4مارس 2022م
تجدني مهموماً ومشغولاً بفكرة البحث والتقصي في ما يخص الشأن الفني وأجد متعة لا نهائية في ذلك .. ولعلي اخترت هذا المنحى عن رضاء كامل .. رغم محاولات البعض التقليل من دور الصحافة الفنية ووصمها بصفات ونعوت تسلب أدوارها العظيمة من ناحية الأخبار والتحقيقات والحوارات والبحث المهني.
وما تعانيه الصحافة الفنية هو هجوم قديم .. هذا ليس اوان الرد عليه تفصيلاً.. ولكني من خلال اهتماماتي البحثية والتنقيب توقفت عند بعض الحقائق المغلوطة التي تستدعي التصحيح .. وحينما اقول كلمة (تصحيح) فأنا أعني الكلمة بكل محتواها من مبنى ومعنى.
أقول ذلك وفي ذهني أن ثمة أجيالا قادمة من حقها علينا أن نملكها المعلومة الصحيحة التي لا لبس فيها ولا جدال.
وفي هذا الجزء الأول من المقال سأحاول أن أتوقّف في بعض المعلومات الفنية وأقوم بتقديم المعلومة الخاطئة أو المغلوطة وبرفقتها المعلومة الصحيحة.
أغنية (رسائل) المشهورة بمقطعها الأول (حبيبي أكتب لي) وهي من كلمات الشاعر (عبيد عبد الرحمن) وهذا الشاعر المتفرد تغنى له الكاشف بالعديد من الأغاني .. نذكر منها يوم الزيارة .. رحلة .. الجمعة في شمبات .. شال منام عيني .. حليل زمن الصبا .. حجبوه من عيني وأنا يا طير .. والعديد من الأغاني البديعة والمبهرة.
ولكن تظل أغنية (رسائل) أجملها وأكثرها ذيوعاً وانتشاراً وهذه الاغنية من ألحان الفنان الكبير (التاج مصطفى) وليس من ألحان ابراهيم الكاشف .. ويثبت ذلك صورة للكاشف وهو يوقع أغنية رسائل وبجواره الموسيقار الايطالي (مايسترللي) ويقف معهم التاج مصطفى ملحن الأغنية .. والجدير بالذكر أن التاج مصطفى قدم في ذات التوقيت أغنية (الحبايب) لعائشة موسى أحمد (الفلاتية) وهي من كلمات الشاعر علي محمود التنقاري والحبايب هي أغنية (عني مالم صدو واتوارو).
الأغنية الحماسية والوطنية الشهيرة (الفينا مشهودة) التي صاغ كلماتها الشاعر الكبير محمد علي أبو قطاطي والتي اشتهرت بصوت الفنان الخالد عبد العزيز محمد داؤود .. هذه الأغنية في الأصل كانت لثنائي بانت (ختم وحسن) .. وهذا الثنائي ظهر في فترة الستينات من القرن الماضي ولكن توقف مدهما الإبداعي بسبب مقتل (حسن)، لذلك ترك (ختم) الغناء وكان ذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي.. والأغنية للحقيقة والتاريخ من ألحان العم (ختم) وليس من ألحان برعي محمد دفع الله كما مدون ذلك في سجلات الإذاعة الرسمية.
الشاعر الكبير التجاني حاج موسى .. شاعر لا يحتاج لتعريف.. فأغنياته الموزعة بين حناجر المطربين تؤكد على مكانته العالية .. والتجاني حاج بجانب انه شاعر مميز فهو أيضاً له محاولات لحنية ناجحة كان معظمها ناجحاً ومبهراً.. ولعله يظلم كثيراً حينما ينسب بعض ألحانه الى ملحنين آخرين .. فهو للحقيقة هو الذي لحن جزءا حميما من أشهر أغاني الفنان كمال ترباس وهي (جاي تفتش الماضي .. أمي يا دار السلام) فهذه الأغاني ليست من ألحان كمال ترباس وإنما من ألحان التجاني حاج موسى والذي كتب ولحن لمحمد ميرغني اغنية (حلو العيون) كما كتب ولحن للفنان مجذوب أونسة أغنية (مغرم صبابة) لم تجد حظها من الانتشار مثل الأخريات.