الخرطوم: محمد موسى 2مارس 2022م
تسبّب تقديم الاتهام عن الحق العام في قضية مدبري انقلاب 89م، لمستند عبارة عن حوار تلفزيوني اجرته قناة الجزيرة القطرية مع المفكر الإسلامي الراحل د. حسن الترابي، في هرج ومرج داخل قاعة المحاكمة، لا سيما وأن هيئات الدفاع عن جميع المتهمين رفضت الزج بالترابي في ملف القضية وذلك بسبب وفاته وعدم وجود علاقة له بالقضية.
ويواجه الرئيس المعزول المشير عمر البشير و(27) من قيادات النظام البائد الاتهام بتدبير انقلاب الـ30 من يونيو 1989م على نظام الحكم الديمقراطي بالبلاد.
قصة فلاشة حوار للترابي
ومثل امام المحكمة المتحري عقيد جمال الدين محمد الخليفة، وأفاد بأن لجنة التحري في الدعوى الجنائية حصلت على فلاشة تحتوي على لقاء تلفزيوني أجرته قناة الجزيرة الفضائية ضمن برنامج (شاهد على العصر) مع الراحل د. حسن الترابي، رحمه الله، مؤكداً للمحكمة بأن مدة المستند هي (58) دقيقة، منوهاً الى أن الترابي تحدث خلاله عن فكرة الحركة الإسلامية في الاستيلاء على السلطة والتفاصيل التي قامت بها الجبهة الإسلامية ومشاركة مجلس شورى الحركة الإسلامية في التخطيط وتنفيذ انقلاب 89م موضوع الدعوى الجنائية، وقدم المتحري الفلاشة للمحكمة كمستند اتهام (7).
هرج ومرج للدفاع
حينها نهض جميع ممثلي الدفاع عن المتهمين من مقاعدهم بقاعة المحكمة الخاصة والمنعقدة بمعهد تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية برئاسة قاضي المحكمة العليا حسين الجاك الشيخ وعضوية قاضيي استئناف، ودخل ممثلو الدفاع عن المتهمين في هرج ومرج داخل القاعة عبروا خلالها عن رفضهم التام إقحام شيخهم حسن الترابي في القضية، مشددين للمحكمة بأن الترابي والجبهة الحركة الإسلامية لا علاقة لهما بالقضية، مؤكدين بأن القضية يواجه الاتهام فيها الأشخاص الماثلون أمام المحكمة والغائبون عنها بأعذار مرضية ، وتساءل ممثلو الدفاع عن المتهمين قائلين: (هذه المحاكمة للمتهمين الماثلين امام المحكمة وليست للموتى والجبهة الإسلامية ، إذن لماذا يتم إقحام الموتى فيها؟)، وأعلن محامو الدفاع عن المتهمين بأنهم كجبهة إسلامية يرفضون العبارات التي أدلى بها المتحري أمام المحكمة عن الترابي، وطالب ممثلو الدفاع عن جميع المتهمين من المحكمة استبعاد المستند من محضر القضية، وعدم عرضه على الحضور بقاعة المحكمة، مبررين ذلك لوفاة الترابي قبل تقييد إجراءات القضية الماثلة امام المحكمة ابتداءً.
تساؤلات وإجابات متحرٍ
من جهتها، وجهت هيئة المحكمة تساؤلات للمتحري قائلة له: (هل هنالك أي مداخلة لأي من المتهمين في الدعوى الجنائية داخل الفلاشة مستند الاتهام؟ وهل الترابي كان من ضمن المتهمين في القضية؟) ، حينها اجاب المتحري على استفسارات المحكمة، مؤكداً لها بأن المستند عبارة عن تسجيل لحوار تلفزيوني تم إجراؤه مع الترابي فقط ولا توجد اي مداخلة فيها لأي من المتهمين الماثلين امام المحكمة، وفجّر المتحري مفاجأة داوية للمحكمة، كشف لها خلالها بأن الراحل د. حسن التاربي كان من ضمن المتهمين على ذمة القضية الماثلة أمامها، إلا أنه تم فصل الاتهام في مواجهته وإسقاط الدعوى الجنائية ضده وذلك لوفاته.
في ذات الوقت، كشف عضو هيئة الاتهام عن الحق العام المحامي عبد القادر البدوي، للمحكمة عن وجود عدد من الأشخاص لم يشملهم الاتهام على ذمة الدعوى الجنائية وذلك لوفاتهم.
الزج بالترابي
من جانبه، اعترض عضو هيئة الدفاع عن المتهمين من حزب المؤتمر الشعبي، على تقديم حوار تلفزيوني تم اجراؤه مع د. حسن الترابي كمستند اتهام (7)، ملتمساً من المحكمة رفض المستند واستبعاده، مبرراً ذلك الى وفاة الترابي قبل تقييد اجراءات البلاغ التي تم تدوينه في العام 2019م ابتداءً، موضحاً في اعتراضه للمحكمة بأن الجبهة الإسلامية ليست متهمة في القضية، إنما المتهمون عبارة عن اشخاص ماثلين امام المحكمة، مؤكداً للمحكمة بأن تقديم المستند غير مقبول لديهم، وشدد محامي الدفاع في اعتراضه للمحكمة بأنه لن يقبل الزج بـ(شيخه الجليل) حسن الترابي في إجراءات المحاكمة، لا سيما وأن المستند غير منتج في القضية لعدم قدرتهم على استجواب الترابي حول محتواه لوفاته بحد قوله للمحكمة.
رفض واستبعاد مستند
من جهتها، حسمت المحكمة، الجدال القانوني بين طرفي القضية (اتهام ودفاع) ورفضت قبول الفلاشة التي تحتوي حوار تلفزيوني أجرته قناة الجزيرة مع د. حسن الترابي كمستند اتهام (7)، ورفضت المحكمة التأشير عليه بمحضرها، وبررت المحكمة رفضها المستند وذلك لوفاة الترابي مما يضع المستند غير مقبول لها وذلك لاعتباره بيِّنة سماعية ولا يُؤخذ بما ورد فيه على أي من المتهمين.
إقرار بمشاركة في انقلاب
في ذات السياق، تقدم المتحري للمحكمة بمستند اتهام (6) وهو عبارة عن لقاء تلفزيوني ضمن برنامج (نادي الاعترافات) اجرته قناة ام درمان الفضائية مع المتهم السادس والعشرين الشيخ أحمد عبد الرحمن محمد، كشف خلاله عن دوره ومشاركته في انقلاب 89م، ونبه المتحري الى أن زمن الحوار ساعة وعشر دقائق، كاشفاً للمحكمة عن استجواب مقدم البرنامج عادل سيد أحمد خليفة، كشاهد اتهام حول اللقاء وأقر بصحته، موضحاً كذلك للمحكمة عن إقرار المتهم السادس والعشرين ذات نفسه بالتحريات عن صحة اللقاء، وعرض المتحري المستند على شاشات البروجكتر بقاعة المحكمة ، وافاد خلالها المتهم السادس والعشرين بأنه كان على علم وتمت مشاورته وشارك في انقلاب 89م، منبهاً الى أن الراحل د. حسن الترابي ، قد سجل له زيارة بمنزله في الليلة السابقة للانقلاب وكشف له خطتهم لتنفيذ الانقلاب ، مؤكداً خلال اللقاء التلفزيوني مستند الاتهام مشاركته في الانقلاب، منوهاً الى أنه كان من المؤيدين للحكم المدني، إلا أنه قد اضطر للمشاركة في تنفيذ الانقلاب ، وأوضح المتهم عبد الرحمن خلال الحوار بأنهم اضطروا لتنفيذ انقلاب 89م على نظام الديمقراطية الثالثة وذلك لتخطيط الدول الغربية والعربية لاستبعادهم كإسلاميين من المشاركة في الحكومة، موضحاً بأن الإمام الراحل الصادق المهدي، كان متفقاً معهم حتى الساعة الثانية عشرة من اليوم السابق للانقلاب، إلا أنه وبعد مشاورته لحزبه وأسرته رجع عن موقفه، منبهاً الى أن الصادق المهدي، قام بابتعاثه ضمن وفد لدولة اليابان للمشاركة في جنازة، إلا أنه عاد منها عقب تلقيه مكالمة من الراحل حسن الترابي طالبه خلالها بإنهاء زيارته والعودة للبلاد، لافتاً الى أن الترابي عقب عودته طالبه بالمشاركة والظهور في احد البرامج الحكومية وذلك بغرض التمويه بحد قوله، واضاف المتهم السادس والعشرين باللقاء التلفزيوني بأنه كان يسمع بالمتهم الثالث العميد وقتها عمر البشير وبطولاته التي حققها بجنوب السودان، إلا أنه لم يلتق به ولا يعرفه مطلقاً في ذلك الوقت، مؤكداً بأن حل الحزب الشيوعي وطرد عضويته من البرلمان في العام 1967م كان أحد اسباب انقلاب جعفر نميري، اضافة الى محاولة استبعاد الإسلاميين من السلطة كانت ايضاً احد اسباب انقلاب 89م.
مقدم برنامج متحرٍ
من جانبه، اعترض المحامي عبد الباسط سبدرات ، رئيس هيئة الدفاع عن المتهم السادس والعشرين الشيخ احمد عبد الرحمن محمد، على المستند، والتمس من المحكمة رفضه واستبعاده، مبرراً ذلك الى أن المستند الفلاش مستند الاتهام تم استنساخه من اسطوانة (سي دي) وهي غير واضحة مطلقاً اضافة الى ان المستند شابه كثير من الضرر، الأمر الذي يجعل هيئة الدفاع عدم التثبت منه، اضافة الى ان مقدم البرنامج قد بدأ فيه كمتحرٍ يسأل المتهم اسئلة يحرمها القانون ويسوح به من التركية السابقة الى يومنا هذا بحد قوله، ونبه سبدرات للمحكمة، بأنه سبق وأن طالب المحكمة بعقد جلسة مغلقة لمشاهدة الفيديوهات مستندات الاتهام حتى يتسنى لها تقييمها وأخذ المنتج منها واستبعاد غير ذلك، مشدداً على أن ما ورد على لسان المتهم خلال الحوار مستند اتهام لا يمكن اعتباره اعترافات بمشاركته في تنفيذ انقلاب 89م ، مؤكداً بأن حديث المتحري باعتراف المتهم بمشاركته في الانقلاب مخالف لقانون الإثبات لسنة 1994م، وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م.
تمسك الاتهام
من جهته، تمسك ممثل الاتهام عن الحق العام بمستند الاتهام ملتمساً من المحكمة قبوله والتأشيرة عليه، مبرراً ذلك الى أن جميع اعتراضات الدفاع على المستند جاءت من حيث الشكل وتلك مكانها وزن وتقييم البينات لاحقاً، مؤكداً بأن الدفاع لم ينكر بأن الشخص الذي يظهر خلال المستند لم يكن موكله المتهم.
قبول مستند
من جهتها، حسمت هيئة المحكمة الجدال القانون بين طرفي القضية الاتهام والدفاع، وقررت قبول المستند والتأشير عليه بمحضرها كمستند اتهام (6) وإرجاء تقييمه لاحقاً عند مرحلة وزن البيانات وتقييمها قبل تلاوة القرار النهائي.
في ذات السياق، قالت المحكمة إنها تتقيد بزمن الدولة الرسمي خلال مدة انعقاد جلساتها، إلا أنها كذلك تقدر ظروف المتهمين وطرفي القضية، وحددت جلسة اخرى يوم الثلاثاء المقبل لمواصلة السير في إجراءات القضية.
غياب البشير وبكري ورامبو
في ذات السياق، تواصل غياب الرئيس المعزول عمر البشير، للمرة الرابعة على التوالي عن المثول امام المحكمة لمحاكمته على ذمة القضية، وذلك لاستشفائه بمستشفى السلاح الطبي من جائحة كورونا والآثار الصحية المترتبة عليها قبل نحو شهرين من الآن، فيما تغيب كذلك المتهم التاسع عشر الفريق أول ركن بكري حسن صالح ايضاً عن جلسة المحكمة أمس، إضافةً إلى غياب المتهم الأول العميد ركن يوسف عبد الفتاح الشهير بـ(رامبو) لاستشفائهما جميعاً بالسلاح الطبي.