الخرطوم- الصيحة
استغرب كثير من المتابعين، من التصريحات الحادة التي أطلقها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس لإحدى الصحف الالمانية “تاز” الأربعاء، حول صعوبة المرحلة الانتقالية في ظل تجاذبات القوى المدنية والعسكرية، مؤكداً الانهيار الوشيك للاقتصاد مع عدم المساعدات اللازمة من قبل المجتمع الدولي والفوضى التي تسود أجزاء من البلاد! مشدداً على دور الأمم المتحدة الكبير في مشاورة الأطراف التي ماتزال تتمترس في مواقفها المتشددة تجاه بعضها البعض! هذا وغيره نتاج حواره مع الصحيفة الألمانية من جملة أوصاف متشائمة أطلقها على الواقع السوداني الذي أضفى عليه حالة قاتمة ميؤوس منها! كما بدا من اللقاء ما جعل كثيرين يعتبرون ذلك مؤشراً لبداية إعلان فشل المبادرة الأممية وتمهيداً لذلك!!.
رأى آخرون أن النبرة اليائسة في لقاء “فولكر” لا تعكس فشل المبادرة فقط وصعوبة الأوضاع السياسية بالبلاد وحسب، وإنما فشل البعثة نفسها! البعثة التي قاربت حوالي السنتين من عمرها بالسودان وفق وظيفة محددة لم تنجز فيها أي ملف مما تم تكليفها به من مهام؛ أولها المساعدة على الانتقال! وإن الحديث عن الانهيار الوشيك ليس سوى نوع من التبرير لفشلها في أحد مهامها الأساسية وهو استقطاب وتنسيق الدعم عبر مؤسسات التمويل الدولي وهذا ما فشلت فيه تماماً، وإن تذرّعت بتجميد المجتمع الدولي لمساعداته بعد قرارات قائد الجيش في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي! حيث يعتبر ذلك أحد ملامح فشلها المتعدّدة أيضاً ضمن مهامها لمساعدة الانتقال!.
وها هي بعد أن بشّرت بما أطلقته من عملية في الشأن السياسي الداخلي؛ تخرج بما يشبه الإعلان اليائس حول فشل عمليتها الوشيك! بحجة عدم رغبة الأطراف السودانية في الجلوس مع بعضها البعض للتفاوض حول انهاء الأزمة! وتُعلن ذلك في منصات غربية بين يدي اجتماع مجلس الأمن المقبل لاستباق قرارات دولية تعمل على تمكينها بصورة أكثر مما هي عليه من تمكين الآن خاصةً فيما يتعلق بإشارته في ذات الحوار حول ضرورة دور كبير ومهم للهيئة الأممية بالبلاد! بما يجعلنا نشكّك في دوافع هذا النداء وأغراضه خصوصاً بعد اختلاف وجهات النظر الكبيرة وتباينها الجوهري في الموقف من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا! الذي حاولت مجموعة الاتحاد الأوروبي مجتمعة الضغط باتجاه اتخاذ البلاد موقفاً يتطابق مع رؤية “النيتو” في اجتماع ممثلي سفراء الاتحاد الأوروبي بوزير الخارجية المكلف؛ واستفسارهم بصورة غير لائقة دون مراعاة للأساليب الدبلوماسية حول موقف السودان من الأزمة الروسية الأوكرانية مقارنة بزيارة الوفد السوداني رفيع المستوى الي جمهورية روسيا الاتحادية تزامنا مع نشوب الحرب!؟.
يتساءل البعض هل أصبحت البعثة بعد هذه التصريحات المحبطة جزءاً من آلية الضغط للمحور الأمريكي الغربي! واحد أدواتها؟ خاصةً فيما يتعلق بتصريحات مساعدة وزير الخارجية الأمريكية “مولي فيي” في وقت سابق باعتبار السودان أحد نقاط تقاطعات المصالح الأمريكية الروسية! وساحة لصراع الأجندة الخاصة بالدولتين؟ وهو ما يحتم ضرورة الإجابة على التساؤل القاضي بمدى أهمية وجود البعثة الأممية الخاصة بمساعدة الانتقال بالبلاد! وما هي جدواها في نهاية الأمر! بعد عامين من الفشل الذريع في إنجاز أيٍّ من مهامها التي كُلِّفَت بها لمساعدة الانتقال بالبلاد؟!.