وقيع الله حمودة شطة يكتب : قراءة في حوار والي جنوب كردفان
8مارس 2022م
استضافت فضائية الخرطوم يوم الاثنين الموافق الثامن والعشرين من فبراير 2022م المنصرم، السيد والي ولاية جنوب كردفان المكلف موسى جبر محمود، الذي تم تكليفه والياً للولاية مؤخراً، وهو من أبناء ولاية جنوب كردفان، المنطقة الشرقية، محلية أبو كرشولا، من مواليد العام 1960م بمحلية أبوكرشولا – قرية (رضينا)، حيث إن والده الشيخ جبر محمود شيخ قرية (رضينا) في نظام الإدارة الأهلية، درس الوالي موسى جبر محمود في مدرسة العين الضباب الابتدائية، وهي المدرسة نفسها التي درس فيها السيد حسين يحيى جنقول محافظ بنك السودان الحالي، ثم درس في مدرسة الرهد أبو دكنة الأميرية المتوسطة، ومنها إلى مدرسة خور طقت الثانوية، ثم جامعة الخرطوم كلية الآداب، حيث حصل على بكالوريوس الشرف في الآداب (خمس سنوات).
في حوار خاص شمل عدة محاور، في مقدمتها قضية السلام والاستقرار، والمصالحات القبلية، إضافةً إلى مشكلات الأمن والتفلتات الأمنية، وعمليات النهب، ومشكلات مناطق التعدين، وتحديات الصحة والتعليم، خاصة بيئات المستشفيات وإضراب المعلمين بالولاية، وملفات تتصل بمستقبل الولاية في ظل الفترة الانتقالية، وما يتصل بها من هموم التنمية الاقتصادية، وفي مقدمتها الطريق الدائرى، والزراعة والثروة الحيوانية، والتعدين، ومشكلات الكهرباء، حيث جثم الظلام القاتم على صدر عدد من محليات ومناطق الولاية، خاصة محليات العباسية تقلي والتضامن وأبو كرشولا، وهبيلا، يضاف إلى ذلك وعورة الطرق، ومشكلة الطريق الدائري التي أعجزت كل حكومات الولاية والمركز المتعاقبة، كما تطرق الحوار لقضايا الشباب والمرأة والتنمية في أيام الحرب والسلم، وملفات سياسية تتصل بعملية الوفاق السياسي، وظلال اتفاقية جوبا للسلام على مشهد الولاية السياسي والاجتماعي والأمني، وغيرها من موضوعات أخرى.
السيد موسى جبر محمود والي جنوب كردفان المكلف من الشخصيات الإدارية والسياسية المهمة في جنوب كردفان، يحتفظ لنفسه بعلاقات هادئة طابعها الاحترام، واحترام الآخر مع مكونات ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي، الذي تتميز به ولاية جنوب كردفان، التي وصفها الوالي جبر نفسه في الحوار بأنها سودان مصغر، جمع قبائل السودان المختلفة، وان نسيجها الحالي مزيج هذه القبائل النوبية والعربية والزنجية.
وما يميز الوالي موسى جبر خبرته الطويلة التي اكتسبها في العمل الإداري، حيث عمل مديرا للشؤون المالية والإدارية ونائبا للأمين العام من العام 2007 – 2010، ثم مديراً تنفيذياً لمحلية كادقلي 2010 – 2011م، ثم مديراً تنفيذياً لمحلية كادقلي ومكلفا بأعباء المعتمد 2011 أيام الظروف الحرجة بالولاية بما عرف (بكتمة ستة ستة 2011)، ثم مديرا تنفيذياً لمحلية الدلنج في العام 2014م – 2018، ثم أميناً عاماً لأمانة الحكومة في العام 2018م، حتى أكتوبر 2021م، حيث تم تكليفه واليا للولاية، وهي سنوات عديدة، اكتسب خلالها تجربة متميزة عن طبيعة الولاية الجغرافية والتاريخية والديمغرافية، والثقافية، والمكونات، والنظم والعادات والأعراف، ولذلك وصف نفسه في هذا الحوار بأنه الوالي الصفوفي، والصفوفي مصطلح يطلق في مجال الخدمة المدنية لمن يتدرج في سلم الوظيفة داخل هياكل المؤسسة الواحدة حتى يعتلي قمة إدارتها، وما يميزه أيضاً كأحد قيادات الولاية تأدبه بأدب الاختلاف، وقد عمل في حكومات المؤتمر الوطني الولائية مع عدد من ولاة المؤتمر الوطني وشركائهم في حكومات الشراكة والوحدة والوفاق الوطني، كأنه منهم، وكثير من الناس لا يعرف موسى جبر حزب الأمة، حيث غلبت عليه مهنيته، فهو قد بلغ الآن الدرجة الأولى الخاصة، متدرجا في سلم الضباط الإداريين، ولذلك ذكر في حواره هذا أن السياسة إذا دخلت في شيء أفسدته، واستدرك بقوله لكن لكل منا انتماؤه السياسي، ولكن ينبغي ألا يطغى على المهنة والمصلحة العامة.
كان الوالي المكلف موسى جبر يتحدث في هذا الحوار بثقة كبيرة، وبدت عليه سمات الانضباط التكتيكي في كل الخطوط، حيث هاجم بتوازن ودافع بتوازن، وظهر بصفة الإداري المحنك، والسياسي القومي، وفسّر الوالي دلالات جنوب كردفان، بأنها ولاية ذات خصوصية، ونصت الاتفاقيات على تمييزها إيجابياً، بأنها ليست بالولاية الفقيرة ولا الضعيفة، وإنما هي ولاية غنية جداً تحتاج فقط من المركز للمساعدة الفنية، ودعم البنيات التحتية للزراعة، والمصانع، والطرق والتعدين، وناشد المركز بضرورة إنجاز مشروع الطريق الدائري الاستراتيجي الذي يمثل دعامة اقتصادية حقيقية، وقال هذا الطريق هو المنفذ الوحيد للمنطقة الشرقية الغنية بالموارد، ويمكن أن يكون طريقا قاريا يربط السودان بدولة جنوب السودان، وقال إنّ المنطقة الشرقية تعاني من وعورة الطرق وانعدام الخدمات، رغم كثرة مواردها، كما طالب من خلال لقائه بوزيرة الصناعة الاتحادية بضرورة تشغيل مصنع نسيج كادقلي وإدخال نظام الغزل فيه، ليكتمل دور المصنع في التنمية، خاصة وأن إنتاج القطن في الولاية بالمنطقة الشرقية إنتاج وفيرٌ، ودعا إلى إكمال ترتيبات مؤسسة جبال النوبة الزراعية، وشكا الوالي من انعدام الصناعات التحويلية في الولاية، رغم توفر الموارد والمواد الخام!.
وفي منحى البشريات أكد الوالي قيام مؤتمر المصالحة العامة بين قبائل محلية كادقلي الكبرى، الذي ينطلق في منتصف مارس الجاري بتشريف الفريق أول ركن شمس الدين كباشى عضو مجلس السيادة، المشرف على كردفان الكبرى، وخلال هذه الزيارة سوف يقوم الفريق أول ركن شمس الدين كباشي بتدشين العمل في نقل الكهرباء القومية إلى مدينة العباسية تقلي من خط أم روابة، وقد اكتملت عملية الفراغ من تقديم العطاءات للشركات التي ترغب في إنجاز هذا المشروع، إضافة إلي تدشين العمل في طريق الدلنج – هبيلا الرابط المهم في تلك المناطق.
وفي الجانب السياسي، وصف الوالي إضراب المعلمين الحالي بالولاية إضراباً غير مبرر، نسبة لوضع التعليم في الولاية، وأن موضوع المرتبات التزام اتحادي، وقد تم الاتفاق مع ممثلي المعلمين للحصول على مستحقات تشوهات المرتب خلال شهر مارس، ولكنه تفاجأ بالإضراب قبل حلول موعد الاتفاق، ووصف الوالي هذا الإضراب بالمسيس الذي تقف وراءه جهة سياسية معلومة، وفي ملف السلام السياسي رحب الوالي بمشاركة الحركة الشعبية جناح مالك عقار بنائب والٍ كمساهمة في تحقيق الاستقرار والسلام المجتمعي، وناشد عبد العزيز الحلو ومجموعته بتغليب مصلحة مواطني الولاية بعيداً عن الأجندة السياسية الخاصة، وقال الحلو تجمعنا به علاقة المنطقة والروابط الاجتماعية، فهو من الفيض، وأنا من أبو كرشولا، وطالبه بالجنوح إلى السلام، وشدد الوالي على مسألة مهمة، وهي أن الحرب ينبغي ألا تعطل مشروعات التنمية، وينبغي أن تستمر، لأنه لا يمكن الانتظار دون سقف بسبب الحرب.
وعول الوالي كثيراً على دور الشباب والمرأة في التنمية والنهضة، وقال ندعو الشباب أن يقدموا لنا برامجهم ورؤيتهم لتحديد وجهة مستقبلهم، وأن يقرروا بأنفسهم هم ماذا يريدون، وأكد الوالي هدوء الأحوال، وأن نسيج الولاية القبلي متماسك ومتعايش رغم بعض الظواهر المحدودة، وناشد المركز بدعم الصحة لمشاكل الولاية الحدودية، حيث هناك حركة نزوح داخلية، وحركة لجوء خارجية من دول الجوار، وأن الملاريا تداهم الولاية وقد نفد الدواء، وركّز على أهمية تأهيل المستشفى المرجعي في كادقلي وأبو جبيهة لدعم توطين العلاج بالولاية، وتوفر الخدمة الصحية المُستقرة للمُواطنين.