عبد الله مسار يكتب : سقوط النسر بات وشيكا (٢)
1مارس 2022م
قلنا في مقالنا سقوط النسر بات وشيكا (١) والذي كتبه الصحفي برونو غيغ وترجمه علي ابراهيم ان امريكا ايلة للسقوط وان الصين في طريقها للتفوق عليها قريبا لان الصين ولزمن طويل لم تدخل حربا وتصرف مواردها ومدخراتها في بناء دولتها وراحة مواطنيها اما امريكا نصبت نفسها شرطي العالم في الخمسين سنة الأخيرة دخلت مباشرة في سبعة عشرا حربا وفي عمليات استخباراتية خارج حدودها بالكوم
وهذا هوالجزء الثاني لمقال السيد برونو غيغ الى النص
ان سباق التسلح سوف يكون السبب الرئيسي لسقوط الامبراطورية لان المحافظين الجدد وغيرهم محبي القنابل في البنتاغون منذ عدة عقود من السنين لم يقرنوا فقط الديمقراطية الليبرالية بالمجازر الجماعية في فييتنام ولاوس وكمبوديا وافغنستان والعراق وليبيا وسوريا ناهيك عن اعمال القتل السرية التي ادارتها المخابرات الاميركية وفروعها بدءا من ابادة اليسار الاندونيسي (500 الف قتيل) وصولا الي ماثر فرق الموت في غواتيمالا (200 الف قتيل) مرورا بحمامات الدم التي نفذت لحساب الامبراطورية بواسعة مسعوري الجهاد العالمي لان واضعي استراتيجية احتواء الشيوعية بواسطة قنابل النابالم ومن بعدهم مجموعة من المتهورين لنشر الفوضي الخلاقة بواسطة الرعب المستورد لم يشعلوا النار ويسيلو الدماء في الكرة الارضية فقط بل ان مروجي الحروب هؤلاء دمي متحركة في ايدي الدولة العميقة الاميريكية المقيمين في الكونغرس والبيت الابيض ومراكز الابحاث التابعة للمحافظين الجدد قد اغرقوا المجتمع الامريكي نفسه في حالة ركود داخلي يختبئ خلف قناع الاستخدام المحموم لطباعة العملة لانه اذا كان الولع بالحروب هو عن تقهقر الولايات المتحدة فانه ايضا السبب في ذلك التقهقر انه التعبير حين تصبح العلامة الفارقة للسياسة الخارجية الامريكية في سبيل وقف هذا التقهقر هي التدخلات العسكرية الوحشية وعمليات تخريب الاقتصادي وعمليات الخداع هو السبب حين يتسبب التضخم الجنوني في النفقات العسكرية بالتضحية بالنمو في بلد فيه يزداد الاغنياء عني ويزداد فيه عدد الفقراء في الوقت الذي تستثمر فيه الصين في البنى التحتية المدنية، تتخلى الولايات المتحدة عن تلك البنى لمصلحة صناعة السلاح، تتفاخر واشنطن وتتحدث بصخب في الخارج لكنها تترك البلاد تتفسخ في الداخل الناتج المحلي الإجمالي هائل بالنسبة لعدد السكان، لكن ٢٠% منهم يقبعون في الفقر. السجون مكتظة، يشكل عدد السجناء الأمريكيين ٢٥% من عدد السجناء حول العالم و٤٠% من السكان مصابون بداء السمنة معدل أعمار الأمريكان ٧٩.٦ سنة تأتي بعد معدل أعمار الكوبيين ٨٠ سنة، كيف يمكن لبلد اشتراكي صغير خاضع للحصار ان يكون افضل من قوة عظمى رأسمالية مكللة بالهيمنة الكونية؟ الجواب هو اننا يجب ان نصدق ان العناية الصحية لعامة الشعب في الولايات المتحدة ليست من اولويات النخب.
ربح دونالد ترامب وهو منافس بارع، انتخابات سنة ٢٠١٦م بوعوده باستعادة عظمة الولايات المتحدة وبتعهده باستعادة الوظائف التي ضاعت بسبب العولمة المتفلتة، لكن النتائج التي تحققت وبسبب غياب الإصلاحات البنيوية سكبت الماء البارد على شعوذاته الملتهبة، حيث ارتفع العجز التجاري الأمريكي مع بقية العالم الى رقم قياسي سنة ٢٠١٨م ليبلغ ٨٩١ مليار دولار وليسحق الرقم السابق في ٢٠١٧م والذي بلغ ٧٩٥ مليار دولار.
فشلت الادارة الأمريكية بشكل كامل في تغيير خلال السنتين ٢٠١٧م و٢٠١٨م من عهد ترامب الأسوأ في تاريخ امريكا من ناحية التجارة يلعب الاختلال في التوازن بالمبادلات مع الصين الدور الكبير في هذا العجز، حيث بلغ في سنة ٢٠١٨م ما مقداره ٤١٩ مليار دولار وهو رقم قياسي تاريخي يتجاوز الحصيلة الكارثية لسنة ٢٠١٧م التي بلغت ٣٧٥ مليار دولار، لقد فاقمت الحرب التجارية التي انخرط فيها ترامب العجز التجاري الامريكي، ففي الوقت التي تواصل فيه المستوردات الامريكية من المنتجات الصينية بازدياد اكثر من ٧%، قلصت الصين وارداتها من الولايات المتحدة. اراد الرئيس ترامب استعمال سلاح الرسوم الجمركية لاعادة التوازن الى الميزان التجاري لم يكن ذلك امراً غير شرعي، لكنه غير واقعي بالنسبة لبلد ربط مصيره بالعولمة التي فرضتها الشركات الامريكية. العابرة القومية واذا اضفنا الى ذلك العجز التجاري مع اوروبا والمكسيك وكندا وروسيا قد تفاقم ايضاً، يمكننا قياس الصعوبات التي تضرب القوة العظمى المتداعية، لكن ذلك ليس كل شيء، اذ انه بالاضافة الى العجز التجاري فقد تعمق العجز في الميزانية الاتحادية ٧٧٩ مليار دولار مقابل ٦٦٦ مليار دولار في سنة ٢٠١٧م. لقد ارتفعت النفقات العسكرية بشكل مذهل، حيث ان ميزانية وزارة الدفاع لسنة ٢٠١٩م هي الاعلى في تاريخ امريكا وقد وصلت ٦٨٦ مليار دولار، بينما انفقت الصين في السنة ذاتها ١٧٥ ملياراً رغم ان عددها سكانها يبلغ اربعة أضعاف سكان امريكا.
وكذلك ضربت الديون الامريكية رقم فلكياً.
إذن أن تقدُّم أمريكا في العالم ذاهب الى الانهيار، وان الصين في طريقها لكسب السباق.
قريباً تكون الصين أكثر تفوقاً من أمريكا وهي الآن في حافة الانهيار.