التفلتات الأمنية.. تجاوز الشارة الحمراء!!
تقرير: عوضية سليمان 7مارس2022م
تمر البلاد بحالة اشبه ما تكون بانسداد الأفق في شتى مناحي الحياة, سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وتلك الحالة كما يقول خبراء تستدعي الانتباه والتوقف والمراجعة ووضع المصلحة الوطنية فوق كل شيء, مع ضرورة لفت نظر الجهات الحادبة على مصلحة البلد بأهمية الوصول الى توافق يُجنِّب البلاد المصير المجهول الذي تسير فيه البلاد هذه الأيام.
ويؤكد خبراء أن عدم الاستقرار السياسي قاد البلاد الى حالة اقتصادية مُزرية تحملها المواطن، تمثلت في ارتفاع تكاليف الحياة, مَا أدى كل ذلك الى انفلات امني وتعدٍ على الممتلكات في وضح النهار مع تنامي نشاط عصابات السلب والنهب، التي أصبحت تُشكِّل هاجساً للمواطنين بالمركز والولايات.
وقال خبراء امنيون, إنّ الانفلات الأمني تعدى الإشارة الحمراء, وطالبوا بضرورة انتشار الأجهزة الأمنية للحد منه.
وشهدت الخرطوم كغيرها من مدن السودان, تفلتات أمنية متشابهة، دون أن تفلح الشرطة أو القوات المشتركة التي كُوِّنت مؤخراً في السيطرة عليها, مَا دفع للحديث عن مخطط مقصود لإحداث حالة من البلبلة. فيما عزا آخرون تفشي الانفلات الأمني لتأثير الأوضاع الاقتصادية وحالة السيولة الأمنية وانتشار السلاح ووجود حركات حاملة للسلاح داخل العاصمة والمدن، مما انعكس على تراجع السيطرة الأمنية، فما أسباب الظاهرة ومَن وراءها، وكيف تُحسم؟!.
اتّهامات وتحرُّكات
يرى متابعون للأوضاع الأمنية، أن القوات الأمنية فشلت في محاصرة الجريمة وباتت الخرطوم غير آمنة، فالتفلتات وحوادث القتل والنهب تحدث بشكل مُتواصل دون حسم نهائي, ويرون بأن الخرطوم باتت عاصمة غير آمنة، بسبب تلك التفلتات وحوادث القتل والنهب التي أضحت تحدث بشكل متواصل دون حسم نهائي.
وبالمقابل، تقود الشرطة السودانية تحرُّكات واسعة بالعاصمة والولايات لاستعادة الأمن وثقة المواطنين, مُستفيدةً من قدراتها وخبراتها التراكمية على مدى التاريخ. وأعلنت شرطة ولاية الخرطوم في وقت سابق، نشر (3) آلاف من عناصرها لتأمين العاصمة، ضمن حملة استباقية لمنع الجريمة، وذكرت أن الخطوة تأتي تنفيذاً لتوجيهات هيئتها القيادية التي سُميت «حملات التحدي» لتأمين العاصمة. ورغم ذلك إلا أن التفلتات الأمنية ظلّت هاجساً لم تفلح الشرطة في حسمها بصورة كاملة.
هشاشة أمنية
ولفت الخبير الشرطي الفريق أحمد إمام التهامي، إلى أن إمكانات الدولة والظروف الاقتصادية والميزانية لا تفي لاحتياجات الشرطة والأجهزة الأمنية بالنسبة للتحديات التي تُجابهها يومياً في ظل ظروف يعلمها الجميع، وقال إن الحرية أصبحت متاحة بشكل أكبر من اللازم حتى وصلت مرحلة التعدي على حريات الآخرين, وقال التهامي الآن الشرطة تواجه تحديات أكبر، لأن الظروف التي تعيشها البلاد والهشاشة الموجودة بالمجتمع تسبّبت في جرائم كثيرة، وتكاد الجريمة تحدث بطريقة يومية.
مؤشر الجرائم
أشار مصدر أمني لـ(الصيحة) الى تطور الجرائم هذه الأيام, وقال إن المجرمين أصبحوا لا يتهيّبون أفراد الشرطة, وضرب مثلاً بسرقة هاتف ضابط مؤخراً من قبل (تسعة طويلة) , وطالب الشرطة بحسم المتفلتين, واشار الى زيادة نسبة جرائم المال وظهور تشكيلات إجرامية, كما تطرق الى زيادة عصابات النهب والاختطاف وعمليات المتابعة من البنوك، وسرقة السيارات والمركبات غير المرخصة وغيرها, وطالب السلطات بمراقبة المواتر بدون لوحات التي تُستخدم في النهب وترويع المُواطنين.
واقع الدولة
من جانبه, يعزي الخبير الأمني محمد بشير سليمان, الانفلات الأمني في السودان الى واقع الدولة السودانية الآن, وقال إنّ أسبابها متعددة أبرزها أن الدولة فشلت في فرض هيبتها القانونية والسلطوية على المجتمع السوداني, بجانب عدم توفير المطلوبات المادية والعينية لهذا الشعب, موضحاً أن الشريحة التي كانت تحتاج لرعاية وهي شريحة الشباب, لم يجدوا ذلك, لذلك يعيش الشباب في واقع مرير ووضع قاتل, يتولد بسبب الفقر والجوع. وأكد لـ(الصيحة) ان الوضع الآن أصبح غير آمن. وأضاف أن هنالك ضعفاً في التنمية بصورة عامة, في ظل تنامي كل أنواع العطالة بسبب الانهيار الاقتصادي وانتشار المخدرات, وقال تلك أسباب تدفع للانفلات الأمني, وأشار إلى أنه أصبح سلوكا يوميا في حياتهم, وقال مع الأسف الدولة لم تلتفت إلى تلك الشريحة, ولم تعمل لإيجاد مَخرج من الوضع القاسي الذي يعيش فيه مُعظم الشعب السوداني!!!