في قضية مخالفات بيع أصول النقل النهري .. الكشف عن عدم سداد ما يفوق الـ49 مليون دولار لحكومة السودان
الخرطوم: محمد موسى 8مارس2022م
أكملت النيابة العامة أمس، تقديم تحقيقاتها في ملف قضية مخالفات أصول هيئة النقل النهري السودانية.
ويواجه وزير المالية الأسبق بالعهد المباد علي محمود عبد الرسول ، ووزير الدولة بالمالية الاسبق احمد مجذوب ، ومدير الشركة السودانية للنقل النهري السابق المهندس صلاح الدين إدريس ، ومدير شركة النيل للنقل النهري عبد العظيم الرفاعي، الاتهام على ذمة مخالفات في بيع أصول النقل النهري.
مبلغ وعقود خصخصة
ومثل أمام المحكمة الخاصة المنعقدة بمحكمة جنايات الخرطوم شمال برئاسة القاضي حامد صالح حامد، المحقق وكيل نيابة مكافحة الفساد وجرائم المال العام جلال سنين، وأفاد بأنه وبحسب لائحة الاتهام فإن المتهم الأول وزير المالية الأسبق (علي محمود) ينحصر دوره في القضية، من خلال إصداره ودون سند للقانون أو وجه حق لمستند اتهام (6) عبارة عن خطاب معنون لرئيس مجلس ادارة الشركة السودانية للنقل النهري ورئيس مجلس ادارة الشركة الخليجية الأفريقية القابضة بإعفاء أقساط مبالغ مالية لعقد ايجارة موانئ النقل النهري لم تسدد لصالح حكومة السودان الطرف الاول، والبالغ قدرها (29.400) مليون دولار امريكي بواقع ايجار سنوي قدره (1.6) مليون دولار وبزيادة سنوية (3%)، اضافة الى مبلغ (3) ملايين دولار قيمة رأس مال حكومة السودان في شركة النيل للنقل النهري ، الى جانب مبلغ (9.935.420) مليون جنيه سوداني ، ومبلغ آخر قدره (4.500) مليون دولار أمريكي، مشدداً على أن المتهم الأول وفي خطابه اكتفى بالمبلغ المدفوع فقط في عقود الخصخصة من قبل الشركة السودانية للنقل النهري كطرف ثانٍ واعتمادها كدفعيات نهائية، موضحاً بأنه وبموجب هذا الخطاب رفضت الشركة السودانية للنقل النهري سداد الايجار لصالح حكومة السودان، ونبه المحقق الى ان المتهم الاول (محمود) عزا اصداره خطاب الاعفاء للشركة وذلك كحل توفيقي دون مشاورة الطرف الأول في العقد حكومة السودان ممثلة في اللجنة العليا الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام، منبها الى انه وبمراجعة عقد الايجارة اتضح بأن هناك بنداً فيه يتعلق بحل النزاعات بين الطرفين عن طريق آلية وتسوية موضحة في مستند اتهام (8/ أ / ب) بحد قوله، لافتاً الى أن محمود يواجه اتهاماً في القضية بصفته الاعتبارية منذ تعيينه في منصب وزير المالية في العام 2011م وليس له اي دور في الإجراءات التي صاحبت خصخصة النقل النهري او ما قبلها، موضحاً بأنه وبالتحريات لم يثبت تحقيق (علي محمود) أي منفعة شخصية لنفسه جرّاء إعفائه أقساط إيجارات موانئ النقل النهري للشركة السودانية – وانما اتضح بالتحريات تسبيبه ضرراً وخسارة غير مشروعة بذلك لحكومة السودان، واكد المحقق الى ان المتهم الاول لا علاقة له بشركتي عارف الكويتية او رائدة الخليج ، وليس له علاقة كذلك بشراء هيئة النقل النهري.
اتصالات بشركة عارف
وحول دور المتهم الثاني وزير الدولة بالمالية الاسبق احمد مجذوب احمد، أفاد المحقق بأن (مجذوب) يواجه الاتهام على ذمة القضية بصفته الاعتبارية كوزير دولة للمالية وقتها وبصفته الشخصية ، اضافة الى اتهامه بصفته الاعتبارية وذلك باعتباره اول من اصدر قراراً بدراسة (خصخصة) أصول النقل النهري، اضافة الى انه وقتها كان يمثل رئيس مجلس ادارة الشركة السودانية للنقل النهري التي فازت بالعطاء، بجانب انه وبالتحريات تبين انه اول من اجرى اتصالاً وتواصلاً مع شركتي (عارف الكويتية ورائدة الخليج) وذلك لشراء هيئة النقل النهري السودانية ، اضافة الى انه من ابلغ مجلس ادارة الشركة السودانية للنقل النهري بأن شركة عارف الاستثمارية ترغب في شراء اسهم فيها ، واردف المحقق قائلاً: انه ومن التحريات لم يظهر له قد اخذ المتهم الثاني (كوميشن) او عمولة جراء ابلاغه مجلس ادارة الشركة السودانية بان الشركة الكويتية بصدد شراء اسهم فيها ، وكشف المحقق للمحكمة بان المتهم الثاني وزير الدولة بالمالية الاسبق (مجذوب) قد أصدر قراراً بفصل عدة موظفين بالشركة السودانية للنقل النهري على رأسهم مديرها وقتها ومدير الإمداد فيها آنذاك وذلك لمعارضتهم فكرة (خصخصة) هيئة النقل النهري بحد قوله.
تنازل عن أصول
في ذات السياق، كشف المحقق عند استجوابه بواسطة المحكمة بان المتهم الثالث مدير الشركة السودانية للنقل النهري السابق المهندس صلاح الدين ادريس علي، يتهم في البلاغ بصفته الاعتبارية بالشركة، موضحاً بأن الشركة خاصة وفق المسجل التجاري ، وانه وبحسب مستند اتهام (18) فإن لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو اصدرت قراراً بالرقم (168) 2020م ) باسترداد (50) من اسهم الشركة السودانية للنقل النهري لصالح وزارة المالية ، اضافة الى استرداد اصولها الثابتة والمتحركة والمنقولة والعقارية، كاشفاً بأن المتهم الثالث وقبل الخصخصة قام بالتنازل عن (83%) تقريبا من اسهم الشركة السودانية للنقل النهري لصالح شركة عارف الكويتية والخليج القابضة وذلك تمهيداً لدخولهما في هيئة النقل النهري، لا سيّما وان العطاء المطروح وقتها لا يسمح للشركتين الكويتيتين الدخول في عطاء الهيئة لأنهما غير مؤهلتين ولا خبرة لهما في النقل النهري وهو الشرط الذي وضعته الهيئة للدخول في العطاء، مما جعل الشركتين الكويتيتين تدخلا العطاء باسم الشركة السودانية للنقل النهري بعد التنازل عن (50%) من أسهما اليهما، في وقت نبه فيه المحقق الى عدم ثبوت تحقيق المتهم الثالث اي منفعة شخصية له جراء إدخاله الشركتين الكويتيتين الشركة السودانية، مشيراً ايضاً الى تجاوز المتهم الثالث بالتحريات من خلال فوز الشركة السودانية للنقل النهري بالعطاء بتاريخ 20 مايو 2007م ومن ثم تنازلها في ذات اليوم عن (50%) من اسمهما لشركتي عارف والخليج القابضة الكويتيتين، موضحاً بأنه ومن التحريات اتضح عدم مقدرة الشركة السودانية لشراء هيئة النقل النهري الذي تم تقييمه بدراسة هيئة الاستخصاص بأكثر من (130) مليون دولار أمريكي، بينما حدد العطاء وقتها مبلغ (105) ملايين دولار، وكشف المحقق للمحكمة بأنه وبالتحريات اتضح بأن المبلغ المدفوع لحكومة السودان وقدره (38.500) مليون دولار مقابل خصخصة النقل النهري تم دفعه من عارف الكويتية ورائدة الخليج القابضة وان الشركة السودانية للنقل النهري التي فازت بالعطاء لم تدفع اي مبلغ مقابل شراء أصول هيئة النقل النهري لعدم مقدرتها المالية ، وكشف المحقق للمحكمة بأنه اتضح بالتحريات استلام المتهمة الثالثة الشركة السودانية للنقل النهري مبلغ (12.402.800) مليون دولار من حكومة السودان دون وجه حق، اضافة الى اخذها عقاراً بمساحة (20) ألف متر كتعويض عن الأراضي المستأجرة من هيئة النقل النهري.
بيع صنادل غارقة
وقال المحقق النيابي جلال سنين للمحكمة، ان المتهم الثالث اتضح من خلال التحريات قام بمخالفات تتعلق ببيع الحديد الخرد وجرارات وصنادل غارقة في النيل تخص هيئة النقل النهري دون تضمينها في كراسة العطاء، موضحاً بأن البيع تم وفق لجان شكّلها المتهم الثالث بصفته مدير شركة النيل للنقل النهري ولم يسدد مقابلها لحكومة السودان، واردف المحقق بأنهم لم يستطيعوا إحصاء مقابل بيع الخرد وغيرها التابعة للنقل النهري، وختم المحقق أقواله للمحكمة بأن حكومة السودان تطالب المتهمة الثالثة الشركة السودانية للنقل النهري وعنها مديرها بصفته الاعتبارية مبالغ متأخرات ايجار سنوي لموانئها بقيمة (1.6) ملايين دولار منذ العام 2007م وحتى 2020م بزيادة (3%) سنوياً، اضافة الى مطالبتها بمتأخرات قيمة اصول هيئة النقل النهري وقدرها (44) مليون دولار، الى جانب مبلغ (3) ملايين دولار دفعتها الشركة السودانية للنقل النهري لتعلية رأس مال حكومة السودان في
شركة النيل للنقل النهري، بجانب مطالبتها ايضاً بمبلغ (4.500) مليون دولار عبارة عن اصول للنقل النهري ظهرت على الطبيعة ولم تضمن في كراسة العطاء تشمل (جرارات ، صنادل ومواد ورش)، وأكد المحقق للمحكمة بأنه لا يعلم إذا ما تمت أيلولة تلك الأصول للحكومة أم لا، إلا أنه ومن الثابت بالتحريات انها استهلكت، ومن خلال افادة المتهم الثالث مدير الشركة السابق بالتحريات ان تلك الأصول (موجودة).
لا منفعة شخصية
في ذات السياق، اكد سنين للمحكمة بأن المتهم الرابع مدير شركة النيل للنقل النهري عبد العظيم الرفاعي، يتهم في القضية بصفته الاعتبارية وليست الشخصية وانه لم يحقق أي منفعة شخصية له، ولم يكن جزءا من ممارسات الخصخصة وغيرها التي تمت في هيئة النقل النهري، موضحاً بأن المتهم الرابع مازال مديراً للشركة وهي تعمل حالياً، وكشف المحقق للمحكمة بأن الشركة السودانية للنقل النهري وشركة النيل للنقل النهري يديرهما المتهم الثالث من مكتب واحد وانهما في مقر واحد وبعقد إيجار واحد بحد قوله، موضحاً أن اي تفاوض بالشركتين بشأن هيئة النقل النهري يقوم به المتهم الثالث وعند التعويض المالي يتم بواسطة شركة النيل للنقل النهري، ونبه الى ان التحريات قادت الى ان شركتي عارف ورائدة الخليج مساهمتان في الشركتين، كاشفاً بأن مخالفة المتهمة الرابعة شركة النيل للنقل النهري تتمثل في اداراتها فعليا لهيئة النقل النهري بعد الخصخصة واستغلالها أراضيه وموانئه ومبانيه ، موضحاً بأن كل الأصول التي تم شراؤها لهيئة النقل النهري تركت لهذه الشركة (الجديدة) لإدارتها بحسب مستند اتهام (8/ج) الذي يتعلق باتفاقية المُساهمين بالشركة وبموجبه دخلت كشريك مع حكومة السودان لإدارة هيئة أصول النقل النهري ولم تدفع له سوى مبلغ (38.500) مليون دولار، كما كشفت التحريات استفادة الشركة من تسجيل عقار بمساحة (20) ألف متر يخص تعويض الشركة السودانية من قبل هيئة النقل النهري وتسجيلها باسمها، كما اتضح بالتحريات استلام شركة النيل للنقل النهري مبلغ (10.204.800) مليون دولار من حكومة السودان مقابل تعويض الأراضي المستأجرة.