الخرطوم- وفاق التجاني 8مارس 2022م
طرحت العديد من القوى التي تقود المُعارضة المدنية، خُطى وحلولاً للأزمة السياسية الراهنة التي يعاني منها السودان، واندرجت هذه الحلول تحت مسمى “الجبهة العريضة”. وعادةً ما يكون الهدف منها لم شمل القوى المدنية التي تعارض الإجراءات التي اتخذها رئيس المجلس السيادي في الخامس والعشرين من اكتوبر من العام الماضي، لكن الغريب في الأمر ان كل الجهات التي طرحت هذه الرؤية تطالب ضمنياً أن تكون هي القائد للمبادرة وان تندرج تحتها كافة القوى المدنية المعارضة، الشئ ترفضه الكيانات السياسية كافة, واطلق مفهوم الجبهة العريضة بعد ان دعا له الحزب الشيوعي في العام الماضي وذلك بحسب القيادي في الحزب الشيوعي صديق بوسف، كما تلتها عدد من المبادرات والتي تبنتها تحالف القوى المدنية المعارضة، وقوى الحرية الميثاق الوطني، وعدد من القوى السياسية آخرها حزب البعث العربي الاشتراكي.
البداية الأولى
وقال القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف، ان الحزب الشيوعي هو أول من طرح مبادرة الجبهة العريضة في شهر يوليو من العام الماضي، وأكد أنه كان يهدف لإسقاط حكومة الدكتور حمدوك، وقال في تصريحات لـ(الصيحة): “لقد قمنا بإصدار وثيقة وقمنا بتوزيعها لكافة القوى السياسية الفاعلة في المشهد السياسي”، وتابع: “بعد انقلاب 25 أكتوبر برزت عدة مبادرات ورؤى تحمل نفس الفكرة وأحياناً نفس الاسم، من بينها لجان المقاومة وتجمُّع المهنيين وأحزاب سياسية أخرى”، مضيفاً أن الفارق الأساسي فيها انها تعتمد بشكل أساسي على ما الذي سيحدث بعد إسقاط الحكومة، مؤكداً أن كافة الأحزاب تشترك في مبادراتها على إسقاط الحكومة، لكنها تختلف في الرؤية لما بعد الإسقاط، وشدّد على ضرورة وجود اتفاق مُسبق لما بعد الإسقاط والاتفاق على برنامج واضح متفق عليه، ورداً على التصريحات الأخيرة الموجهة لهم من حزب البعث والتي جاءت على لسان الريح السنهوري، قال ان الحزب الشيوعي على اختلاف واضح مع قوى الحرية والتغيير ومن حقهم الدفاع عن كيانهم
انسلاخ واقتراح
وكشف تجمُّع القوى المدنية، عن تكوين جبهة عريضة ضد استيلاء الجيش على السلطة.
وقالت عضو سكرتارية تجمُّع القوى المدنية، ميرفت حمد النيل في تصريحات صحفية سابقة، إن الجبهة قوامها القِوى الثورية الحيّة بمختلف أطيافها مع التأكيد على عزل أعداء الديمقراطية، في إشارة إلى نظام المخلوع البشير وعناصره. وكان تجمُّع القِوى المدنية أعلن انسحابه من كافة هياكل تحالف (قحت) وإتاحة الفرصة لتشكيل ثوري جديد على أُسس راسخة، وأضافت أن التشكل الجديد يتطلب النظر للواقع الثوري الحالي بشكلٍ مختلف والعمل على استيعاب جميع متغيراته لتكون قيادته بمُستوى هذا الزخم الثوري والمعرفي وتنوع أدواته. ولفتت إلى أن من أولويات التكوين الجديد تفكيك الإجراءات السابقة ومواصلة تفكيك نظام 30 يونيو. ونوهت إلى أن التشكيل له ضوابطه التي تؤمن تأسيس المشاركة والالتزام، وأقرت ميرفت بفشلهم في توحيد جميع قوى الثورة الحية داخل قوى الحرية والتغيير، وأوضحت أن الخروج من قوى الحرية والتغيير جاء كنتاج لنقاش طويل ممتد داخل القوى المدنية منعت ظروف كثيرة سابقاً من اتخاذه، وقالت: “الآن لا يوجد ما يمنع من العمل بشكل مستقل على دعم وحدة قوى الثورة المختلفة”. وأكدت أن التشكيل يعمل على دحر الانقلاب بواسطة كافة الأدوات، وأردفت: بعد الإسقاط والتحوُّل لسلطة مدنية كاملة تُشكِّل حكومة كفاءات مُستقلة تستكمل مهام التحول الديمقراطي وتحقق السلام والعدالة.
الالتحاق بالركب
قال الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، عادل خلف الله، إنّ حزبه طرح دعوة من خلال منبره لتكوين جبهة سياسية عريضة. وأوضح أنّها تشمل كلّ الأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية والنقابية وكلّ الأجسام التي شاركت في صناعة ثورة ديسمبر، علاوةً على قِوى إعلان الحرية والتغيير، وأشار خلف الله بحسب تصريحات سابقة لـ(الصيحة)، أنّ الجبهة تهدف لتوسيع قاعدة قوى إعلان الحرية والتغيير، من أجل تحقيق مهام الثورة. وتابع الجبهة تسعى لتحويل الطاقات إلى جُهود ومن ثم توحيد القوى الديمقراطية والمدنية.
مرحلة التنفيذ
فيما أكد القيادي بقوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني حيدر الصافي خلال حديثه لـ(الصيحة) أن الميثاق من اول المُبادرين بمشروع الجبهة الوطنية العريضة، والتي دعا فيها كافة القوى المدنية التي تدعم الديمقراطية بالدخول والمُشاركة فيها، لافتاً أن الميثاق لا يستثني أحداً، مضيفاً أن الفرق بينهم وبين القوى السياسية التي طرحت الجبهة العريضة كحل للأزمة أنها ما زالت في مرحلة التخطيط والدعوة، إلا أن الميثاق الوطني قد دعا فعلياً لها وبدأ بالعمل في حل الأزمة، مُشيراً الى أن الميثاق قد طرح من قبل مقترح الكتلة العريضة والتي تم رفضها من قبل وجاءت بعدها الجبهة العريضة والتي نالت قبول ورضاء معظم السياسيين في السودان، مشدداً أن من أهم الشروط التي نشترطها في الجبهة العريضة الإخلاص للوطنية وعدم الانحياز للمطالب الشخصية أو الدخول في محاصصات.
طابعٌ تكتيكيٌّ
أما المحلل السياسي إبراهيم كباشي، يرى أنّ القاسم المشترك والذي يجعل القوى السياسية ترضى بمقترح الأخرى هو الرؤى الموحدة، مشيراً الى أن الوضع السياسي في غاية التعقيد، مؤكداً أن كافة الحلول المطروحة يغلب عليها طابع التكتيك، وتفتقد كذلك للمؤسسية، كما لفت أن تجربة قوى الحرية والتغيير ألقت بظلالها على المشهد السياسي، واكد ان لها دورا كبيرا في ازمة الثقة التي تعاني منها البلاد. كما اشار ان الدعوات للمبادرات والحلول السياسية تأتي أحياناً من قوى ليس لديها وزن سياسي، وأحياناً تفتقد للممارسة السياسية، كما أشار أن هناك كتلاً سياسية تدعو للحلول ولكنها جزءٌ أساسيٌّ من الأزمة السياسية، مؤكداً أن الدعوات لا تستطيع حل الأزمة ما لم تتطرّق في حلولها للموضوعية والمؤسسية، وأن تتضمن أهدافا مرحلية واستراتيجية، واذا لم تتوفر بها هذه الشروط تصبح مجرد إعلان سياسي يُحاولون فيه إثبات أنهم مازالوا في الساحة السياسية.