صلاح الدين عووضة يكتب : تحت الجسر!!
2مارس 2022م
أو فوقه..
فهكذا ينهمك قوش الآن في صناعة جسرٍ للعودة؛ ربما..
ونترك قوش الآن لنعود إليه لاحقاً..
فقد أعجبني العنوان… ورأيت أن أقتله شجناً؛ تحت الجسر أو فوقه..
فالحديث ذو شجون… وجسور..
ففي حياتي الشخصية ثلاثة أسافل جسور؛ ولا شيء أعاليها..
وحتى الأسافل هذه لا شيء تحتها..
فقد نُسب إلى زميلٍ قوله: شوهد قوش مع فلان تحت جسر المنشية مساءً..
وفلان هذا هو كاتب هذه السطور..
أما الزميل فهو أشرف عبد العزيز؛ رئيس تحرير صحيفة الجريدة..
فواجهته بالذي نُسب إليه هذا..
فضحك… ولم يزد… ولم أزد؛ ولم يقل إن كان هو الذي شاهد أم آخر غيره..
وأياً كان الذي شاهَد فهو شاهِد مشفش حاجة..
فأنا لم أر الشخص هذا خارج دائرة مملكته الرهيبة سوى مرة واحدة..
وذلك حين جاء معزياً في وفاة سارة الفاضل..
وكنت وقتها رئيساً لهيئة تحرير جريدة صوت الأمة؛ فلمحته عن قرب..
ولم أجالسه في حياتي أبداً..
لا تحت الجسر… ولا فوقه؛ ونواصل على جسر حديثنا هذا..
فالحديث ذو شجون… وجسور..
وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي راجت شائعة عن جسر شمبات..
قيل إن تحته أشياء مخيفة؛ ليلاً..
وساقتني الظروف يوماً – مثل سوقي حديثي هذا – إلى أسفله ذات ليلة..
وأظنني كنت في زيارة عائلية..
فسرت في جسدي قشعريرة عابرة؛ رغم علمي بأنه ما من شيء أصلاً..
عابرة بمقدار الثواني التي عبرت فيها المكان..
والحديث ذو شجون… وجسور..
وحديثٌ عن أي شيء – أو أي أحد – قد ينتشر سريعاً؛ إن كان مثيرا..
سيما إن كانت إثارة ضارة..
فمن الناس من يحب العبور إلى خصوصيات الآخرين من تحت الجسر..
من تحته – بالذات – لأنه ذو ظلام..
والظلام يفتح الشهية للأوهام؛ كمثل ظلام أسفل جسر شمبات ذاك..
أو جسر المنشية؛ حيث لقاء الصلاحين..
صلاح قوش؛ وصلاح صاحب هذه الزاوية ذات الجسور اليوم..
والحديث ذو شجون… وجسور..
وإبان غزو بغداد راج حديثٌ عن جسور المدينة التاريخية هذه..
فجيش صدام كان يندحر بغرابة..
غرابة أدهشت حتى الأمريكان أنفسهم؛ وبقية الحلفاء..
وكثيرٌ من أبناء شعبنا – وأهل الإنقاذ – كانوا يتمنون انتصار صدام..
لا لشيء إلا لأنهم يمجدون الرجولة..
وصدام حسين – في نظرهم – كان يجسدها بأبهى صورها السودانوية..
أو صور مخيلتنا الشعبية لها..
هذه المخيلة التي تفرز أشعار حماسة من قبيل:
ما هو الفافنوس… مـا هو الغــليد البوص
ود المك عريس… الخيل بجن كركوس
أحـــي على سـيفه… الـــ بحد الـــروس
فلم يعجب هذا الاندحار خبراء لنا استراتيجيين كانوا يفيضون في الحديث..
والحديث ذو شجونٍ… وجسور..
كانوا يبشرون – عبر فضاءات إعلامنا – بنصرٍ ساحق لصدام..
فانبرى أحدهم يقول: هم تحت الجسور..
ويعني أفراد الحرس الثوري؛ وذلك تبريراً لاختفائهم المفاجئ..
وقال إنهم سيخرجون في الوقت المناسب..
وإلى الآن لم يخرجوا..
ويبدو أن الوقت المناسب لم يحن بعد؛ بمثلما لم يحن أوان تغليبنا المنطق..
ونأينا عن العواطف..
أو لم يحن أوان مغادرتنا أسفل جسر: ما لان فرسانٌ لنا بل فر جمع الطاغية..
وذلك كسراً لرقبة حقائق تاريخية..
ونمضي في حديثنا ذي الشجون هذا الذي سقناه سوقاً؛ أو سياقاً..
ولا يصح أن نقول سواقة؛ كما هو حاصلٌ الآن..
فقوش الذي قيل إنه لاقانا تحت الجسر هذا لاقى فريق المريخ بالقاهرة..
ومن قبل جعل فئة من المتظاهرين تلاقي الأخرى..
وحديثنا هذا من النوع الذي لا يعجب ما لا يعجبهم ما كان فوق الجسر..
جسر العقل… والمنطق… وحقائق التاريخ..
بل يعجبهم ما هو تحت الجسر هذا؛ حتى وإن لم يكن هنالك شيء..
وجسر شمبات لم يكن تحته شيء..
والملاقاة التي سمح بها قوش تلك لم تكن من بنات أفكاره الأمنية..
أو أفكاره السلطوية..
وإنما كان قراراً جماعياً من تلقاء أعضاء اللجنة الأمنية آنذاك..
وقضى – القرار هذا – بوضع نهاية لحكم البشير..
وقوش – فيما يبدو – يريد وضع نهاية الآن لأحكام جعلته لاجئاً بمصر..
والحديث ذو شجون… وجسور..
فهل سيعبر قوش – يا ترى – من فوق الجسر عائداً إلى بلاده؟..
أم تحته؟!.