بعد سقوط نظام الإنقاذ وتسلم مؤسسة الجيش للسلطة والحكم في البلاد ممثلة بالمجلس العسكري الانتقالي، وما برز من صراعات حول شكل الحكم ومستقبله، نرى أن الجيش هو المؤسسة الشرعية والقانونية لإدارة الحكم في هذه المرحلة، وهو المفوض من قبل الشعب السوداني، وفترة عامين ليست بالزمن الطويل، ولئن احتدم الخلاف فاللجوء إلى عمل استفتاء للشعب، وهو ليس بالأمر الصعب، ونرى تكوين مجلس شوري مدني يتكون من خمسين عضواً يكون بمثابة برلمان شعبي.
بالنسبة للشباب المعتصمين بالميدان، فإنهم أصحاب هذه الثورة زكوها بدمائهم الطاهرة في ثورة ستكون منهجاً لدول العالم والمنطقة العربية والأفريقية لتقتدي بها شعوبها وشبابها لإحداث التغيير نحو الديمقراطية والحرية.
هؤلاء الشباب قوة انتخابية ضاربة وعددهم بالملايين فعليهم بالتوجه لتكوين حزب باسم الحرية والتغيير وتسلم حكم البلاد لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية عبر منهج ديمقراطي اشتراكي إسلامي للعودة بالبلاد إلى مجانية التعليم والعلاج وإعلاء قيم التكافل الاجتماعي، وأن يكون توجهه ديمقراطياً إشتراكياً اقتصادياً، فبعض الأمور العاجلة يتطلب الأمر تنفيذها على رأسها إلغاء سياسات التحرير الاقتصادي والخصخصة التي أودت بالبلاد إلى هذا القاع السحيق من التدهور الاقتصادي، وإعادة بعض المؤسسات التي تم حلها مؤخرًا مثل مؤسستي السكر والنفط، وإلغاء صفقة بيع الميناء الجنوبي للشركة الفلبينية اسماً كونه أمراً عاجلاً لإنقاذ البلاد من هذه الشركة التي تسيطر على واردات وصادرات البلاد لعشرين عاماً وتستنزف الاقتصاد.
مشكلة شح السيولة تتطلب تأميماً جزئياً للبنوك الكبرى التي تسببت فيها عبر صيغ المضاربة والمرابحة، حيث تحولت البنوك إلى شركات تجارية تضارب وترابح بأموال المودعين، فلابد من تأميمها على وجه السرعة بنسبة سيطرة حكومية لا تقل عن ستين بالمائة، وتجميد العمل بالصيغ المصرفية الإسلامية لإعادة الثقة للنظام المصرفي.
رفع الدعم الجزئي عن الخبز وكلياً عن الوقود أمر هام لمعالجة عجز الموازنة، كما لا بد من ترشيد الاستيراد من الخارج، وزيادة الفئات الضربيبة مع فرض ضريبة ثروة تصاعدية على الثروات الضخمة التي تكونت في السنين الماضية لتعويض الشعب وزيادة الإيرادات لدعم الخدمات من صحة وتعليم وإصحاح البيئة.
د. عادل عبد المنعم عبد الرزاق
خبير اقتصادي