منى أبوزيد تكتب : خلية نحل..!
6مارس2022م
“يا لسطوة تلك الأعراف، كيف يتَسنَّى لها أن تخيط قناعاتنا، أن تُطرِّز عقود الإذعان – لفرماناتها – على أقمشة عقولنا، كما ترزيَّة الفستاين؟”.. الكاتبة..!
كلّما قلّ تقديمك لاحتياجات ذاتك، واحتفائك بالخاص، العاطفي، والحميم في حياتك، وازداد اهتمامك بشكلانية الأسرة، وتضَخَّم احتفاؤك بالموقف العام من نهجك الخاص، وكان رضى الناس هو “شمالك” الدائم، فقدتَ البوصلة. كلّما كانت تفاصيل شراكتك العاطفية محكومة بردود فعل الأهل والخلان والجيران، مرسومةً وفقاً لأمزجتهم، مرهونةً بإيماءات استهجانهم، وسكنات استحسانهم، ضاعت خصوصيتك، وتشرذمت ذاتك. كلّما أمعنتَ في إراقة خياراتك المصيرية على مذابح العُرف والعادة، دافعاً أثمان استيعابك، وشروط إعادة تعميدك كجزء مبارك من مجتمع التقاليد – كلما أذعنت! – فقدت اطمئنانك، وأضعت ورضاؤك – العميق – عن حالك ومآلك..!
لاحظ معي كيف وكم أن العلاقة الزوجية – النمطية – في مجتمعنا المحلي ما تزال ترزح تحت وطأة “الاتحاد الاشتراكي” الذي يفرض عليك نهجاً فكرياً وسلوكياً “موحداً” يتغاضى عن كل خاص لا يراه المجتمع، ويحتفي بكل عام يكون شاهداً عليه. تلك النزعة الاشتراكية التي تصهر الفردي في بوتقة الجماعي جعلت من مؤسسة الزواج – في مجتمعنا – أقرب إلى “مملكة النحل”. هل تنكر ملامح التشابه المدهشة بينهما؟!. حسناً، أرجو أن تتأمَّل سلوك الزوجة النمطية في مؤسسة الزواج وموقفها من الزوج كشريك حياة، ثم تأمل قليلاً مسلك “ملكة النحل” التي تعتبر الذكر وسيلة وجسر عبور – ليس إلاّ – إلى مملكة الأمومة وعرش السيادة على كتيبة من الورثة المتطلِّبين..!
تأمل كيف يخبو قلقها على زينتها وحرصها على بهاء صورتها في عيني “ذكر النحل” بعد انغلاق أسوار القفص الذهبي. ثم لاحظ كيف تتزين المرأة “الزوجة” لبنات جنسها، وكيف تقدم اهتمامها بزينتها وجمال صورتها – في عيونهن – على جمال صورتها في مرآة الزواج. أوليس أهم شخص تقلق الزوجة النمطية بشأن إقراره بجمالها هو “المرأة” نفسها؟!. أوليست أعظم شهادة اعتراف بالجمال تعتز بها هي صيحة إعجاب تنتزعها من بين شفتي واحدة أخرى من بنات جنسها..؟!
ثم ماذا عن حال الزوج النمطي؟!. ماذا عن أوجه الشبه بينه وصيغة المُذكّر الموازية لحاله في خلية النحل؟!. تأمل – بالله عليك – في علو سقف الطموحات والذوق الباهظ لكل منهما، وكيف لا يرضى كل منهما – “مُذكّر الإنسان ومُذكّر النحل، وإن كثرت مثالبه” – عن “الملكة” بديلاً في عالم الإناث. أمره عجيب!. يده في يد “العاملة” التي من ثوبه وعلى مقاسه، وقلبه وفكره وعينه على الملكة. ينافس بقية الذكور على الفوز بملكة النساء، ثم يطالب بأن تكون شريكته أن “أنجيلينا جولي”، و”مي زيادة”، و”هيلاري كلينتون”، و”الشيف منال”، في آنٍ معاً!. يعقد المقارنات تلو الأخرى بين خصر زوجته المترامي و”قد” تلك الميّاس. ناسياً قصور مؤهلاته الجمالية – من الكرش، إلى الصلعة، إلى الذي منه – عن طلب الملكات. مرآة النفس عنده مكسورة، بينما نظارة التنقيب في عيوب الشريكة – المسكينة – ستة على ستة..!
هل رأيت، ثم رأيت كيف أن علاقات الزواج عندنا هي مؤسسات مأزومة، تتقمصها روح “مملكة النحل”؟!. مؤسسات تنهض بادئ ذي بدء وفقاً لأهواء المجتمع، ثم تستمر خوفاً من “شيل الحال” بمقاييس ذات المجتمع. تعطي أولوية الخيار لمن لا يعنيه أمرها، وتخطب ود الآخرين، وتتسول مباركتهم – دوماً وأبداً – على حساب الذات!. هكذا هي في الغالب الأعم. مؤسسات إذعان جمعي وشركات مساهمة محدودة، شركاؤها مجموعة ذكور وعاملات خليَّة و”ملكة افتراضية”. يشقون بتحكيم نظرة جماعية، ومفاهيم اشتراكية متسلطة – أحادية النظرة، قصيرة النظر – في مواقفهم من تصريف شؤون علاقات ثنائية، مُتباينة. ويكتفون بإنتاج عسل العُرف، وشمع السُّترة. ثم يموتون، أو يُمِيتُون..!