سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع ..
3 مارس 2022م
على طريقة الرسم بالكلمات
(1)
تاريخياُ لم تكن الدراما السودانية ذات تأثير واضح على المجتمع السوداني، بل تركته نهباً للثقافة الدرامية الوافدة التي لا تُشابه تفاصيلنا الحياتية ولا تقترب منها .. والبُعد عن قضايا المجتمع من المُؤكد بأنّه أول إشارات الابتعاد عن قلوب ووجدان الناس أجمعين .. أصبح (الريموت كنترول) لا توقف في قناة سودانية تبث الدراما ما عدا قناة الشروق التي ظلت سنوياً تنتج الدراما عبر سلسلة (حكايات السودانية) وهي الفعل الوحيد الموجود على ساحة الدراما السودانية ما عدا ذلك لا يوجد سوى اجتهادات وشوارد متناثرة ومتباعدة.. ولكنها بالطبع لا تفي الحاجة والحوجة لدراما سودانية ذات (لون أسمر) و(عيون عسلية) ومختوم على جوازها السفر لكل الأقطار ما عدا إسرائيل.
(2)
الكتابة عن الدراما في السودان تبدو وكأنها محاولة للكتابة عن شئ خرافي .. وإذا كانت الأساطير تحكي خرافات هي الغول والعنقاء والخل الوفي .. تبقى الدراما السودانية هي رابعتهم .. دون أدنى شك أو مساورة في تكذيب هذا القول .. ومع الدراما السودانية موجودة .. ولكنها موجودة كاسم فقط يردد هناك وهناك .. وهنا يبرز السؤال الاستراتيجي ــ وهو سؤال تقليدي بالطبع ــ عما هو السبب الذي جعلها تعيش هذه الحالة من التوهان وعدم القدرة على التوزان والوجود كفعل حياتي هام .. ويبقى (سؤال الدراما) ذات نفسها من الأسئلة التي تحتاج لإجابات عميقة .. والى (مدية سنينة) تغوص في أحشائها لتقطع دابر كل شك وسؤال واستفهام!!
(3)
حينما اشاهد الفنانة حنان بلوبلو .. لا أدري لماذا أتذكر رائعة سعد الدين ابراهيم وأبو عركي البخيت (حكاية عن حبيبتي) خصوصاً في مقطعها الأخير الذي (يلا صفقوا كلكم) .. ذلك هو الإحساس الذي ينتابني حينما أشاهد الفنانة القديرة حنان بلوبلو .. وهي بالفعل تستحق التصفيق من الجميع .. ومن كل الشعب السوداني .. فهي تستحق الاحتفاء والتهليل لأنها نموذج للصبر والمثابرة والاجتهاد.
لهذا ظلت على الدوام محتفظة بقيمتها الفنية والإنسانية .. وحنان بلوبلو لمن لا يعرفها عن قرب.. نقول بأنها شخصية جميلة ذات بُعد إنساني خاص .. وهي محبوبة كل أهل الصحافة والإعلام.. فهي تشاركهم في أفراحهم وأتراحهم .. على المستوى الشخصي أضع تقديراً خاصاً لحنان بلوبلو ونعتبرها (الأخت الكبرى) .. فهي كبيرة بفنها وتعاملها الراقي وحضورها المميز على كافة الأصعدة .. ونقول لها شكراً على هذا التاريخ الجميل ونقول لك كما قال الحلنقي (جمالك ما نداوة لون .. جمالك كله في ذاتك)!!
(4)
برعي محمد دفع الله .. اسم كبير وفنان ملتزم له وزنه ومكانته العالية ، لعب دوراً عظيماً في تطوير وتأسيس واستنباط ملامح المقطوعة الموسيقية وطوّر قالب القصيدة وأمسك بيد جيل كامل من المطربين أمثال : عبد العزيز محمد داؤود ، سيد خليفة ، عثمان الشفيع، عبد الدافع عثمان، محمد الحويج وغيرهم.
تميزت شخصيته الفنية بتدفق العاطفة الرقيقة وافكاره الموسيقية سبقت عصره .. كان يسعى دائماً الى احترام فكر المستمع من حيث قيمة العمل ومضمونه .. لا يحب أن يقدم عملاً لا يضيف الى رصيده الفني لأنه وعلى مستوى سنوات طويلة قدم أكثر من 350 عملاً غنائياً وموسيقياً كلها وبدون استثناء تركت بصماتها على وجدان الجماهير ومازالت تعيش بيننا الآن.
(5)
قال عنه البروفيسور الفاتح الطاهر (أحببته واحترمته وصادقته واستمع دائماً الى نصائحه واعتبره في الاساس رمزاً لي .. يعجبتي فيه كبرياءه الفني الشخصي وهما نابعان بلا جدال من كبريائه الأسري.. فقد عاش حياة مُتوازنة وناجحة بين الفن وحياته الخاصة كزوج وأب يعرف قدر نفسه ويدرك تماماً أين ومتى يتكلّم وأين بصمت وهو فنان يصون بوعي واحترام تاريخه وأخلاقه وفنه ويسطر بوعي على دفة مسيرته).