمية، ويصر المواطنون العبور عبر العبّارات لكسب الوقت، حيث يستغرق عشر دقائق فقط بينما العبور عبر الجسر يحتاج الى ما يقارب ساعة كاملة.
وقال عدد من المواطنين لـ”الصيحة” انهم يحتاجون للعديد من الجسور حفاظاً على الأرواح. وحمّلوا الحكومة نتيجة الوفيات السابقة لعدم وجود رقابة واهتمام بالشريط النيلي ومراقبة العبّارات ووضع شروط خاصة لها وعدم السماح للمُخَالِفة بالعمل.
مسؤولية جماعية
وفي حديثه لـ”الصيحة” قال مدير إدارة الدفاع المدني بالولاية العقيد شرطة عبد الله سليمان، ان المسؤولية مشتركة في الولاية سواء كان الركاب واصحاب مراكب ولنشات وعبّارات نيلية “وبناطين” وعليهم الالتزام بالاشتراطات القانونية في الإبحار باتجاه الريح، وأكد أن جميع الحوادث كانت بسبب الحمولة الزائدة وعدم وجود أدوات النجاة داخل العبارات النيلية أياً كان نوعها، فضلاً عن عدم التزام المواطنين، وإصرارهم على الإبحار بالعبارات المتهالكة، وأضاف أن الإدارة لديها حملة تفتيش سوف تبدأ من شندي وحتى البحيرة بمشاركة كل الجهات ذات الصلة بالنقل النهري والمحليات وسوف تتم مُراجعة كل العبّارات النيلية وإيقاف العبّارات المُخالفة للاشتراطات العامّة، مُضيفاً: نتيجة لتلك المخالفات فقدت الولاية ١٧ شخصاً في الدامر وشندي والاتبراوي، وطالب سليمان، المواطنين حول النيل والاتبراوي بالابتعاد عن النيل ونهر النيل ومراقبة الأطفال وعلى أصحاب المواعين النهرية مراعاة الاشتراطات، وكشف عن وضع عقوبات صارمة تصل لنزع العبّارات لحين الالتزام بالمواصفات التي تحفظ أرواح المواطنين، مؤكداً عدم عمل المواعين النهرية المتهالكة بعد اليوم حتى يعمل أصحابها على صيانتها، وقال سليمان نأمل في مشاركة المحليات ومنظمات المجتمع المدني مع الإدارة من أجل ولاية آمنة خالية من حوادث الغرق الناتج عن الإهمال وجهل الأهالي.
إغلاقٌ قسريٌّ
بينما كشف المدير السابق للنقل النهري بولاية نهر النيل حلمي عابدين لـ”الصيحة” عن إغلاق مكتب الولاية منذ اكثر من عامين وكان له دور في الملاحة النهرية، حيث يعمل على تفتيش وترخيص وتسجيل المواعين النهرية وتحديد مدة الصلاحية وإلزام أصحاب المواعين بمعدات ادوات السلامة باستخراج نشرة تلزم أصحاب المواعين النهرية بتخفيض الحمولة أثناء “الدميرة” للنصف وعدم الإبحار ليلاً وأثناء العواصف. ويرى حلمي ان دور الولاية تضامني فقط، فضلاً عن تسيير العمل ومراقبة المشارع.
واتفق مع مدير إدارة الدفاع المدني على ضرورة تجنُّب الحُمولة الزائدة، وزيادة معدات الأمن والسلامة.
حالات إضافية
فيما قال الخبير عصام الحكيم ان الولاية مقبلة على موسم الغرق في النيل ونهر عطبرة بحسب المعطيات السنوية والمؤشرات الراهنة خاصة بعد دخول فصل الصيف وعودة الكهرباء لبرمجة القطوعات، كما أعلن ونفذ فعلياً، بالإضافة لذلك الإغلاق غير المحتوم للجامعات والمعاهد العليا وتسريح الطلاب بعد إضراب الأساتذة والتلويح المصحوب بالتهديد ومؤكد دخول معلم التعليم العام في إضراب مماثل للجنة في أعقاب عدم التزام الدولة بالهيكل الراتبي المُعلن والمتفق عليه في المنشور الصادر من وزارة المالية، كل هذه المعطيات سوف تعمل على زيادة حالات الغرق الفردية.
ضعف القدرات
أما حالات الغرق الجماعية بسبب حوادث العبّارات على النيل فالأمر مرده لضعف قدرات سلطات الدفاع المدني. وعدم الرقابة والفحص الدوري للعبّارات النيلية على غرار ما يحدث للمركبات العامة من قِبل سلطات المرور، فالكثير من العبّارات غير مُؤهّلة للعبور، كما أن بعض سائقيها ليسوا بالكفاءة المطلوبة والخبرة والدراية اللازمة، وان فترات “الدميرة” وانحسار النيل ينبغي على سلطات الدفاع المدني تحديد مسارات العبور والمراسي بما يكفل الأمان والسلامة النيلية. وأرجع ايضاً الامر لضعف الرقابة والمتابعة من قبل المجتمع والأسرة للأبناء، فقد ضعفت الروابط الأسرية وترك الحبل على الغارب دون سائل أو متابع.
تشديدٌ رسميٌّ
فيما شدد والي نهر النيل أبو قرون وهو رئيس لجنة أمن الولاية وهم يتفقدون ويعزون فقداء الولاية غرقاً في مناطق حمودات والبسابير والبسلي، فقد شدد الوالي على منع العبّارات المتهالكة، وطالب المواطنين بتوخِّي الحذر وعدم الاستحمام في المركبات النيلية الصغيرة، وأكد على مراجعة وصيانة كل العبّارات.
تدخل مركزي
في ختام التحقيق، نُناشد وزارة النقل بضرورة عودة مكاتب النقل النهري بالولاية لتكون الرقيب على العبّارات النيلية في كل الولاية ومنظمات المُجتمع المدني بمُتابعة ومُراقبة النيل والأتبراوي بمُناشدة الأسر بالابتعاد عن مناطق الخطورة في النيل والأتبراوي وتفعيل ودعم الدفاع المدني ليعمل في كل الولاية، وعلى الولاية مراقبة العبارات النيلية.